الخرطوم – فائز عبد الله
طوال خمس سنوات كانت تفاصيل الأخبار في جنوب السودان حصراً على قصص القتال والموت، والسؤال عن موعد عودة “رياك مشار” إلى جوبا، وعودة الحياة لطبيعتها بعد أن فُقد أكثر من (500) طفل و(500) قتيل، وأكثر من (1234) جريحاً بمستشفيات جوبا والوحدة وأعالي النيل والولايات الأخرى وقعوا ضاحيا للعمليات القتالية التي دارت بين قوات الحكومة وفصائل المعارضة في ولايات أعالي النيل والاستوائية وياي والوحدة، وامتدت إلى ولاية جونقلي وباحة القصر الرئاسي (ج1) التي فقد فيها زعيم المعارضة “رياك مشار” أكثر من (34) مقاتلاً وجُرح (12) آخرون، وتمكن الأخير من الهروب إلى أدغال الاستوائية إلى أن وصل الكونغو.
وما تزال وقائع تلك السنوات راسخة في أذهان المواطنين، حتى بات القتل والحرق والنهب لا يستدعي الدهشة ولو كان النبأ يحوي مقتل عشرات أو مئات أو آلاف، لم يعد المواطن يهتم بتلك التفاصيل، إلا أن دعوات الكنيسة التي علا صوتها في أرجاء العاصمة جوبا والدموع التي انهمرت من الأمهات كانت كفيلة بأن تدفع قيادات (إيقاد) ودول الإقليم للدفع بمبادرات لإنهاء الحرب، ودفعت دولة تنزانيا بمبادرة لمعالجة التشظّي داخل الحركة الشعبية بين الرئيس “سلفا كير” ومجموعة “أولاد قرنق”، وتوصل الطرفان إلى اتفاق بمدينة “أروشا” حمل اسمها.
وقال ممثل مجموعة المعتقلين السابقين “دينق ألور” إن مجموعة “أولاد قرنق” طالبت بمعالجة الخلافات، لكن كان هناك من يرى استمرار الحركة دون إجراء إصلاحات في الهيكل الإداري، وأضاف “ألور” إن المجموعة الرافضة للإصلاح تابعة للرئيس “سلفا كير”، وقال إنه طالب بضرورة وقف تبادل الاتهامات بين قيادات الجنوب من أجل تهيئة المناخ لعملية السلام، وأضاف إن القيادات الآن تنازلات عن كثير من المواقف من أجل السلام. وأشار إلى أن الكثير من المهددات كانت دافعاً لخروج “مشار” من الجنوب بسبب الصراعات داخل هيكل الحركة الشعبية.
وأعلنت حكومة جنوب السودان رسمياً، عن مشاركة زعيم المعارضة المسلحة د. “رياك مشار” المقيم خارج البلاد منذ عامين، في احتفالات السلام المقامة اليوم بالعاصمة جوبا.
وقال “أتينج ويك أتينج” السكرتير الإعلامي للرئيس “سلفا كير”، إن “مشار” سيصل البلاد الأسبوع المقبل، للمشاركة في حفل السلام الذي يشهده عدد من قادة الدول.
وتعد هذه هي المرة الأولى التي يعود فيها “مشار” إلى البلاد منذ مغادرته جوبا في يوليو 2016، إثر تجدد الاشتباكات المسلحة بين قواته والقوات الحكومية.
ووجهت حكومة جنوب السودان دعوات إلى عدد من رؤساء أقاليم البلاد وأطراف المعارضة الموقعة على اتفاقية السلام النهائي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا بحضور رؤساء (إيقاد).
وقال مستشار الشؤون الأمنية لـ”سلفا كير” رئيس لجنة الفترة ما قبل الانتقالية بجنوب السودان “توت قلواك” إن جميع الأطراف الموقعة على اتفاقية السلام ستشارك في الاحتفال السلام بجوبا، وأضاف إن “رياك مشار” سيخاطب “الشعب” بجانب “سلفا كير” لتأكيد عدم العودة إلى الحرب.
وأشار “قلواك” إلى أن خطاب الرئيس “سلفاكير” (سيؤكد على قبول الحكومة لاتفاقية السلام ومدى جاهزيتها لتنفيذ بنوده، بجانب تقديم الشكر لرؤساء دول إيقاد وبصفة خاصة رئيس إيقاد ورئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد علي، والرئيس عمر البشير، واليوغندي يوري موسفيني، على جهدهم الكبير من أجل استقرار جنوب السودان).
واستبعد “قلواك”، وجود أي مخاوف من تلك الأطراف الرافضة، وأضاف: (ليس لدينا أي مخاوف بعد أن وقعت جميع الأطراف بقياداتها على المسودة، وصادقت عليها).
ونوه إلى أن مجموعة المعتقلين السابقين عقدت اجتماعاً في نيروبي هذا الشهر، وأعلنت عن مصادقتها على الاتفاق، ومجموعة “رياك مشار” وافقت على الاتفاقية وحددت عناصرها المشاركة في هذه اللجنة، لذلك جميع الأطراف ملتزمة بالاتفاقية، مؤكداً أن الوضع آمن وليس هناك أي مخاوف أمنية، وأشار إلى أن الوفود المشاركة ستقوم بزيارة عدد من المناطق والولايات، وأكد حرصه على إعادة الاستقرار والأمن لجميع المواطنين بالجنوب.
وأكدت الحركة الشعبية والجيش الشعبي في المعارضة المسلحة مشاركة رئيس الحركة “رياك مشار تينج” في احتفالات السلام.. وتحتفل الحكومة في جوبا اليوم 31 أكتوبر الجاري باتفاق السلام المنشطة، الذي وقعت عليه الأطراف في 12 سبتمبر الماضي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
وقال الناطق الرسمي “مناوا بيتر جاركوث” لـ(المجهر) إن إلقاء الدكتور “رياك مشار” لخطاب أمام المواطنين بالجنوب يعدّ خطوة إيجابية لتهيئة المناخ لعملية السلام والتبشير به، وقال إن الجهات المختصة بالاحتفالات طلبت من قيادات المعارضة أسماءهم فقط ولم يتم إخطارهم بجدول الاحتفالات.
وقال “جاركوث” إن رئيس المعارضة “رياك مشار” سيصل العاصمة جوبا نهار اليوم للمشاركة في احتفالات السلام، حسب دعوة الرئيس “سلفا كير”. وأضاف: (مشار سيصل إلى جوبا نهار الاحتفال لساعات فقط بهدف المشاركة ومن ثم سيعود في نفس اليوم). وقال إن من المتوقع انعقاد قمة على هامش احتفالات السلام بجوبا، تجمع رؤساء الإقليم مع الرئيس “سلفا كير” و”رياك مشار” لمناقشة الترتيبات الخاصة بالقضايا العالقة في اتفاق السلام.
وكشف “مناوا” أن وفد المقدمة للحركة ستصل جوبا بعد احتفالات السلام لتكوين لجان الفترة ما قبل الفترة الانتقالية، خاصة فيما يتعلق بالترتيبات الأمنية على حسب تعبيره، مؤكداً وجود عراقيل أمام اتفاق السلام.
وأكد زير الإعلام الحكومي والناطق الرسمي باسم حكومة الجنوب “مايكل مكوي لويث” لـ(المجهر) مشاركة كل من الرئيس “عمر البشير” والرئيس اليوغندي “يوري موسيفيني” في احتفالات جوبا، وأضاف إن رؤساء الدول الأخرى اعتذروا لارتباطهم بالمشاركة في قمة الأوروبية للدول الأفريقية.