بالأمس، وأنا بصيدلية الإمدادات الطبية بالخرطوم، لصرف وصفة طبية، حيث نجلس في الانتظار (الدور)، فقد هالني التنظيم والترتيب في حفظ حقوق المنتظرين لصرف الدواء.. وهنا أشكر القائمين على أمر تنظيم العمل بهذه الصيدليات المهمة والتي تصرف الدواء غير المتوفر بالصيدليات العامة، وهي بذلك تقدم خدمة جليلة للمرضى (الكثر).. نعم عندما تزور هذه الصيدليات يخطر ببالك أن كل أهل السودان مرضى نسأل الله أن يمتعهم بالصحة والعافية.
ولمعالجة هذا الاكتظاظ اقترح أن تكون هنالك أكثر من صيدلية في الخرطوم مثلاً، حتى يتم تلافي الاكتظاظ.. وعلى سبيل المثال تكون هنالك صيدلية في (الكلاكلة اللفة) لخدمة كل المنطقة الجنوبية، وأخرى في الاتجاه الشرقي لتخدم تلك الصيدلية مواطني المناطق الشرقية من الخرطوم.. فصيدلية واحدة في الخرطوم لا تكفي.. أيضاً ينطبق الحال على بحري وأم درمان.. بأن تكون هنالك أكثر من صيدلية.
فبينما نحن في انتظار (الدور)، قالت لي إحدى الأخوات التي تجلس بجواري بعد أن صرفت دواءها.. قالت لي (الحمد لله من هنا وعلى صف الخبز) !!
نعم إنها بلد الأزمات والصفوف (من صف لصف) وقد ضربت صفوف الجازولين والبنزين طوال الفترة الماضية وما زالت .. ضربت الرقم القياسي وتجاوزت الأرقام المسموح بها عالمياً.. صفوف حيرت الجميع حتى أصبحنا نتساءل عنها عندما تختفي وتكون قد (وحشتنا).. لأننا اعتدنا عليها.. وقد ذكرتني هذه (الوحشة) طرفة تحكي أن أحد المواطنين قد هجر أهله بسبب مشكلة ما، وعاش بعيداً، حيث جعل من شاطئ النيل مقراً له على أمل أن تحل مشكلته ويرجع إلى داره.. وبات يومياً يتمتع بالمنظر الجميل من النيل والمياه المنسابة.. وكان يجلب السمك من البحر ويقوم بشوائه كوجبة أساسية، وبعد أن تم حل مشكلته جاء إليه أهله فرحين بحل المشكلة، وأنه يجب أن يرجع إلى أهله وعشيرته، ولكن كانت المفاجأة الكبرى أنه رفض وقال لهم: (لا ما ماشي معاكم أنا تعودت على الجو دا)!!
فالسؤال الذي يفرض نفسه.. إلى متى يستمر هذا الحال؟.. كما نتمنى أن يتم تنويرنا بالمشكلة الحقيقية لهذه الأزمات.. فعندما نتعرف على الأسباب الحقيقة.. حتماً سنصمت.. بل ونشارك في حلها، فقط من أجل المصلحة العامة ومن أجل السودان الذي نحبه:
أحبك مما قمت .. أحبك حتى الآن .. أحبك يا سودان
همي أشوفك عالي
ومتقدم طوالي
وما بيخطر على بالي
غير بس رفعة شأنك وتقدم إنسانك