مسألة مستعجلة

تحديات فك حظر تصدير الذهب!!

لم أتفاءل بالقرار الأخير للحكومة بفتح صادرات الذهب للشركات وتحرير عملية بيعه وشرائه، رغم أنه وجد تأييداً واسعاً من شعبة مصدري الذهب وعدد من الخبراء والاقتصاديين، من واقع أن ذات القرار قد صدر من قبل وكانت النتيجة العودة لاحتكار الحكومة لتصدير الذهب عبر بنك السودان المركزي، دوامة من القرارات المتتالية بشأن الذهب ولكن المحصلة لم تحقق المرامي الاقتصادية ولم تكن ذات جدوى.
تحفظي على القرار يأتي لأن الذهب بات ثروة قومية شأنها شأن البترول، لا تحتمل أن توضع بين يدي القطاع الخاص، ولا تحتمل التجريب، بل تستوجب أن تضع الحكومة عليها القيود والحماية من المضاربات خاصة وأن اقتصادنا يعاني حالة من الوهن يحتاج إلى رعاية من نوع خاص.. والسؤال لماذا لم تترك الحكومة التصرف في البترول للقطاع الخاص في سنوات ما قبل انفصال جنوب السودان.. السبب هو أن الحكومة كانت تتعامل مع البترول كثروة قومية وسيادية من حيث الإنتاج والتصدير، وكان القطاع الخاص حاضراً من خلال الخدمات.
الحكومة تريد بقرارها الحالي، حل مشكلة السيولة ومنع تهريب الذهب إلى خارج البلاد، ولكن واقع الحال أنه يصعب التحكم في نفوس المنتمين إلى الجهات التي تقوم بعملية البيع والشراء، والحكومة تعول على الذهب كمورد أول للعملة الأجنبية وقد فشلت كل المعالجات لتوفيرها، فبات مصير سعر الصرف بين يدي السماسرة والمضاربين يتحكمون في البيع والشراء، واضطرت (آلية السوق) المعنية بتحديد سعر الصرف يومياً، إلى مجاراة السوق الأسود وليس العكس كما أرادت الحكومة، فسحة تحرير الذهب تعطي احتمال التلاعب والتهريب للذهب فرص أكبر، كيف لا والقيود والتدابير الأمنية التي كانت تحميه قد تم فكها بموجب قرار التحرير هذا، لو أرادت الحكومة للقرار أن يكون ذا جدوى ومصلحة عامة، فإنه يحتاج لبعض التدابير التي تحمي الذهب كثروة قومية.
لا بد من ضمانات كافية تقي من محاولات التلاعب بهذه الثروة الإستراتيجية والتي تبني عليها الحكومة أمنها القومي، مزيد من الحوار والتفاكر بهذا الخصوص لا يضير، بل سيجعل البلاد تستفيد منه لبناء اقتصاد قوي يقف حائط صد منيع أمام أي نكبات اقتصادية نتيجة للحصار الخارجي.. والله المستعان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية