{ من بين أهم المحطات في حياتي الإعلامية المتعددة تبرز قناة (أم درمان الفضائية) هذه المؤسسة (ذات الشامة) قدر الله أن أكون أحد المشاركين بمراحل تأسيسها الأولى من (الساس للراس) حيث كنت (ثالث ثلاثة) من مربع الفكرة ثم التخطيط والإعداد والتنفيذ تحت قيادة الأستاذ الإعلامي الفخيم “حسين خوجلي” والأستاذ الإعلامي والإداري المتميز والشاب الخلوق “معتز أحمد المصطفى” أول وآخر مدير تنفيذي لهذه المحطة، والذي استحق عن جدارة لقب مهندس الروائع البرامجية بقناة أم درمان (رد الله غربته).
{ الحديث عن تجربة قناة أم درمان الفضائية يحتاج لمساحات وأوقات بحجم التجربة.
{ هذه المقدمة كان لابد منها وأنا أهم بالحديث عن واحدة من العلامات الإبداعية الكبيرة في (أم درمان الفضائية) ألا وهي الإعلامية القديرة وصاحبة القلب الأبيض والابتسامة الصبوحة، الراحلة المقيمة، “نادية عثمان مختار” ويا سبحان الله هذه (النادية ندية الدواخل)، أول ما وضعت قدميها على عتبات (أم درمان) وجدت عند (بوابتها) شخصي الضعيف والزميل الصديق القوي الأمين الأستاذ “معتز أحمد المصطفى”، توسمت فينا الخير ورائينا فيها كل الصلاح والنجاح، طلبت منا مساندتها والوقوف بجانبها حتى يعتمدها (سيد القهوة) الكبير “حسين خوجلي” وقد كان، فأصبحت أول مذيعة يتم اعتمادها ويكتب اسمها في (دفتر الحضور)، ومنذ الوهلة الأولى لم تخيب ظننا، كانت قدر المسؤولية في كل المهام البرامجية، وكانت مثالا للتميز والانضباط والجدية.
{ تجربة “نادية مختار” هي الأخرى تحتاج لمساحات بحجم التجربة الكبيرة المثيرة، ولكن ونحن نعايش ذكرى رحيلها الخامسة، وددت فقط الإشارة إلى بعض جوانب تجربتها في تقديم البرنامج التلفزيوني الشهير (يوم الزيارة) باعتباري كنت أول منتج لهذا البرنامج الذي وجد، لتفقد أحوال (أصحاب التجارب المبدعة والمدهشة) بمختلف المجالات والاحتفاء بهم والتوثيق لهم وكان الزميل “المعتز المصطفى” المدير التنفيذي بالقناة والمشرف العام على جميع البرامج و(يوم الزيارة) من أول زيارة أعطانا الإشارة الخضراء بتميز (بت مختار) أكد لنا (شطارتها) في إدارة الحوار والدردشة التلفزيونية بتلقائية ممتعة وجاذبة ومفيدة.
{ اذكر أول الحلقات بدأت بزيارة تاريخية لمنزل الشاعر المخضرم الراحل المقيم “محمد علي أبو قطاطي” بـ(العجيجة) شمال مدينة أم درمان، وهذه الحلقة أخرجت “أبو قطاطي” من أسر الإحباط الذي بقي بداخله طويلاً بسبب المرض، واستطاعت “نادية” حينها أن تنقب في مناجم تجاربه وذكرياته، فخرجت بدرر من المعلومات الفنية والأحداث التاريخية والأسماء في حياة (أبو قطاطي).
{ أما الزيارة الثانية لم تقل إثارة ومتعة من الحلقة الأولى، كانت بمنزل القائد العسكري والرمز الدبلوماسي الفريق أركان حرب “عبد اللطيف دهب” أحد أفراد الدفعة رقم (3) في القوات المسلحة السودانية، وأول سفير للسودان بالمملكة العربية السعودية، واستطاعت “نادية” بذكائها واحترافيتها أن تسترجع مع الفريق والسفير “عبد اللطيف دهب” كل محطات الجيش والسلك الدبلوماسي، ثم توالت الزيارات لكل (البيوتات المبدعة)، فجاءت حلقة الشاعر الوطني الراحل “محمد عثمان عبد الرحيم” شاعر (أنا سوداني) بمنزله برفاعة، أكثر إثارة وزيارة الفنان الراحل “السني الضوي” والنجمة الدرامية السودانية “فايزة عمسيب”، والرائد المسرحي “منير عبد الوهاب”، والموسيقار “عبد الفتاح الله جابو” والفنان “عثمان اليمني” والفنان التشكيلي “إدمون منير” والموسيقار “بشير عباس” و من نجوم الإذاعة والتلفذيون “حمدي بدرالدين” و”عمر عثمان” و “الفاتح الصباغ”. والقائمة تطول.
{ وضوح أخير :
{ “نادية مختار” كانت بالحق خيارا من خيار وطراز فريد من الصحفيات المبدعات ومثال نادر للمذيعة المثقفة متقدة الفكر وحاضرة الذهن بالإضافة إلى كونها أديبة، طيلة عملنا معها لم تحوجنا لكتابة محاور ولا لنقاط تذكير ولا لجلسات تلقين كانت دائما في وضع (استعداد وإعداد بشطارة لكل زيارة).
{ أللهم أرحم “نادية مختار” واغفر لها، بعدد القطرات النادية بكل رياض الأزهار، وفي كل مواسم الإخضرار، وصبرنا على فقدها الكبير أنك على كل شيء قدير.