أخبار

ابتسامة الخبز

ابتسامة عريضة ارتسمت على محيا ابنتي الطالبة الجامعية “ملاذ” حينما شاهدت كيس خبز وضعه والدها في السابعة صباح أمس المجاور لمقعدها في السيارة من غير العادة.. كان المخبز الحديث بالحارة السادسة أم درمان خالياً من رواده .. تناثرت الرغيفات في الطاولة تنتظر المشتري.. البرد القارص حبس الناس في البيوت .. وعطلة (السبت) جعلت الأغلبية تغط في نوم عميق من كدرٍ وهم وغم.. وقد أصبح الحصول على عشر قطع من الخبز الحافي سبباً لرسم الابتسامة في وجه جيل مقهور.. يخرج منذ الصباح بحثاً عن ثلاثية الوقود والخبز والجنيه.. وساستنا في وادي الأحلام وتعديل الدستور والانتخابات وصراع (الديك والصقر) على فتات وطن.. بات في مهب الريح.. لأن الراحل الدكتور “محمد الواثق” حينما غادر جامعة الخرطوم إلى ليبيا القذافي كتب قصيدته الأشهر التي يقول في أحد أبياتها: “ما كنا نعاني ضيق معيشة لو ساد في السودان أهل البصائر”.. نعم ضيق المعيشة الذي نكابده والهم الذي يسكن دواخلنا هو ثمرة لحصاد زرع نخب تنفيذية وسياسية من أجل الطاعة بددوا ثروات البلاد في المؤتمرات والعمارات السامقة.. ومهرجانات السياحة والتسوق.. والدورات المدرسية .. وذهبت عائدات البترول إلى جيوب (القطط السمان) التي لا تطالها المحاسبة ولن تبلغها حملة محاكمة الفساد لأنها من (ثوابت الدين وثوابت الشريعة وثوابت الوطن كما يزعمون)..النخب القابضة على مفاصل الحكم تستحي من قول الحقيقة ومصارحة الشعب بأسباب الحصار الجائر المفروض على البلاد.. حتى يستبين خيط السياسة من نسيج المؤامرة الخارجية .. وإذا كانت الولايات المتحدة قد حاصرت أغنى دولة بترولية في أمريكا الجنوبية حتى اضطر رئيسها “نيوكلاس ما دورو” إلى الحج في الشتاء إلى الكرملين وتقديم طلب مشفوع بالانتماء العقائدي للحزب الشيوعي للرئيس “فلادمير بوتين” لتقديم المساعدات المالية لحكومة فنزويلا التي أرهقتها سنوات الحصار بعد موت المعلم “هوغو شافيز” حليف “كاسترو” ، وبسبب الانتماء العقائدي وخيارات الشعب الفنزويلي بالتصويت لليسار المعادي للولايات المتحدة ، تعرضت فنزويلا لحصار وتجويع.. وتهجير لسكانها حتى بلغ عدد المهاجرين (3) ملايين إنسان.. والسودان الذي بدل تحالفاته بصورة مفاجئة. واقترب من محور السعودية وأبوظبي وقطع علاقاته مع إيران تعرض لحصار غير معلن وحرب خبيثة لم يشفع له الدم الذي ينزف من جسده في اليمن.. ولم يقدر الحلفاء العرب خطوة قطع صلاته بإيران.. ولم تشأ النخبة السودانية الحاكمة كشف المسكوت عنه عن أسباب حصارنا وتجويعنا.. فهل (جنينا) في حق أحد حتى نتعرض لهذا الحصار ويصبح الحصول على قطعة الخبز أو جالون الجازولين سبباً للابتسامة والشعور بالفرح.. والزهو..؟ إلى أين نحن نسير ونمضي؟؟!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية