الديوان

البروفيسور “طه طلعت” فشلت في إجراء أول عملية زائدة

حوار - صلاح حبيب

الدكتور “طه أحمد طلعت” يعد من أبرع اختصاصي الأنف والأذن والحنجرة وهو لم يكن طبيباً عادياً بل له جوانب مختلفة حاولنا من خلال هذا الحوار أن نتعرف على جانب آخر من حياته، مولده، نشأته، دراساته، كيف عمل بالحقل الصحي، والمحطات الهامة في حياته، مدن راسخة بذاكرته، الفن والغناء في حياته، فنقدمه للقارئ عبر هذه المساحة.
“طه أحمد طلعت” من مواليد مدينة أم درمان، حي بانت، ويقال إن ميلادي كان مع ميلاد نغمة التمتم.. لم أمكث كثيراً بمدينة أم درمان نظراً لتنقل والدي الذي كان يعمل بالسكة الحديد فاستقريت بمدينة عطبرة مضرب المثل بالنظام والانضباط والنظافة.. وفي عطبرة كانت بدايتي الدراسية ومن ثم عدت إلى الخرطوم فأكملت المرحلة الوسطى بمدرسة الأقباط المصرية ومنها انتقلت إلى مدرسة الملك فاروق ومنها التحقت بكلية طب عين شمس وتخرجت منها في العام 1958م.
{ هل تذكر أبناء الدفعة من السودانيين والمصريين؟
– من السودانيين أذكر دكتور “الهادي أحمد الشيخ” ودكتور “عبد العزيز” ودكتور “حسن وهبي” ودكتور “خالد الحاج” ود.”حسن قريش” ودكتور “الرشيد بدوي” ودكتور عبد القادر خميس”.. أما الزملاء المصريين فأذكر الدكتور “عبد الله” من أكبر اختصاصي الأمراض الجلدية بمصر ودكتور “سليمان” من اختصاصي السمعيات بمصر ودكتور “ناجي راغب” ودكتور “رزقي عبد المسيح” ودكتور “مصطفى السنهوري”.
{ هل كانت لديك هوايات وأنت بمصر؟
– كنت أصدر صحيفة حائط باسم الأصدقاء ولكن توقفت بقرار من الحرس الجامعي.
{ والسبب؟
– كانت تتناول قضايا تقدمية.
{ هل هذا يعني أنك كنت تميل للمعسكر الاشتراكي؟
– كانت فترة شباب وحماس وأذكر خلال فترة العدوان الثلاثي على مصر، حاولنا أن نسير مظاهرة تضامنية مع مصر، ولكن الحرس الجامعي رفض، وقال لنا لو قلتوا يعيش “عبد الناصر” سوف أمنعكم لأن التجمعات والتظاهرات هنا ممنوعة.
وأذكر أيضاً وفي نفس العدوان حصلت على بندقية وذهبت إلى القتال ولكن لم أطلق طلقة واحدة ومن هوياتي الأخرى اللعب بالسلاح (المبارزة).
{ كرة القدم والفرق الرياضية الأخرى؟
– تركت كرة القدم منذ أن أصبت وأنا طالب بعطبرة في مباراة (دافوري) ولذلك ابتعدت عن اللعب والتشجيع والآن ليس لدى فريق أقوم بتشجيعه.
{ ذكرت أنك كنت ضمن المعسكر الاشتراكي هل ظللت به أم تركته؟
– لقد اعتدت في الوسط واعتقد أن الإسلام أول دين جاء بالاشتراكية ولكن لعدم فهم الناس به فصل الدين عن المضامين الاشتراكية ومن مضامينه الديمقراطية.
{ بعد تخرجك كيف تم التحاقك بالعمل الصحي؟
– تقدمت بصورة عادية ووقتها الالتحاق بالحقل الصحي لأي طيب خريج كان سهلاً.
{ وأول محطة عملت بها؟
– أول محطة كانت بمستشفى الصدرية الخرطوم ومن ثم عملت بقسم الأطفال ثم العيون ولكن احتججت باعتبار أن الأقسام التي عملت بها كانت صغيرة فقلت للدكتور “حسين محمد حسين” مدير قسم العيون بأنني لست راغباً في العمل، ولكن أخيراً وافق فانتقلت لمستشفى أم درمان فعملت بقسم الجراحة.
{ وأول عملية أجريتها؟
– كانت الزائدة الدودية ولكن فشلت فيها لأنني وبعد خمسة عشر يوماً من التحاقي بالقسم طلبت من الجراح المسؤول من القسم وكان يطلق عليه الجراح الألماني وهو جراح (مهول) لم يقتنع ولكن لإصراري وافق عندما عجزت عن استخراج الزائدة طلبت منه مساعدتي ولم يستغرق دقائق فأخرجها.
{ وبعد مستشفى أم درمان إلى أين اتجهت؟
– مستشفى أم درمان قضيت فيها أجمل فترات عملي في مجال الطب فمنها انتقلت إلى مستشفى الخرطوم.
كان الدكتور “عبد الحليم محمد” أمد الله في عمره وكان يطلق عليه أبو الطب وأبو الرئاسات.
{ والمحطة الأخرى؟
نقلت إلى الفاشر ثم الجنينة ووقتها كنت مسؤولاً عن مكافحة السحائي ومن ثم دخلت في منافسة التخصص في مجال الأنف والأذن والحنجرة.
{ هل تذكر الأطباء المتنافسين معك؟
– أذكر الدكتور “منير إبراهيم خليل” والدكتور “مختار عبد الله الحاج” والدكتور “عبد العزيز عبد الكريم” وآخرين ثم أخضعنا لامتحان الزمالة وكان العدد (19) طبيباً فأنا الوحيد الذي نجح في الأنف والأذن والحنجرة ومن الجراحة الدكتور “ميرغني سنهوري” و”علي عبد الكريم” و”أبو زيد عطا المنان” فتم استيعابنا الأربعة كنواب بمستشفى الخرطوم فالعمل بالمستشفى كان مرهقاً لكثرة العمل وقلة الأطباء.
{ والمحطة الأخرى بعد مستشفى الخرطوم؟
– ذهبت في بعثة دراسية لإنجلترا للتخصص في مجال الأنف والأذن والحنجرة وبعد أن أكملت الدراسة حاولت البقاء بإنجلترا ولكن وكيل وزارة الصحة الدكتور “عثمان عبد النبي” طلب مني العودة للسودان.
{ كيف تتأمل في وظائف الأنف والأذن والحنجرة؟
– الآن هي أداة التعلم الأساسية عند الإنسان وذكر في القرآن أن الأذن والنظر جاءا متلازمين ما يقارب (12) وفي مرتين جاء البصر قبل السمع والعشرة وجاء السمع قبل البصر وكل المعلومات ذات الطبيعة العالمية مربوطة بالأذن ولذلك أصبحت هناك لغتان لغة سمعية ولغة بصرية فللغة السمعية تشكل (95%).
{ وما هي الأمراض التي تصيب الأذن؟
– منها أمراض الأذن الخارجية والأذن الوسطى وأمراض الأذن الداخلية وهذه نادرة لا تحدث إلا عند كبار السن أما أمراض الأذن الخارجية والوسطى فلا تسبب صمما ولا دوار كما يشاع.
{ وكيف يفقد الإنسان سمعه؟
– فقد السمع إما أن يكون أثناء الحمل أو أثناء الولادة أو بعدها.
{ هل مدارس الصم عندكم حكومية أم خاصة؟
– هي خليط بين الاثنين ويجب أن تدعمها الدولة ومنظمات المجتمع المدني.
{ هل مدارس الصم بها منهج خاص؟
– أبداً فهم يدرسون نفس المنهج العام لوزارة التربية.
{ وكيف يدرسون؟
– يدرسون عن طريق اللسان والتنطيق عن طريق الشفاه ويعملوا ذلك عن طريق القراءة والكتابة بل بدأنا تعليمهم الكمبيوتر ومنهم من دخل الجامعات.
{ بعد تخرجهم هل يستطيعون العمل في كل المهن؟
– من المستحيل أن يعملوا كأطباء أو صيدلانيين أو موسيقيين ولكن يمكن أن يعملوا مهندسين.
{ كم عدد المدارس التي يدرس بها الصم؟
– لدينا (14) مدرسة أساس ولدينا المدرسة القومية الثانوية ونجح منها سبعة تلاميذ من ستة عشر امتحنوا هذا العام.
{ لو حاولنا أن نتعرف على جانب آخر من حياتك في مجال الفن والغناء؟
– أنا من محبي الفن والغناء ولدى علاقات حميمة بالموسيقار “محمدية” و”عربي”.
{ أيام الفرح التي عشتها؟
– أيامي كلها فرح.
{ أيام الحزن بذاكرتك؟
– عند وفاة شقيقي ووالدي.
{ مدن راسخة بذاكرتك؟
– الدامر داخلياً والقاهرة خارجياً.
{ ماذا يمثل لك الليل؟
– في الماضي كان الليل للفرفشة أما الليل الآن للهدوء والراحة والنوم المبكر.
{ وأسعد ليل بالنسبة لك؟
– عندما أنوم مرتاحاً.
{ هل تخطط لحياتك يومياً؟
– نعم وليس لليوم ولكن أحياناً لأسبوع.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية