أزمة الثقة!!
لا ينكر إلا مكابر الجهد الذي بذلته حكومة “معتز موسى” في معالجة الأخطاء الكارثية التي حلت بالبلاد في السنوات الماضية.. والتحسن النسبي في القطاع المالي للدولة.. وطباعة مليارات الجنيهات لسد الفجوة التي أحدثها الارتفاع الجنوني في سعر الدولار من (6) جنيهات إلى (18) جنيهاً إلى (47) جنيهاً.. والقرارات الخاطئة التي اتخذتها الحكومة في بدايات تصاعد سعر الدولار مقابل الجنيه بتجفيف السيولة من أيادي المواطنين وإمساك المصارف بغير حق ولا قانون أموال المودعين ورفضها الاستجابة لطلباتهم، الشيء الذي ضرب الثقة بين المصارف والمواطنين وفقد الناس الأمل في الحصول على أموالهم وأمسكوا عن توريد حصائل تجارتهم.. ولا تزال البلاد تدفع ثمن تلك القرارات الخاطئة.. وحكومة الدكتور “معتز موسى” استطاعت توفير قدر من السيولة لإنقاذ موسم حصاد السمسم والفول السوداني.. وشهد الأسبوع الماضي انفراجاً نسبياً في شح السيولة.. وعادت الصرافات الآلية لتلبية احتياجات المواطنين منذ (السبت) الماضي وسط إقبال كبير جداً من المواطنين على الصرافات بعضهم لسد حاجتهم الضرورية والبعض الآخر لتجفيف أرصدتهم في المصارف خوفاً من نشوب أزمة نقد جديدة.
ولكن تناسل الأزمات التي تأخذ الأزمة برقاب الأخرى جعل الكثيرين يشفقون على حال البلاد.. فالأسبوع الماضي شهد شحاً في الجازولين والبنزين.. ولا يزال بعض ضعاف النفوس من أصحاب المخابز يبيعون حصص الدقيق في السوق السوداء من أجل الكسب السريع.. والثراء الفاحش.. والحكومة التي يقدر المواطنون تفانيها.. وتواصل رئيس الوزراء اليومي مع الرعية وفتح نوافذ التواصل مع النخب، تواجه في كل يوم مأزقاً جديداً.. وفجوة في سلعة ما.. والموارد ضعيفة.. والإنفاق يتضاعف.. ولكن المشكلة التي لا حل لها في القريب العاجل هي الثقة المفقودة بين المواطنين والمصارف.. فالأموال التي بيد المواطنين والتجار خارج الجهاز المصرفي كفيلة بإصلاح الأوضاع الراهنة إذا ما نجحت الحكومة في إقناع المواطنين بوسائل إغراء جديدة إعادتها للجهاز المصرفي، فالكتلة النقدية التي (تتكدس) في الأسواق والبيوت.. ويحملها الرعاة في (المخالي).. أكبر من الكتلة النقدية بالجهاز المصرفي.. فكيف تعود هذه الكتلة.؟؟ وهل تغيير العملة من شأنه إرغام المواطنين على إعادة تلك الأموال إلى الجهاز المصرفي مرة أخرى.. وفرض إجراءات قسرية بحجزها من شأنه حل شح السيولة؟؟ أم البحث عن بديل مغرٍ.. وآمن مثل الشهادات الحكومية لاستقطاب المال (السائل) في أيادي المواطنين، ولماذا لا تتجه الحكومة لإشراك القطاع الخاص وعامة المواطنين في الاستثمار في صناعة النفط بإصدار شهادات خاصة بذلك ذات عائد مجزٍ للمواطنين وثقة وضمانات كافية لاستقطاب السيولة؟؟ أم تستمر الحكومة في طباعة الأوراق المالية وتغذية الجهاز المصرفي ويتم سحب الكتلة المطبوعة خلال فترة قصيرة كما حدث الأسبوع الماضي..
إن حكومة “معتز موسى” أمام تحديات كبيرة في معالجة جذور الأزمة الاقتصادية وأعراض الأمراض التي تسببت فيها الحكومة نفسها بقراراتها الخاطئة.