تقارير

فك احتكار شراء وبيع وتصدير الذهب هل يكون الأخير؟

الرئيس وشعبة مصدري الذهب يباركون القرار

الخرطوم ـ رقية أبوشوك
قرارات ومنشورات عدة صدرت من بنك السودان المركزي خلال الفترة الماضية بشأن الذهب شراءً وبيعاً وتصديراً.. حيث لم يكن قرار فك حظر تصديره لشركات القطاع الخاص الذي صدر يوم أمس من الحكومة هو الأول من نوعه، فقد سبقه احتكار التصدير لبنك السودان حيث تم سحب التراخيص من عدد من الشركات العاملة في مجال الذهب، ومن ثم حصر البيع والشراء والتصدير للذهب لإدارة بنك السودان المركزي، على أن يشتري من المعدنين التقليديين وشركات الامتياز، وعندما أعلن مجلس الوزراء القومي حزمة القرارات الاقتصادية في أكتوبر الماضي كان من بينها الإعلان عن شهادة (بريق) التي تختص بالذهب والتي دشنت في احتفال مسائي بقاعة الصداقة بالخرطوم
حيث دشن رئيس مجلس الوزراء، “معتز موسى”، وزير المالية، انطلاق صندوق الذهب الاستثماري (بريق). وحينها أكد مدير شركة الخدمات المالية، “خميس أبو عامر” خلال الحفل ، أن (بريق) صندوق قصير الأجل بصيغة المضاربة في شراء وبيع الذهب، أجله (12) شهراً قابلة للتمديد.، لكن قبل أن تكتمل الفترة المحددة صدر قرار جديد حول مجرى تصدير الذهب وأعطي للشركات.
اجتماعات سبقت القرار والرئيس يبارك ..
الأيام القليلة الماضية شهدت اجتماعات مكثفة بين رئيس مجلس الوزراء، وزير المالية والتخطيط الاقتصادي “معتز موسى” ووزير النفط والغاز والمعادن ومحافظ بنك السودان المركزي ونائبه ووزير الدولة بالمالية .. شهدت اجتماعات مع شعبة مصدري الذهب التابعة للغرفة التجارية كانت نتيجة هذه الاجتماعات الاتفاق على تحرير صادر الذهب وفتحه لجميع الشركات، أي فك احتكار تصدير الذهب وجعله محرراً.
وتعضيداً لهذا الاتفاق أكد رئيس مجلس الوزراء خلال تغريدة له على تويتر أمس (الاثنين) بالقول : (بمباركة رئيس الجمهورية ، قررنا شمول باب صادر الذهب بمشاركة القطاع الخاص، وأضاف: (بنك السودان المركزي سيتولى الإجراءات الضرورية لإدخال عائد الصادر في الاقتصاد القومي)، وزاد : (نمضي في مسيرة الإصلاح الاقتصادي).
نعم الدولة تعول كثيراً على الذهب باعتباره المورد الاقتصادي الأول بعد ذهاب أكثر من (70%) من النفط مع الانفصال، لذلك شهد الذهب كثيراً من السياسات، وكان آخرها منشور بنك السودان المركزي أكتوبر، والخاص بضوابط شراء وتصدير الذهب والذي عدل منشوراً سابقاً وبالأمس كان قرار التحرير الذي باركه رئيس الجمهورية.
(150) طناً إنتاج البلاد من الذهب:
رئيس شعبة مصدري الذهب “عبد المنعم الصديق عالم” أكد لـ(المجهر) أن قرار تحرير الذهب سيكون له أثر إيجابي على الوضع الاقتصادي بصورة عامة وأثر إيجابي آخر على ميزان المدفوعات، وسيؤدي إلى توفير عملات مقدرة تمكن من الاستفادة لسد احتياجات البلاد، وتوفير السلع الإستراتيجية وخفض الضائقة المعيشية التي تعيشها البلاد، مؤكداً أن السودان يتمتع بإنتاج وفير من الذهب يقدر بـ(150) طناً سنوياً بعائد متوقع يبلغ (5) مليارات دولار، مشيراً إلى تفاؤل المصدرين وتجاوبهم مع القرار خاصة ونحن جزء أصيل من الشعب السوداني، كما أننا سندفع بقوة من أجل زيادة صادر الذهب حتى نساهم بصورة كبيرة في جلب السلع الأساسية.
وفيما يختص بالتهريب، أكد “عالم ” : سنحارب التهريب والذي كان سببه فارق السعر بين المحلي والعالمي، وأضاف (الآن الفجوة تم ردمها)، مؤكداً أن التهريب سينتهي.
أما المحلل والباحث الاقتصادي د. “هيثم محمد فتحي” أكد لـ(المجهر) معلقاً على تحرير الذهب :(في تقديري القرار صحيح إلا أن نجاحه يستلزم الشراء للمصدرين عبر مكان محدد لـ( نواة بورصة ) للإحصاء والمتابعة وإعلان الأسعار والكميات التي تنفذ في اليوم وسعر صرف آخر لدولار صادر الذهب تحدده الآلية واستخدامات للحصيلة لمن يستطيع تحمل التكلفة العالية ( حكومة وقطاع خاص)، شريطة ألا يستخدم في سلع تمس معاش الناس على أن يستمر الوضع إلى حين تقارب السعرين للدولار.
وقال :(لطالما هنالك سعران للدولار والسعر الأقل يحسب به عائد الصادر لن يتوقف التهريب، فالمصدر يبيع حصيلة الصادر بالسعر الأقل ويشترى الذهب بسعر السوق الموازي بالخسارة، وتساءل (دى كيف تكون؟).. وقال يبدو إن بنك السودان عول على إيقاف ضخ السيولة لشراء الذهب كأولوية، ثم عول على شراء البنوك لعائد صادر الذهب بسعر غير سعر الآلية مما يعنى توقف سعر الآلية وليكون تحرير الدولار كاملاً وفق آلية السوق، وقال إن بيان شعبة مصدري الذهب لم يتحدث عن السعر المقابل بالجنيه مما يعني فعلاً التحرير الكامل.
وقال: إن انتقال الذهب من المعدنين إلى الشركات المصدرة لن يكون سهلاً وسيكون مكلفاً مما يعقد من عملية الصادر.
لكن الخبير الاقتصادي د. “عبد الله الرمادي” أبدى عدم تفاؤله بالقرار الجديد، وطالب بضرورة أن تحافظ الحكومة على الذهب باعتباره ثروة قومية، واقترح إنشاء شركة مساهمة عامة يساهم فيها البنك المركزي بالنصيب الأكبر ويكون له الإشراف عليها نيابة عن الحكومة بمشاركة القطاع الخاص بالرأسمال، والجمهور وكل من يرغب في شراء أسهم تلك الشركة العامة، وأشار إلى أن ما صدر من قرار تم تجريبه من قبل، ومنح القطاع الخاص الفرصة ولم تكن النتيجة إيجابية.
القرار سيقلل من التهريب:
د. “محمد الناير” الخبير الاقتصادي والمحلل المعروف وصف الخطوة بالمتميزة قائلاً :(بالنسبة لفك احتكار بنك السودان لشراء وتصدير الذهب المنتج من القطاع التقليدي والسماح للقطاع الخاص بالشراء والتصدير يكون بنك السودان قد أعاد الأمر إلى ما كان عليه قبل الإيقاف، وهذه خطوة متميزة، ولكنها لن تكون بديلاً للبورصة، فمن إيجابيات هذا القرار أن الأموال التي تستغل في شراء الذهب ستكون أموالاً حقيقية من داخل النشاط اﻻقتصادي، وبالتالي بنك السودان لن يحتاج إلى طباعة عملة كانت تذهب لشراء الذهب في مناطق نائية أثناء الاحتكار، وأضاف (ولا تعود داخل القطاع المصرفي)، مشيراً إلى أن هذا القرار سيقلل من تهريب وتخزين الذهب ويزيد من حصيلة عائدات صادر الذهب ومن المفترض أن تكون هذه مرحلة انتقالية لإنشاء بورصة الذهب.
وأكد لـ(المجهر)، أمين شؤون العضوية بغرفة صادر الذهب “أيمن محمد خوجلي أحمد” ،أن قرار التحرير سيؤدي إلى انخفاض سعر الذهب ويؤدي إلى توفير (الكاش) بالبنوك بطريقة الدفع المقدم، ويوفر عملة أجنبية تباع باتفاق مع بنك السودان والبنك التجاري والمصدر للذهب، مشيراً إلى أنه اتوماتيكي فإنه يؤدي إلى توفير النقد داخل البنك بطريقتين (أجنبي ومحلي)، وقال: (شراء الذهب أرهق الحكومة والمركزي ولنا تجربة سابقة في تصديره مصحوبة بكل الإيجابيات في 2008 إلى 2011) بشهادة المحافظ الحالي، مؤكداً أن هذه المعطيات تحد من التهريب وتحافظ علي سعر ذهب مربح للتاجر والمركزي والمستورد والبائع والمعدن بتنافس حر وشريف حتى ينخفض سعر الصرف، لأن عمليات صادر الذهب من شراء وتصفية وتخزين وتصدير وعودة حصائله أسرع من أي سلعة تزرع في الأرض، أي أن عائده سريع، مشيراً إلى أن الذهب في تعدينه وتجميعه وتصديره وتحصيله أسرع من مقاصة الأوراق، فبمجرد ما علم المستورد بالكمية سيقوم بإيداع المبلغ.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية