معركة قانون أم سياسة؟
لن يخسر المؤتمر الوطني شيئاً إذا قدم تنازلاً عن موقفه من مادة واحدة من قانون الانتخابات الذي ذهب للبرلمان قبل الاتفاق عليه بين مكونات حكومة الوفاق الوطني في نسختها، ويقول د.”عبد المصطفى النو” وهو من قيادات المؤتمر الوطني النافذة جداً، إن الخلافات انحصرت فقط في مدة الاقتراع هل ثلاثة أيام كما ينص القانون المعروف أمام البرلمان والذي يقف ويسنده المؤتمر الوطني وحده، بعد أن تخلى عنه بين الرفاق في الحكومة.. وبين مطالب المعارضة يجعل الاقتراع يوماً واحداً!! وحيثيات رفض المعارضة للأيام الثلاثة مبعثها تزعزع الثقة في المؤتمر الوطني وفي أجهزة الدولة وموظفي الحكومة، الذين تحسبهم المعارضة من حاملي بطاقة المؤتمر الوطني، وبالتالي ينتاب المعارضة وأحزابها شكوكاً بأن بقاء الصناديق لمدة ثلاثة أيام من شأن ذلك (تمكين) المؤتمر الوطني من تزوير الانتخابات والتلاعب في أوراق الانتخاب، ويزعمون أن الانتخابات في 2010م، شهدت طرد الشرطة لمناديب الأحزاب التي كانت تراقب الصناديق ليلاً، لتمكين عناصر المؤتمر الوطني من التزوير وهي إدعاءات لا سند لها في الواقع.
المؤتمر الوطني هو الأكثر حرصاً على إجراء الانتخابات في موعدها والانتقال بالمعارضة من ميدان الصراع وساحة العراك إلى مربع التنافس، وبالطبع هناك اختلاف بين (الصراع والتنافس) وأي تنازل يقدمه المؤتمر الوطني من أجل هذا الهدف النبيل الذي (ينتقل) البلاد من حالة الاشتباك إلى حالة التعايش مطلوباً بشدة حتى تتنفس البلاد طبيعياً وفي (الجودية) الحلول الوسيطة إذا اختلف الناس حول شيء ما.. (يقتسمونه بالرضا).. فماذا (يشير) المؤتمر الوطني إذا تنازل من ثلاثة أيام إلى يومين أو قبل بموقف المعارضة ووافق على الاقتراع في يوم واحد فقط؟ وإذا كان المؤتمر الوطني يملك رصيداً من الجماهير في المدن والقرى والفرقان ويباهي دوماً برصيده الجماهيري فلن (يضيره) شيئاً إذا جرى الاقتراع في ساعة واحدة وهو يملك من المال والآليات المساعدة من إعلام وسيارات لإدارة حملته الانتخابية بنجاح، حتى لو خاضت المعارضة الانتخابات (متحالفة) على طريقة دائرة الصحافة جبرة بعد انتفاضة 1986م، حينما وقفت جميع الأحزاب خلف مرشح الاتحادي الديمقراطي “حسن شبو” لإسقاط الشيخ “حسن الترابي” زعيم الجبهة الإسلامية، وحققت المعارضة نصراً بطعم الهزيمة بحرمان الجمعية التأسيسية من عضو في مقام “الترابي” ووضعت تلك الدائرة الطوبة الأولى في بناية الانقلاب في 30 يونيو 1989م، أي بعد ثلاث سنوات فقط.
وتحالف الأحزاب المعارضة لن يهدد سلطة المؤتمر الوطني، وخوض أحزاب كبيرة من الأمة للانتخابات من شأنه إضفاء حيوية على الانتخابات وتغير قواعد اللعبة السياسية داخل البرلمان، بانتقال ثقل المعارضة من خارج المؤسسات إلى داخلها.. ثم المساومة في تشكيل حكومة القاعدة.. والمؤتمر الوطني مهما عصفت به العواصف وفي تقدير المتشائمين لن تقل نسبة حضوره في البرلمان عن نصف المقاعد، فلماذا الخوف والتردد وخوض معارك في غير معترك؟ وإذا كان “البشير” هو مرشح الوطني فالمعارضة مهما نشطت لن تنافسه شعبياً ووجود رئيس منتخب يجعل حتى أغلبية المعارضة في البرلمان غير ذات أثر كبير على الدولة وسياساتها، فلماذا الخوف؟ ومعركة البرلمان الحالية في أصلها تنافس سياسي وليس اختلاف مدارس قانونية.