“معتز موسى” يعلن برنامج إصلاح اقتصادي يقرّ سياسة التقشف ويحارب الفساد
خبراء امتدحوا ميزانية البرامج
تقرير- فاطمة مبارك
أعلن رئيس الوزراء وزير المالية “معتز موسى”، أمس(الأربعاء)، عن برنامج إصلاح اقتصادي عاجل لمدة (15) شهراً بدءاً من الشهر الحالي، ويتضمن مزيداً من إجراءات التقشف، وقدم بياناً أمام البرلمان حول أوضاع الاقتصاد الكلي ورؤية إطارية منهجية للإصلاح، وموجهات إعداد ميزانية العام المالي 2019م، وكشف عن أن منهجية الإصلاح والنمو الاقتصادي تسير على مديين: البرنامج التركيزي للاستقرار الاقتصادي قصير المدى (15) شهراً، وبرنامج الإصلاح الاقتصادي والتنمية طويل المدى، يبدأ بعد ذلك.
وفي السياق، شدّدَ “معتز موسى” على استمرار حكومته في محاربة الفساد والمفسدين، جازماً بأن كل يد ستمتد إليه ستجد الحساب في القضاء، وردد: (لا حصانة لأحد وسنستمر في حملة محاربة الفساد لتكون النزاهة هي الأساس في الخدمة العامة والحياة الخاصة). وقال معتز في تقرير أداء الجهاز التنفيذي الذي قدمه أمام البرلمان، إنه لا كبير على القانون، وإن للمال العام حرمته.
واحتوى البيان على برنامج تقشفي حظي بتأييد وقبول، واشتمل على منع استيراد الأثاثات للمكاتب على مستوى الحكومة الاتحادية والهيئات والشركات الحكومية والولايات، وتقليص عدد الوفود الخارجية بنسبة (50%) والاستعاضة عنها بتمثيل السفارات، وخفض حجم الوفد الواحد على أن لا يزيد عن ثلاثة أشخاص، وضبط تذاكر سفر الوفود وإلغاء الأنشطة كافة التي تتم على نفقة الدولة ما عدا الدورة المدرسية للعام 2019 ودورة الجامعات، وإلغاء بنود التبرعات من الهيئات والشركات الحكومية والوزراء، وإيقاف تشييد المباني الحكومية مع النظر في إكمال العقود السارية لكل حالة على حدة، ومنع بشكل صارم تقديم الوجبة الغذائية على حساب الدولة في الاجتماعات والورش، وتعزيز قرارات رئيس الجمهورية بخصوص التخفيض المرشد للصرف على التمثيل الخارجي.
خبراء الاقتصاد وصفوا بيان رئيس الوزراء وزير المالية بالمهم وقالوا إنه بيان شامل.. ومن جانبه، أكد الخبير الاقتصادي دكتور “محمد الناير” أن رئيس الوزراء ووزير المالية “معتز موسى” قدم بياناً احتوى على رؤية متكاملة لإصلاح الاقتصاد ممثلة في برنامج تركيزي مدته (15) شهراً، يعقبه برنامج متوسط وبعيد المدى يمكن تنفيذه خلال 2019. وقال “الناير” لـ(المجهر) إن الموجهات متميزة ومنها ما ذكر قبل ذلك ولم ينفذ، لذلك يبقى المحك في التنفيذ والمتابعة. وقال دكتور “الناير”: (إنشاء مفوضية للتخطيط الإستراتيجي بصلاحيات واسعة سيساعد على التخطيط لكل البلد بخطط إستراتيجية مدروسة لمستويات الحكم، وتكون ذات صلاحية واسعة.. الكل سيقوم بدوره إذا أنشئت كما خُطّط لها وهذه من الأشياء الجديدة)، مضيفاً إن المشكلة دائماً تكمن في تنفيذ الخطط، وأشار أيضاً إلى حديث سابق عن إيقاف المباني والأثاثات ذكر في عدة موازنات، بيد أنه قال: (الآن هناك إرادة وعزيمة وإضافات)، وعدّ قضية منع الضيافة أثناء ساعات العمل من القضايا المهمة، ومضى في الحديث قائلاً إن الخدمة المدنية وصلت مرحلة أن أي شخص يقوم بعمل يعدّه عملاً إضافياً ينبغي أن يحفز عليه، وقال مستدركاً: (صحيح الرواتب ضعيفة لكن هذا الأمر يجب أن يتم من خلال تحسين الأجور للعاملين بالدولة).
“الناير” كذلك ثمّن قرارات تخفيض عدد المشاركات الخارجية وتكليف السفارات بالخارج، وقال: (رغم أن هذا القرار اتُخذ من قبل لكن يبدو أن الدولة عازمة هذه المرة على تنفيذ ما يصدر من قرارات)، ووصف التحوُّل لموازنات البرامج بالأمر الجديد والجيد، وطالب بتأهيل الكوادر حتى تواكب هذه النقلة، كما طالب كذلك بتنفيذ فوري وعاجل لقرار عربات الدستوريين لأنه قيل كثيراً قبل ذلك بالإضافة إلى أن القرار سيدعم خزينة الدولة من خلال بيع العربات الفائضة أو كما ذكر “الناير”.
ووفقاً لما ورد في بيان “معتز” فإنه يتعين تخصيص عربة صالون واحدة للوزير، ويتم سحب (اللاندكروزر)، ويتم تخصيص عربتين للمأموريات.
وبدوره عدّ وزير المالية السابق “عز الدين إبراهيم” سياسة التقشف التي وردت في بيان رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية بالقاسية، لكن لابد منها، وقال: (نحن نُعرفها بسياسة ربط الأحزمة على البطون وهي سياسة مرحلية تُطبّق في الأوضاع غير العادية)، وأكد أن الرمزية في بعض القرارات مهمة، فلا يمكن أن يقول رئيس الوزراء للشعب اربطوا الأحزمة ويترك الحكومة تمارس أشياءها بارتياح، فلابد أن تتقشف، وأشار إلى أن الفكرة تقوم على خفض المصروفات الذي يقود الى خفض العجز في موازنة الدولة وهذا يعني خفض الاستدانة التي تقلل من ارتفاع الأسعار، وأكد أن الاقتصاديين يعدّون سبب ارتفاع الأسعار هو استدانة الحكومة بصورة مفرطة من البنك المركزي من خلال طبع الورق، والتضخُّم كذلك سببه الاستدانة من البنك المركزي.
ويعتقد “عز الدين” أن رئيس الوزراء وزير المالية يعمل على حل المشكلة بحل الأزمة، التي يحاول حلها بتقليل المصروفات الحكومية، ولفت إلى أن زيادة إيرادات الدولة يعتمد على حجم الاقتصاد، وهذا يعتمد على الرسوم الجمركية. وأوضح “عز الدين إبراهيم” أن من سلبيات التقشف تأثيره على حركة الاقتصاد، وقال: (الآن الهدف خفض التضخم للتقليل من ارتفاع الأسعار، وهذا سيترك أثراً جانبياً وهو تقليل حركة الاقتصاد، لكن الناس يجب أن تصبر على الأثر الجانبي حتى تُحل المشكلة الكبيرة.. والناس الآن تشكو من الركود وهو أثر جانبي لهذه السياسات).
أما الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي والخبير الاقتصادي دكتور “الأمين عبد الرازق” فقد امتدح ما اتخذه “معتز” من سياسات وقرارات وعبّر عن دعم حزبه لهذا التوجه، وأكد علمهم بها من خلال وزيرهم الموجود في الحكومة، واعتقد أن تنفيذ هذه القرارات سيخرج البلد من مشاكلها الاقتصادية. وحسب “الأمين” فإن من الأشياء المهمة التي وردت في بيان رئيس الوزراء ووزير المالية هو حديثه عن اعتماد ميزانية البرامج وليس ميزانية البنود، لأن ميزانية البرامج تقوم على مشاريع تتم متابعتها وتنفيذها، وعدّ هذا تطوراً كبيراً، وكشف عن مطالبتهم العام الماضي بهذا التحوُّل الذي تم بخصوص ميزانية البرامج.
“الأمين عبد الرازق” قال إن البيان كان ممتازاً و”معتز” تحدث عن سياسة التقشف بطريقة تفصيلية لكن المحك في التنفيذ، وأشار إلى أن حزبه طالب قبل ذلك بتخفيض (50%) من الإنفاق الحكومي على مستوى السودان لأن واحداً من أسباب التضخّم وسعر الصرف هو الإنفاق الحكومي، وأشار إلى أن الحديث عن إصلاح الخدمة المدنية والتخفيض مهم جداً. وأبدى ارتياحه لطريقة رئيس مجلس الوزراء التي هدفت إلى إشراك القوى السياسية في ما يتخذه الحكومة من قرارات، وحديثه عن القضاء على ظاهرة الفساد.