رأي

أفرابيا.. صناعة الوعي!

رشان أوشي

يبدو لي أن النشاط الثقافي الوحيد المنتظم في البلاد، هو جائزة “أفرابيا” التي يرعاها “مجلس الشباب العربي والأفريقي” الذي يقوده”عوض حسن” وهو شاب ذو خلفية إعلامية، منفتح على الجميع، يؤدي دوره باحترافية عالية، يعزف على وتر مهم في حياة الشباب افتقروا له كثيراً مؤخراً، وهو (الوعي والاستنارة)، حيث تدنت مقدرات الشباب في الإنتاج الأدبي، وابتعدوا عن ضروب الثقافة.
فدروب الوعي والاستنارة وعرة جداً، تحتاج لمجهود ضخم وعزيمة قوية، ولكنها ذات عائد عقلي مجزٍ، وهو ما أكده كل الفلاسفة والأدباء في العالم وأهمهم الفيلسوف الهندي العظيم “أوشو” الذي كتب مقالاً في ثمانينيات القرن الماضي، بعنوان (الأفكار أقدار)، مؤكداً فيه على تأثير الاستنارة السحري على العقل: “خطوة الفرد الأولى على درب اكتشاف حقيقة وسر من يكون، هي أن يكون واعياً يقظاً، هذه الخطوة تغدو جسراً يعبر عليه كي يصل للخطوة الثانية التي تتلخص في توجيه ذاته،
إنكم عندما تبلغون حال الوعي الداخلي الحقيقي المهيب، عندها لن تعوا وجود أشياء أو مشاهد أو أحداث، فهذه مراحل تخوضونها في بداية الطريق، لن تعوا في حال الوعي الحقيقي سوى اللا شيء، لن تعوا إلا الوعي نفسه حتى هذه المقولة مضللة، لأن الوعي عندها سيبدو وكأنه شيء بالإمكان مشاهدته ومراقبته والنظر إليه والشهادة عليه، لن تكونوا واعين سوى للفناء العتيق المهيب، لحضور اللا شيء الجليل، سيكون الفرد واعياً للفناء الخالي من كل شيء، وباتت روحه وكأنها تساوي الفناء، وهذا حال يتجاوز السلام الداخلي نفسه”.
سعى “عوض” ورفاقه في توجيه طاقات الشباب إلى الإنتاج الأدبي والمعرفي، وهو لعمري لمجهود يستحقون عليه التصفيق والتحية، حيث فقدت الخرطوم سمعتها الفخيمة، كمدينة للمثقفين وصناع الوعي والاستنارة، بعد أن فارق شبابها الكتب والمكتبات، وانشغلوا بالأسافير فقط.
شكراً مجلس الشباب العربي والأفريقي، شكراً “عوض” ورفاقه.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية