هؤلاء الاقتصاديون ماذا قالوا عن الميزانية: نعم الميزانية ليست أرقاماً فحسب وإنما هي توأمة بين منصرفات ودخل الدولة
اعتبر وزير المالية والاقتصاد الوطني “علي محمود” أن الموازنة الجديدة تمثل بداية جيدة لانطلاقة الاقتصاد السوداني بعد تجاوز آثار الانفصال، مؤكداً أن الموازنة تعتمد على موارد حقيقية يتم من خلالها تقليل الإعفاءات الضريبية ومحاصرة عمليات التهرب الضريبي إلى جانب تحصيل رسم اتحادي على ترخيص المركبات ومراجعة فئات رسوم الخدمات، وقدر إجمالي الإيرادات والمنح في الموازنة الجديدة بحوالي (25,211) مليون جنيه شاملة إيرادات الضرائب (15,1601) مليون جنيه، والمنح (1081208) مليون جنيه بينما قدر حجم الإنفاق بحوالي (3082203) مليون جنيه وأجور العاملين بالدولة حوالي (11,00107) مليون جنيه، فيما بلغ العجز حوالي (10,047,4) مليون جنيه.
ويرى الباحث الاقتصادي “خالد التجاني” أن الموازنة ليست أرقاماً فحسب وإنما هي توأمة بين منصرفات ودخل الدولة، أو انعكاس للحالة السياسية والخيارات السياسية المتاحة، معتقداً أن أولويات السلطة هي التي تحدد شكل وحجم الموازنة.
وقال خالد لـ(المجهر) إن سياسة الدولة تعاني حالياً من عدم الاستقرار وبالتالي تذهب معظم الأموال إلى بند الترتيبات الأمنية حيث قدرت بحجم مصروفات وزارة الدفاع بحوالي (4.744.591.864) جنيه، ومصروفات جهاز الأمن والمخابرات الوطني حوالي (1.454.195.000) وإيراداته صفر، ووصف الموازنة للعام 2013م بموازنة الأزمة، لأن أمور الحرب تعتبر أولويات المرحلة، ويقول “التجاني” إنه يترتب على الدولة في هذه الحالة الالتزام باتفاق التعاون، لتستقر الدولة أمنياً، فيما يرى أن مسألة العجز ليست مزعجة إلى هذا الحد بل وصفها بالمعقولة.
ولكنه يرى لابد أن يكون العجز مبرراً والدولة ليس لها سياسة رشيدة ولا إدارة للموارد، وبالتالي يصبح هنالك خلل في الإنفاق، ويرى أن الدولة لابد أن تتقيد بإنفاذ سياسات التقشف والإنفاق، وقال إن الحديث عن الذهب لا يعدو كونه سراباً ولا إنجاز في ظل غياب القطاعات المنتجة، لأننا لا يمكن أن نتحدث عن الصادر ومازلنا نستورد الغذاء المكمل، وعن مسألة الأجور والأزمة التي صاحبت إجازة الموازنة يقول إن الدولة وضعت خيارين أحلاهما مر، وهما إما أن ترفع الدعم عن المحروقات أو زيادة الضرائب، وزيادة الأجور والذي من شأنه أن يؤدي إلى زيادة أسعار السلع الاستهلاكية، وبالتالي زيادة التضخم، وقال إن هنالك خللاً واضحاً في مسالة الأجور، وأن الدولة مازالت تعاني من الترهل الحكومي والصرف البذخي، وقال إن مرتب دستوري يمكن أن يعادل مرتب (10) من العاملين بالدولة، ويرى أن الزيادات التي طالب بها العمال حقيقية مقارنة بالصرف على الدستوريين.
ويرى بروف “عصام الدين بوب”، في حديثه لـ(المجهر)، أن الموازنة تعتبر غير حقيقية في إيرادها لأرقام ذات موارد غير متاحة بيد الدولة في هذا العام أو العام القادم، ويعتقد أن حديث وزير المالية بخياري زيادة الأجور وربطها برفع مستويات الضرائب يقودنا إلى استنتاج مزيد من الضرائب وعلى سلع قد تكون أساسية ومهمة للمواطن دون أن يراعي للأزمة التي تعاني منها الدولة اقتصادياً، ووصف سياسة المالية بالعلاج العشوائي، وقال إن عدم انخفاض الإنفاق الحكومي يعتبر أكبر عيب يمكن أن يرتكبه المخطط الاقتصادي، في الوقت الذي تعاني فيه الدولة من تضخم ركودي أي ارتفاع أسعار السلع والخدمات مقابل تباطؤ في الدورة الاقتصادية، والسبب ـ حسب اعتقاده ـ السياسات الحكومية، وسرد “بوب” عدة نقاط، في تحليله للظروف والتحديات التي تمر بها الميزانية، واصفاً الموازنة بتعلم الحلاقة في رؤوس اليتامى واستخدام سياسات ضرب الودع، داعياً الجهاز التنفيذي بالدولة إلى الشفافية في الطرح وتمليك الشعب الحقائق كاملة.