المعارك الانصرافية
حسناً فعل “معتز موسى” رئيس الوزراء باعتذاره عن خوض غمار المناظرات السياسية مع القوى المعارضة حول أداء حكومته الوليدة.. وقد دعا “عمر الدقير” رئيس حزب المؤتمر السوداني المعارض إلى مناظرة بينه ورئيس الوزراء لغرض (جرجرة) “معتز موسى” لمعركة بعيداً عن مسار تنفيذ سياسات حكومته.. ويملك “معتز موسى” قدرة على التواصل السياسي مع الآخر.. والدفاع عن حكومته بتواضع.. وقدرة على الإبانة والإفصاح وشجاعة في طرح ما يؤمن به للرأي العام.. وهو المسؤول الحكومي الوحيد الذي يخاطب الرأي العام يومياً من خلال تغريدات في مواقع التواصل الاجتماعي وجدت اهتماماً ومتابعة من قبل القراء أكثر من المتابعين لنشاط رئيس الوزراء الذي يبث عبر الأجهزة الإعلامية الحكومية.
“معتز موسى” على عاتقه مسؤوليات كبيرة ومهام جسام إذ انصرف عنها بخوض المعارك الجانبية حتماً سيصيب فشلاً في الميدانين معاً ، ميدان العطاء لإصلاح ما فسد ، وميدان الفضاء السياسي والعراك بين المعارضة والحكومة.. ويستطيع “معتز موسى” ومطلوباً منه بعد انقضاء على الأقل ستة أشهر من تشكيل حكومته تقديم كتاب عطائه للرأي العام من خلال الندوات المفتوحة أو حتى المناظرات في القاعات بالجامعات وفي الأحياء وفي ذلك انتصار يقيم الشفافية.. والديمقراطية ومنهج جديد في إدارة الحكم بالبلاد.. ولكن الآن لا يزال الوقت باكراً.. ولم تقدم حكومة الوفاق الوطني الثانية ميزانيتها الأولى للبرلمان.. وللرأي العام.. فكيف ينصرف رئيس الوزراء لخوض معارك كلامية ومناظرات مع المعارضين الذين لا يملكون غير الركض وراء أخطاء الحكومة.. ومحاولة تسجيل الأهداف المبكرة في شباكها.. و”عمر الدقير” من المعارضين الوطنيين.. شاب على خلق قويم وتدين عميق.. ومن أسرة كبيرة.. ولكنه (متفرغ) كلياً للنشاط السياسي ، ويقود حزباً معارضاً بشراسة.. وللمؤتمر الوطني الذي ينتمي إليه “معتز موسى” مئات القيادات القادرة على مقارعته حجة بحجة.. ومنطقاً بمنطق، وفي صف المؤتمر الوطني قيادات (متفرغة) للسياسة.. من د.”عبد الرحمن الخضر” الأمين السياسي ،إلى “عمر باسان”.. ود.”إبراهيم الصديق”.. و”هشام التجاني”.. و”محمد الأمين” الذي يقود أمانة الشباب، هؤلاء هم (نظراء) “عمر الدقير” في سنه.. ويملكون التفويض السياسي من قيادة الحزب للرد على المعارضين.. ومناظرتهم في الميادين التي يختارونها.. أما رئيس الوزراء “معتز موسى” فإن المهام التي أمامه تجعل انصرافه عنها إلى معارك جانبية ضاراً به وبالتجربة الحالية التي علق عليها الشعب الآمال في الوقت الراهن لتعبر به من حالة الراهن البائس إلى غد أفضل.. وبالطبع مسؤولية الدفاع عن الوفاق الوطني لا تقتصر على أعضاء حزب المؤتمر الوطني، فالشراكة السياسية والتنفيذية لها ثمنها.. فالحزب الاتحادي الديمقراطي بأجنحته مسؤول عن أي إخفاق وشريك في نجاح، وكذلك المؤتمر الشعبي وأحزاب الأمة المتعددة والحركات المسلحة وغير المسلحة.. ولكل هؤلاء ألسنة وأمانات سياسية وقادة متحدثون يمكنهم مناظرة “عمر الدقير” إن شاء مقارعة الحكومة حجة بحجة.. أما إن كان المقصود “معتز موسى” بذاته فتلك قصة أخرى.