قبل كذا يوم ذات محادثة تلفونية وبينما السماعة على أذني.. سقط التلفون أرضاً حتى طار غطاءه وأظلمت شاشته لكن المحادثة ما زالت مستمرة بكامل جودتها.. كنا أنا وصديقتي نتحدث عبر هذه الجثة الماثلة أمامي متجردين من الإنسانية الإلكترونية..
بعد إنهاء هذه المكالمة تفقدت عزيزي المكلوم فوجدته قد فقد القدرة على مواجهتي.. يرن في الخفاء دون أن أرى شاشته المنيرة..
صار تلفون بالحبر السري..
ولأن هذا التلفون يُعدّ حرفياً مكان عملي ووسيلة توصيل كتاباتي إلى هذه المساحة التي أحبها وأعتز بها، ولأني (طاشة باسويرد) لا أذكر الرقم السري الخاص بإيميلي وحساباتي الشخصية كان لابد لي من خوض تجربة الصيانة رغم خوفي من هذا الإجراء وهذا العالم المجهول..
حيث إن ثقتي في عالم الصيانة دون الصفر..
كنت أعتقد أن الدخول إلى هذا العالم يحتاج إلى واسطة قوية، لكن بعد ذلك تأكدت إنو محتاج واسطات..
والله جد..
أخذت هاتفي الذي فقد بصره وشرحت لصاحب المحل الأول مشكلته وطلبت منه أن يفحصه، فأخبرني أن شاشته قد احترقت ويحتاج إلى شاشة جديدة تسر المتصلين..
وطلب حينئذ من زميله أن يحضر شاشة نفس اللون.. فأخبره أنها موجودة وأخبرني أنها بـ(4 آلاف وثمانمائة).
ذهبت إلى المحل الثاني فأفادني بنفس التشخيص لكن هذه المرة الشاشة بـ(4 آلاف ونص).
واستمر التجوال والتشخيص والأسعار.. حتى أن الشاشة المستعملة وجدتها بـ(4 آلاف).. مع العلم أن هذا التلفون اشتريته كله على بعضه وملحقاته بـ(5 آلاف) ليصير اليوم بـ(12 ألف ونص)..
وهسه شربنا الشاي..
إحساسي كان يقول إن مشكلة هذا التلفون بسيطة غاية (التفاهة) وأن الوريد الإلكتروني الذي يربط بين الشاشة والجهاز قد انفصل أو ابتعد قليلاً عن مكانه.. أوصلت هذا الإحساس لصاحب إحدى تربيزات الصيانة وطلبت منه أن يبحث الأمر.. قال لي: (لو اشتغل ح أشيل 500) فوعدته بذلك..
فك هذا التلفون وتناول بخاخاً رشه به (ساونة وكدا) ثم تناول فرشاة أسنان (سوك التلفون) ثم قام بتركيبه ليصدق إحساسي ويعود تلفوني كما هو يتصل ويضيء ويغني..
تناول الرجل (لساتك قروش) وقام بلف الشاشة بـ(4 لساتك) وطلب مني أن أفكه بعد ساعة وحبة عند اللزوم..
كدت أقول له: (تلفوني دا ود منو في السودان عشان يتسوك بي 500 جنيه).
تخيل تشتري شاشة بقروش قدر قروش التلفون ذات نفسه وتخلي ليهم شاشة عشان يبيعوها بـ(4 آلاف) و(المغسة تشقك)..
والله جد..
عليه تأكد لي تماماً أن عالم الصيانة والتلفونات يحتاج فيتامين واو.. صحيح التعميم ضار بالصحة ولكن هذه تجربتي الوحيدة نقلتها لكم كما هي..
أقول قولي هذا من باب التجربة .. لتنتبه أنت..
و…….
أنا وقلبي فداء عيونك
تعودنا على جنونك
لدواعٍ في بالي