القضارف : سليمان مختار
مضت أكثر من ثلاثة أعوام على انطلاقة مشروع الحل الجذرۑ لمياه القضارف، الذي تقوم حكومة ولاية القضارف بتنفيذه ،إلا أن المشروع لم يكتمل إنجازه في كافة مراحله، الأمر الذي أثار عدداً من الاستفهامات ، ذلك المشروع الإستراتيجي فشلت الحكومات المتعاقبة في تنفيذه ،إلا أن حكومة “ميرغني صالح” استطاعت أن تنال شرفاً تاريخياً في تنفيذ المشروع وتبدد هواجس مواطني الولاية التي ظلت عالقة زهاء أربعة عقود من الزمان مع موجات العطش الذي يخيم على أحياء المدينة ،ويشتد حينما يحل فصل الصيف كل عام وترتفع فيه وتيرة شكاوى المواطنين من الحصول على مياه الشرب.
مشروع القرن كما يسميه بعض منسوبي الحكومة، ينظر له مراقبون أنه خصم على المسارات التنموية الأخرى، الأمر الذي أدى إلى حدوث اختلالات في المنظومة التنموية بالولاية ، جراء استنزاف المشروع وامتصاصه للموارد المالية الضخمة خاصة فيما يتعلق بتنفيذ الشبكة الداخلية . الحكومة راهنت على إنجاز المشروع خلال فترة أقصاها عامين إلا أن الواقع العملي والفعلي الماثل حالياً يشير بأن خطى العمل بالمشروع تمضي بصورة بطيئة ولا تزال تراوح مكانها. وثمة أسئلة باتت مشروعة حيال الفراغ من المشروع في الفترة المحددة لإنجاز المشروع الذي تطاول أمد تنفيذه لأكثر من ثلاث سنوات، وحكومة القضارف دأبت على نفي وجود أي عقبة بشأن توفر الاعتمادات المالية أمام سير المشروع الذي تحول من مصدر للفخر إلى مصدر للتندر بسبب غياب الشفافية والوضوح وتبصير الرأي العام بمسارات العمل في قطاعاته المختلفة على خلفية السياج القوي وحالة التعتيم التي تفرضها وزارة المالية بالولاية على مسارات سير العمل بالمشروع دون أي مسوغات واضحة، الأمر الذي أدى إلى استهجان المواطنين ،ونجم عنها حالة من السخط وعدم الرضا تسيطر على المواطنين حول مآلات سير المشروع والوعود المتكررة من قبل حكومة الولاية لاستكماله في فترة المحددة ،و يرى مراقبون أن الشارع لم يعد يأبه لتلك التصريحات والوعود المتكررة بشأن الفراغ من المشروع.
بالمقابل أرجع نائب الولاية عن دائرة القضارف الشمالية بالمجلس الوطني “علي عبد اللطيف” تأخر إنجاز المشروع في الفترة المحددة إلى السياسات والإجراءات التي اتبعتها حكومة الولاية في كيفية إدارة المشروع وما اعتراه من مشاكل وإخفاقات أقعدت مساره وأسهمت في تطاول فترة إنجازه، كاشفاً المسلك السالب في المشروع الذي نتج بسبب اضمحلال الأدوار الفنية بالمشروع وغياب وزارة التخطيط العمراني عن مباشرة مهامها في العمل بالمشروع والاكتفاء بدور المراقب، فضلاً عن سيطرة وزارة المالية على كامل التفاصيل الفنية والإدارية للمشروع والذي يقع خارج اختصاصاتها، واستغرب “عبد اللطيف” على عدم توفر الشفافية والوضوح في مشروع بلغت كلفته حتى الآن أكثر من تريليون جنيه في مسارات قطاعاته المختلفة ،قائلاً إن الرأي العام بالولاية لا يعرف عنه أي شيء ومتى يكتمل ؟ وعاب على الحكومة المواعيد المتكررة والمضروبة للفراغ من العمل بين الفينة والأخرى، ووصفها بمواعيد عرقوب، فضلاً عن انعدام آليات تقييم وتقويم مسارات المشروع في قطاعاته المختلفة، ودعا إلى ضرورة مواجهة المسببات التي أدت إلى تأخر العمل ومعالجة مواضيع الخلل وختم حديثه بأن المشروع تحول من نعمة إلى نقمة .
واتفق النائب بالمجلس الوطني عن دائرة الفشقة “مبارك النور” مع ما ذهب إليه “علي عبد اللطيف”، وقال في حديثه مع (المجهر) إن المشروع يسير بصورة سلحفائية ونسبة تنفيذ المشروع في مساراته المختلفة غير معروفة و أدى إلى توقف المشروعات التنموية في محليات الولاية المختلفة، وأضاف إن حكومة الولاية كانت قد قطعت بإنجاز المشروع خلال تسعة شهور ومن ثم تراجعت عن ذلك الموعد، الأمر الذي يدل على التخبط وانعدام الرؤية الواضحة في إدارة المشروع .
وتابع “مبارك” إن الحكومة إذا منحت ضعف المدة التي حددتها لن تنجز المشروع ،وأرجع ذلك لإحجام المركز عن تمويل المشروع بسبب الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد وفشل نفرة المسئولية الاجتماعية جراء عدم التزام المؤسسات بدفع الالتزامات المالية.
وفي السياق ذاته، عاد الوالي “ميرغني صالح سيد أحمد”، وأطلق تصريحات جديدة حول الفراغ من المشروع خلال تدشينه قبل أسبوعين تجربة اختبار نظام الضغط للخطوط الناقلة بالشبكة الداخلية بمدينة القضارف، وأعلن أن الفراغ من مشروع الحل الجذري لمياه القضارف سيكون نهاية ديسمبر القادم ،الأمر الذي حسبه مراقبون بأن الحكومة لا تزال تطلق الوعود ، دون الإيفاء بالتزاماتها للوقت المعلن، وأنها تحاول مراراً وتكراراً بتلك التصريحات دغدغة مشاعر المواطنين وكسب مزيد من الوقت وأن ذلك أحدث حالة من عدم الثقة بينها والمواطنين. ولم يكتف “صالح” بذلك بل اتبع تصريحاته السابقة ببعث تطمينات وبشريات لمواطني الولاية بقرب الفراغ من المرحلة الأخيرة للمشروع إيذاناً بطي ملف العطش بصور نهائية، وقال إن المشروع يتمتع بنظام تحكم من المحطة الرئيسية بجسم السد، كاشفاً أن المرحلة الأخيرة للمشروع تشمل تركيب (60) ألفاً من عدادات الدفع المقدم التي تستهدف في مراحلها الأولى الشركات والمؤسسات الحكومية إلى جانب تركيب (9) آلاف عداد بالمنازل، وأضاف إن كلفة الشبكة الداخلية لمدينة القضارف لخطوط (4) بوصة بطول (200) ألف كيلو متر تجاوزت التريلون جنيه، وفيما يتعلق بمسار المشروع أشار إلى أن هنالك دعماً مقدراً من رئاسة الجمهورية ورعايتها لمشروع الحل الجذري لمياه القضارف ،إلى جانب الشركات الوطنية الكبرى التي قدمت الدعم للمشروع عبر برنامج المسؤولية الاجتماعية ورجال الأعمال والتجار بالولاية وبنك أم درمان الوطني الذي قام بتمويل المشروع.
وكشف “صالح” عن اكتمال الأعمال المدنية بالمحطة الرئيسية بجسم السد وبدء التوصيلات في محطة التنقية وتوصيل المنفذ الرئيسي للمحطة مع أحواض الترسيب، لافتاً إلى وصول طلمبات الضخ إلى الموقع وشروع المقاول في تركيبها إلى جانب وصول الخط الناقل لمدينة القضارف بطول (67.5) بنسبة وصلت إلى (86%)، فضلاً عن وصول الخطوط الرئيسية من (63) ملم إلى (200) ملم بنسبة إنجاز بلغت (97%)، مشيراً أن العمل جارٍ في الخطوط المتبقية وتركيب (9) منهولات من جملة (10) ومواصلة تركيب المنهولات إلى جانب اكتمال في قطاع شركة أريبا بنسبة (100%) إلى جانب تنفيذ منهولات خطوط النواقل بعدد (124) منهولاً من العدد الكلي البالغ (171) منهولاً بنسبة أداء بلغت (72%) ، فضلاً عن وصول العمل في خطوط الخدمات إلى (110) ملم في خطوط (4) بوصة وتنفيذ (275) منهولاً من العدد الكلي البالغ (1245) منهولاً وتوريد مواسير (4) حتى الآن (1000) كلم ، فضلاً عن الشروع في تنفيذ التشبيكات والنواقل الرئيسية ، وفي خضم تلك الوعود المتكررة أعلن وزير المالية والاقتصاد بولاية القضارف “عمر محمد نور” أن العمل بالمشروع شارف على الانتهاء ، كاشفاً عن وصول وثيقة الضمان لدفعيات تمويل المرحلة الأخيرة للمشروع من وزارة المالية الاتحادية البالغ (800) مليون جنيه، لافتاً أن هذه الدفعيات سوف تسهم في إكمال متبقيات خطوط (4) بوصة والمنهولات وتركيب (60) ألفاً من عدادات الدفع المقدم بمراحلها المختلفة ، وأعلن عن وصول آخر دفعة من مواسير المرحلة الأخيرة على ضوء كل تلك التوضيحات وتطمينات من حكومة الولاية، وتبقى هنالك أسئلة حائرة دون أن تجد لها إجابات واضحة حول مدة الفراغ من المشروع الذي دخل عامه الثالث.