نائب الرئيس “عثمان كبر”.. ملفات صغيرة وخفوت إعلامي!
صديق الإعلام السابق اختلف في المنصب الجديد
الخرطوم – رشان أوشي
منذ تعيين الدكتور “عثمان محمد يوسف كبر” يوم 10 سبتمبر 2018م، نائباً لرئيس الجمهورية، بات حضوره الإعلامي شبه معدوم مقارنة بظهوره عندما كان والياً على ولاية شمال دارفور لنحو ثلاثة عشر عاماً، حتى عُرف بصديق الصحافيين.
تميّز “كبر” بقدرته المميزة على الخطابة الجماهيرية، والتزامه القاطع بانتمائه العقائدي للحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني كعضو مكتبه القيادي، وظهوره الإعلامي الكثيف، حتى أصبحت ولايته مستضيفاً دائماً لعشرات الصحافيين في كل المناسبات، وأحياناً بدون مناسبة.
{ محطات مختلفة
عمل نائب رئيس الجمهورية معلماً في بداية حياته، وعرف بنشاطه السياسي في صفوف الحزب الحاكم منذ عقود، وانتُخب عضواً بالمجلس التشريعي لولاية شمال دارفور عن منطقته “الطويشة” المولود بها في 13 يناير 1955م.. وتلقى تعليمه الأولي بمدرستها الأولية، ثم اللعيت المتوسطة، ومنها إلى الفاشر الثانوية.. حصل على شهادة تدريب معلمي المرحلة المتوسطة (بخت الرضا) دبلوم تربية – كلية علوم التربية بخت الرضا، بكالوريوس شريعة وقانون (جامعة أم درمان الإسلامية)، ماجستير شريعة وقانون، ثم حصل على درجة الدكتوراه قبل أشهر.
كانت مسيرته السياسية حافلة بالأحداث.. بدءاً من موقعه كأمين عام الحركة الإسلامية بمحلية “الطويشة” منذ العام 1984، أول أمين للمؤتمر الوطني بمحلية الطويشة عام 1990، رئيس اللجنة الشعبية طويشة غرب خلال الفترة 1990 – 1994م ممارساً للعمل الإداري الرياضي بشرق دارفور، لاعباً في فرق رياضية بمختلف أنحاء السودان وممارساً للعمل الثقافي والاجتماعي والنشاط الطلابي، رئيس لجنة الإسكان والمرافق بمجلس منطقة أم كدادة، نائب رئيس المجلس التشريعي الأول لولاية شمال دارفور 1995-1999، رئيس المجلس التشريعي لولاية شمال دارفور 1999 – 2002، نائباً عن دائرة الطويشة للمجلس التشريعي الولائي لثلاث دورات خلال الفترة 1995م – 2003م ثم والي ولاية شمال دارفور 2003 – 2014م.
{ تداعيات
وحسب مصادر مطلعة فإن نشاط “كبر” الإعلامي الكثيف لم يكن يعجب جهات نافذة في الدولة، فقد ظلت علاقته المميزة بالصحافيين وقادة الرأي واهتمامه بالإعلام محط أنظار قيادة الدولة.
ثم اختفى “عثمان كبر” عن الظهور في الصحف لفترات طويلة بعد إقالته من منصب الوالي، ليعاود الظهور خلال فترة قصيرة عبر مجلس شورى المؤتمر الوطني الذي كان يتقلّد فيه منصب نائب الرئيس، ذلك المجلس الذي شهدت اجتماعاته جدلاً كثيفاً حول إعادة ترشيح الرئيس “البشير” لدورة رئاسية أخرى في انتخابات 2020م.. وكان قرار تعيينه نائباً للرئيس خلفاً للأستاذ “حسبو محمد عبد الرحمن” مفاجأة سياسية جذبت إليه أنظار الإعلام، إلا أنه ظل يرفض إجراء المقابلات الصحافية ولا يحبذ الظهور في الصحف.
قال عنه الكاتب والصحفي، رئيس تحرير صحيفة (الأخبار)، “مصطفى أبو العزائم”، في إفادته لـ(المجهر): (من خلال معرفتي بالسيد نائب رئيس الجمهورية الدكتور “عثمان محمد يوسف كبر” فإن قلة ظهوره الإعلامي تعود إلى رغبته في الإطلاع على تفاصيل الملفات الموكلة له، وهي كثيرة، ثم أنه لا يميل للتصريحات الكثيرة ربما بحكم تجربته كوالٍ سابق بقي على رأس السلطة في ولايته لسنوات طويلة، ثم أنه معلم، والمعلم عادة يحضِّر جيداً لما يريد أن يقدمه للآخرين ويكون حريصاً جداً في هذا الجانب)، وأضاف “أبو العزائم”: (منذ أن تولى منصبه الحالي لم يُجرِ حواراً صحافياً مع أية صحيفة سوى حوار واحد أجريته معه قبل أسابيع في كمبالا خلال انعقاد قمة البحيرات الأخيرة، وقد ألححت عليه كثيراً لإجراء الحوار واستطعت إقناعه بصعوبة، ولديّ قناعة تامة بأنه من أفضل الشخصيات التي يمكن أن يحاورها الصحفي، خاصة إذا ألمّ بما يريد أن يحاوره حوله).
وأفاد الصحافي اللامع مدير تحرير صحيفة (الرأي العام) “فتح الرحمن شبارقة” بأن هنالك حيثيات عديدة لتراجع أسهم النائب “كبر” في بورصة الإعلام، منها الشخصي والموضوعي. ومن الأسباب الموضوعية انتقال بعض الملفات المهمة والمثيرة للاهتمام الإعلامي من مكتب نائب الرئيس لجهات أخرى. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن ملف جمع السلاح كان هو الملف الأبرز بين يدي النائب ولكنه بعد تعيين “كبر” أصبح هذا الملف من مسؤولية النائب الأول لرئيس الجمهورية الذي انتقلت إلى مكتبه ملفات أخرى مثل الوجود الأجنبي والاتجار بالبشر وغيرهما من الملفات التي تثير اهتمام الإعلام أكثر من الملفات الشبابية التي أحيلت لنائب الرئيس في الفترة الأخيرة، وأضاف “شبارقة” في حديثه لـ(المجهر): (حتى ملف حقوق الإنسان الذي كان من اختصاص نائب الرئيس بالكامل أصبح إلى حد ما الآن بيد رئيس مجلس الوزراء القومي لأنه يتطلب تنسيقاً محكماً بين وزارات داخل إطار المجلس بالضرورة مثل العدل والخارجية والداخلية، لذلك فإن ما تبقى من ملفات على طاولة نائب رئيس الجمهورية لا تحظى بأي اهتمام إعلامي حتى من أقرب الإعلاميين إليه)، موضحاً أن هنالك أسباباً شخصية وراء (خفوت) ظهور “كبر” الإعلامي، فيأتي في مقدمتها أن “كبر” استغرق وقتاً طويلاً – ولا يزال- في السماع من المعنيين بالملفات في دائرة اختصاصه، ورغم أن ولايات دارفور بها مساحة واسعة للحراك الحيوي والعمل المنتج، لكن من الواضح أن “كبر” يريد أن يبدأ عمله خارج نطاق ولايات دارفور تفادياً للتصنيف والتنميط الذي طال البعض في وقت سابق وحتى لا يبدو أمام الرأي العام وكأنه نائب لرئيس الجمهورية لدارفور فقط، كما لم ترصد المراصد الصحفية – حتى الآن على الأقل- أية مبادرة لـ”كبر” جديرة بتسليط أضواء إعلامية كاشفة عليها في ظل أزمات البلاد المتناسلة.. وعلى خلفية ذلك، ظل ظهور “كبر” على أيام عمله والياً في ولاية شمال دارفور ربما أكثر من ظهوره الإعلامي بعد أن أصبح نائباً للرئيس يتحرك بطريقة تقليدية في المساحات المتوقعة داخل الصندوق.
من جانبه، لم يتفق الكاتب الصحفي ومقدم البرامج، رئيس تحرير وناشر صحيفة (أخبار اليوم) الأستاذ “احمد البلال الطيب” مع فرضيات انخفاض الظهور الإعلامي لنائب رئيس الجمهورية، وقال في إفادته لـ(المجهر) إن السيد “عثمان كبر” الذي نحفظ له تفهمه لأهمية ودور الصحافة والإعلام، قد قلّ ظهوره الإعلامي، ونعم في فترة توليه لولاية شمال دارفور كان أكثر انفتاحاً على الأجهزة الإعلامية والصحف، حيث تولى الولاية في ظروف دقيقة وصعبة عقب اندلاع أحداث دارفور، وظل طوال فترة توليه الولاية لأكثر من (١٢) عاماً منفتحاً ومتاحاً للأجهزة الإعلامية والصحفية، وعقب انتقاله لقيادة حزبه أيضاً بحكم موقعه السياسى كان أيضاً منفتحاً على الصحف والأجهزة الإعلامية.. وأضاف: (لكن عقب اختياره نائباً لرئيس الجمهورية، اختلف الوضع، حيث إن الأخبار الرئاسية المتعلقة بالنشاطات الرسمية اليومية تصدرها إدارة الإعلام برئاسة الجمهورية، وله الكثير من النشاطات والاجتماعات واللقاءات الرسمية اليومية، التي تنشرها الصحف وتبثها أجهزة الإعلام الرسمية والخاصة، وكما هو معلوم، فإن العمل بالرئاسة مقسم في شكل ملفات، وأيضاً هذه الأنشطة ترصد بواسطة إدارة إعلام الرئاسة، وطالعت حواراً صحفياً له بصحيفة خاصة، ما يعني مواصلة انفتاحه وتعامله مع الصحف، وعندما زرته مهنئاً بمنزله، علمت منه أنه بصدد تنظيم لقاء مع رؤساء تحرير الصحف وكُتّاب الأعمدة).
وبعد.. هل قصد نائب الرئيس تخفيض مساحات الظهور الإعلامي لسيادته، أم أن الملفات الموكلة إليه تحتاج إلى قدر من الخفوت؟