اللواء مهندس معاش "عبد الرحمن أرباب" لـ (المجهر): السودان بدون حليف عسكري ذي شأن .. هذه هي مشكلتنا..!!
عمل اللواء مهندس معاش “عبد الرحمن أرباب صالح مرسال” في معظم بقاع السودان، لكونه ضابطاً بقوات الشعب المسلحة.. درس القانون الدولي ونال شهادة الماجستير في قضايا الحدود وأبيي، وغيرها من الدراسات العسكرية، وقدم كثيراً من الأوراق الأمنية والعسكرية.. وعمل معتمداً لـ (أبيي) و(لقاوة)، وترأس عدداً من اللجان في قضايا مهمة للدولة، كما نال دورات متقدمة مثل دورة أساسيات الكهرباء (معهد الدفاع الجوي 73)، ودورة مخازن فنية بواسطة الخبراء الروس 1974م، ودورة صواريخ بواسطة الخبراء الروس (معهد الدفاع الجوي 1976م)، ومن ثم دورة الصواريخ (دفنا – دسنا) بالمعهد المصري.
(المجهر) التقت اللواء “عبد الرحمن” في مقابلة تناولت الاعتداء الأخير على مجمع (اليرموك) العسكري بوصفه خبير صواريخ، فذكر بشجاعة الموقف العام.. وكيف يبدو المستقبل والحلول لمجابهة العدوان الإسرائيلي علينا.. وهل نستطيع أن نعد العدة؟ وتحدث عن أن قواتنا الجوية قادرة على حسم أية معركة مع دول الجوار أو أي من حركات التمرد.. وقلل من الحديث السياسي لمواجهة إسرائيل في الوقت الحالي، وعبّر عن المستقبل بضرورة تبني عدد من المواقف السياسية الدبلوماسية والعسكرية.. فإلى حديث اللواء مهندس “أرباب”
{ هل يمكن التعرف على بطاقتك الشخصية؟
– أنا اللواء “عبد الرحمن أرباب مرسال”.. من مواليد العام 1950م.. تخرجت في الكلية الحربية 1973م، ووصلت إلى رتبة لواء مهندس ركن بقوات الدفاع الجوي، ودخلت معظم دورات الدفاع الجوي.
{ هل كان الدخول سهلاً للقوات الجوية؟
– سهل جداً، عبارة عن كشف طبي ومعلومات عامة (مافي شي أكثر من كدا)، وكنا مؤهلين بدنيا بشكل ممتاز، وكان كل من يفكر أن يدخل الكلية الحربية يعدّ فارساً بالدرجة الأولى ولا يتعرض لاختبار من أي نوع كان، وقد عملت بجميع أنحاء السودان خاصة ولاية البحر الأحمر بـ (جبيت)، كما عملت بالهجانة بالأبيض، واجتزت جميع الدورات التي خضتها في حياتي العسكرية.
{ متى تكونت قوات الدفاع الجوي؟
– في 1967م بعد النكسة، أي بعد الحرب المصرية الإسرائيلية، وأنشئت بسبب نتائج تلك الحرب التي انهزمت فيها الجيوش العربية متضامنة مع الجيش المصري، وكان الغرض هو تأمين الأجواء السودانية، خاصة وأن الجيش المصري قد أودع حينها معداته الجوية والبحرية وطلبة الكلية الحربية بالسودان، وقد أدى السودان دوره اللائق به.
{ على أية طبيعة تم إنشاء قواتنا الجوية في ذلك الزمان؟
– أنشئت قوات الدفاع الجوي السودانية على الطبيعة الروسية، لما ذكرته من أسباب، ومن الطبيعي أن يتم التسليح بواسطة روسيا وبخبراء روس أيضاً، وقد تم تدريب أولى الدفعات لضباط الصف، وبدأ سلاح الجو السوداني يظهر في أول السبعينيات كسلاح جو مقاتل.
{ ما هي قدراته الإنشائية؟
– الزمن تغير وتغيرت معها كثير من المفاهيم العسكرية وقدرات التسليح، وبالفعل كنا قديماً نمتلك مدفعية مضادة للطائرات وصواريخ ورادارات روسية، ولكن لم يكتمل حينها التسليح، وتم طرد الروس تضامناً مع قرار طردهم من مصر بواسطة الرئيس المصري “أنور السادات” وبعد ولادة (كامب ديفيد) تغير كل شيء في الاتجاه نحو الولايات المتحدة الأمريكية، ونتيجة لذلك توقف التدريب الروسي، واتجه السودان لدول سوريا والعراق ومصر لتطوير سلاحه الجوي.
{ وهل استطاع بالفعل تطوير السلاح الجوي لجمهورية السودان؟
– هناك تحديات كثيرة منها المال الكافي، ولعلك تعلم أن القدرة على التسليح تحتاج قدرات مالية هائلة، وجاء الحصار الأمريكي، ومن ثم الحرب في الجنوب، ما أجهد قواتنا الجوية، وبعد توقيع اتفاقية السلام في 2005م وضعت القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة خطة عامة لتطوير وهيكلة وإعادة هيكلة قوات الدفاع الجوي وضمها للقوات الجوية.
{ وكيف سارت أمور تطوير هذا السلاح المهم؟
– الجبهات في دارفور وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان أثرت في قدرات الدولة المالية، بل حتى التنمية، وجاءت الانعكاسات الأمنية السلبية بعد انفصال الجنوب لتلقي بظلالها.
{ هل من الممكن توضيح سبب سقوط طائراتنا من الجو عدة مرات؟
– الحصار الأمريكي وقلة المال ومنع الشركات العالمية من بيعنا قطع الغيار، وحتى الضغط على الدول الوسيطة على إنهاء أي تعامل لوجستي مع السودان، وقد نجحت الولايات المتحدة الأمريكية في عزلنا عن بقية العالم؛ لأن حساب المصالح المتبادلة بين تلك الدول مع السودان مقارنة مع أمريكا يبنى على فارق كبير لا يمكن مقارنته، وبالتالي نجحت العزلة ضد السودان.
{ إذن السبب كامن وراء عدم وجود الإسبيرات؟
– هذا صحيح، ومع ضرورة إيجاد حليف عسكري، وحتى الآن ليس للسودان حليف عسكري ذو شأن، نحتاج إلى موارد ثابتة لمواكبة التقانة العالمية المحيطة بنا في هذا العصر الحديث.
{ برأيك.. لماذا عجزنا عن بناء حليف إستراتيجي عالمي يحمينا في أوقات الشدة؟
– لتوجهنا الإسلامي، مما يعني الكثير للقوة العالمية، وفي الوقت الذي أصبحت فيه أمريكا وإسرائيل والاتحاد الأوروبي قوة متكاملة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً تعمل بتناغم مع بعضها البعض.. تعدّ تحالفاتنا مع ماليزيا ومعظم دول آسيا وأفريقيا هي تحالفات تجارية بأنفاس قصيرة، ونفس هذه الدول لها ارتباط أقوى مع أمريكا، وغالب الظن تستمع لتوجيهاتها أكثر مما تفعل مع السودان.
{ هذا المشكل لا بد له من علاج؟
– العلاج أن نحافظ على معداتنا الحالية والأطقم العاملة بصورة معقولة، بمعنى أنه متى ما توفرت تلك التقانة والأسلحة المتطورة فإن الكادر السوداني مؤهل وجاهز.
{ هل يوجد لدينا خبراء مؤهلون؟
– نعم.. ويمكن أن نؤسس أعمالاً كبيرة لقواتنا الجوية.
{ معنى هذا أن المشكلة في المعدات؟
– نعم، المشكلة في المعدات.
{ كيف نرد على دولة إسرائيل؟
– الرد العسكري على دولة إسرائيل صعب جداً.
{ هناك حديث لمسؤولين يهيئ الشعب لرد مماثل.. أليس ممكناً؟
– الردود السياسية تختلف عن الردود العسكرية.
{ لماذا تضربنا دولة إسرائيل بالتحديد؟
– موقعنا الجيوسياسي الممتاز، والمقصود أيضاً شل أية قوة ناشئة وحاضنة لأي أمل، وقد ضربت (اليرموك) كما ضربت من قبل المفاعل النووي العراقي، وفي السياق يأتي احتلال العراق وأفغانستان، لضرب أي خطر في مهده يهدد الوجود الإسرائيلي.
{ ولكن المشهور في ضربة (اليرموك) هو ظن إسرائيل أن المصنع يرسل شحنات لـ(حماس)؟
– هذه تحليلات غير جازمة بالمرة.
{ ماذا قلت لنفسك في أول لحظة؟
– ظننت أنها عمل تخريبي من حركات التمرد.
{هل ترجح أن السودان يمكن أن يمد (حماس) بأسلحة وصواريخ؟
– لا أستطيع الجزم، وأعتقد أننا لدينا تجربة في اتهام أمريكا للعراق بامتلاك سلاح كيماوي، واكتشف العالم حجم الفرية والكذب.
{ أنت لواء معاش بالدفاع الجوي.. ما الحل؟
– بعد كل هذا يجب أن لا نقف مكتوفي الأيدي، وبالضرورة يجب العمل بمبدأ (وأعدوا لهم ما استطعتم).
{ لو كنت قائداً للسلاح الجوي.. كيف كنت ستتصرف في تلك الليلة الطويلة؟
– القادة الحاليون تصرفوا وفقاً للمعلومات المتاحة أمامهم.
{ هل تعتقد أنهم كانوا جاهزين؟
– مهما كانت الجاهزية فلن تؤثر في تغيير الحادثة كما وقعت، وذلك لوجود تقانة متطورة في إصابة الهدف، وحينما ضربت إسرائيل المفاعل النووي العراقي كانت العراق بإمكانيات عسكرية هائلة.
{ كانت الخسارة البشرية بسيطة مع حجم الضربة وكذلك التوقيت بعدم وجود أية وردية عمل؟
– ربما ترى إسرائيل أن لا يستثمر الآخرون الحدث لنيل تفاعل شعبي، لذلك يحرصون على تقليل الخسائر البشرية.
{ لم نفهم الحل والمخرج بوجهة نظرك؟
– يجب أن لا نفقد الأمل ودوام الحال من المحال.. وأقول مزيداً من العمل السياسي والدبلوماسي وبناء الأحلاف الذكية المتوازن سيوجد أملاً في التطور.
{ هل لهذا علاقة بسلاحنا الجوي وتطوره؟
– بالمناسبة سلاحنا الجوي قادر على حسم أية معركة مع أي من دول الجوار.