أخبار

مأزق الفيدرالية

هل حقاً أضحى الحكم اللا مركزي كالوردة بلا عطر.. وفقد كل مبررات وجوده.. بعد أن أضحى هياكل (فارغة) ومؤسسات صورية.. بعيدة عن أحلام الناس وقضاياهم.. وأصبح ولاء الولاة لمن عينهم في المواقع الرفيعة وسما بهم من مواطنين (عاديين) إلى حكام تضرب لهم الدفوف.. ويخضع لهم الرجال خشية بطشهم.. وطمعاً في رحمتهم وسلطانهم.. والولاة المعينون من المركز لا يأبهون كثيراً للرأي العام ولا رقابة تشريعية على أدائهم ولا محاسبة تنظيمية من قبل حزبهم بعد وضع الحزب في (جيوب الرجال)، وحتى لا نرسل الحديث بلا سند ولا دليل نضرب مثلاً واحداً في فداحة التعدي على الدستور والقانون والتغول على صلاحيات الأجهزة من قبل أجهزة أعلى منها.. وأجد نفسي في وضع لا أحسد عليه لأن ما حدث من تعدٍ على القانون والدستور قد سقط على أهلي وعشيرتي ومسقط رأسي، مما يثير أسئلة عن دوافع إثارة التعدي وتتعدد علامات الاستفهام، ولكن الحق أحق بالإتباع من تبعية الرجال.
وقائع ما حدث أن والي جنوب كردفان الفريق “مفضل” وهو ضابط رفيع المقام، قليل الكلام قد أصدر قراراً بتبعية أكبر أسواق المواشي في السودان سوق الحاجز بمحلية القوز لوزارة المالية الولائية مباشرة، بدلاً عن محلية القوز، والسوق يبلغ وارده من الإبل يوم (الجمعة) وحده نحو (4) آلاف رأس، ومن البقر نحو (6) آلاف رأس، ومن الماعز والضأن نحو (7) آلاف رأس.. وسوق محصولات للذرة والصمغ العربي والسمسم والكركدي، وبهذا القرار المعيب شكلاً ومضموناً والذي يتعارض مع نصوص الدستور والقانون تم تبريره من قبل أمين عام حكومة جنوب كردفان، وهو ضابط إداري عريق وخبير، ولكنه خادم للوالي ومرغم على الصلاة من خلفه حتى ولو قال (الوالي) إن صلاة الظهر سبع ركعات وصلاة الصبح ركعة واحدة.. فنحن في دولة يصدر علماؤها الفتاوى على مقاس السلاطين ورغباتهم ونوازع أنفسهم.. قال القرار التبريري إن تبعية السوق لوزارة المالية الولائية ونزعها من المحلية قرار يهدف إلى تطوير الإيرادات بالسوق وتحسين الخدمات التي تقدم لرواد السوق من التجار والبائعين.. وبطبيعة النظام اللا مركزي الصوري الحالي لم يرفع المجلس التشريعي الغائب حواجب الدهشة.. أو يتطوع بكلمة حق في وجه الجنرال “مفضل” ويحثه فقط على الالتزام بالدستور وحقوق الولايات وأن لا يحكم بما تمليه عليه مصالحه في تجريد الولايات من حقوقها في رابعة النهار.. وكما قال الدكتور الأديب الصيدلاني د.”بشير إدريس” في مداخلة عبر قروب الحاجز بلدنا من مقر هجرته بدولة كندا، إن حكومتنا إن وجدت (رداً) أي كثرت دروب الناس وهم يرتادون المقابر لزيارة الموتى فكرت في فرض أتاوات على تلك الزيارات.. والجنرال “مفضل” في (متاهته) كان حرياً به تطوير السوق وتسويره.. وتحسين الإيرادات بدعم المحلية ورفدها بالموظفين المؤهلين وسيارات التحصيل.. وإحكام نوافذ التهريب بدلاً من إصدار مثل هذا القرار الذي لن يعمر طويلاً إن كان هناك برلمان ومجلس ولايات.. ونواب لهم ضمائر (حية) واحترام لأنفسهم ، وننتظر من الوزير “حامد ممتاز” الذي (أرغم) “محمد طاهر أيلا” على (بلع) قرار فصل بعض قيادات الوطني.. ووقف “حامد ممتاز” موقفاً مشرفاً له وللمركز ولوزارته حينما هدد مولانا “أحمد هارون” بخصم أي مبالغ تفرضها شمال كردفان على مرتادي طرق المرور السريع دون سند قانوني أو بتشريع يتعارض مع الدستور؟؟ فهل يترك الوزير “الممتاز” الجنرال “مفضل” يسلب حقوق محلية القوز في رابعة النهار ويؤسس لسابقة جديد تجعل الولاة يبحثون عن مواقع اللحمة الطرية ويضعونها في (مخاليهم) كلحم طيب ويتركون للمحليات (الجلافيط).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية