صالونات التجميل بـ(الخرطوم): هل يصبح الرجال حزب الأغلبية تحت قبتها.. ولو بعد حين؟!!
لو لم يكن تحت رماد (الرجال) وميض نار، لما طرأت هذه الفكرة في ذهن أحد، لأن الشائع والمعروف أن هوس التجميل مرض يصيب النساء دون الرجال، لكن ما يحدث الآن في العاصمة (الخرطوم) يذهب بنا عكس هذه القاعدة، بل وربما يكسرها (كسراً غير حميد)، فلماذا يا ترى ازداد إقبال الرجال (شيباً وشباباً) على صالونات التجميل التي تُسمى تقليداً بصالونات الحلاقة، رغم أنها الآن ليست كذلك، بل تعتبر الحلاقة خدمة (صغيرة جداً) إزاء ما تطرحه من خدمات أخرى (أمرها جلل) ونفقاتها عظيمة وكبيرة. على أي حال دعونا نذهب معاً إلى بعض تلك الصالونات الرجالية، لنرى ما يقدم هناك من خدمات تجميلية لـ(جنس الرجال)، قبل أن نعرج في خواتيم التقرير إلى (النساء)، ثم نعقد المقارنة الغريبة.
ماهوك وصنفرة وفيشيال
في صالون (إمبسادور) ذي الواجهة الزجاجية والمساحة الواسعة والتكييف المكثف، والمعدات والآليات التجميلية حديثة التقنية، ولأن محض وجود صالونات تجميل رجالية كافٍ للقول بشكل يقيني وقطعي إن الرجال يتجملون ويهتمون بمظهرهم كثيراً، حد أنهم ينفقون على ذلك أموالاً ليست هينة، وليست النساء وحدهن من يفعلن ذلك ويدأبن عليه كما هو شائع.
في ذات الصالون تحدثنا إلى “رضا عمر” أحد العاملين بهذا الصالون الذي قال: إن لديهم العديد من الخدمات التجميلية للرجال، وهي خدمات تستهدف تحسين المظهر، وأولها (الحلاقة) وهي أنواع، فهناك (الحلاقة) العادية (الكلاسيكية) التي تعطي مظهراً وقوراً وعادياً، وفي مقابل ذلك هناك أشكال أخرى من الحلاقة كثيرة الطلب من الطلاب الجامعيين وغيرهم وتسمى (ماهوك)، إلى جانب ذلك توجد حلاقة (الذقن) وهي نوعان (عادي) و(بخاري)، وحمام زيت وصبغة للشعر وصنفرة عادية وأخرى بالبخار و(فيشيل)، والهدف منها إخراج الدهنيات من الوجه عن طريق وضع الصنفرة عليه وتدليكه كيما يصبح ناعماً و(مرتاحاً)، وأضاف: آخرون يأتون لفرد شعورهم بالكريمات مثل (سوفت آند فري)، كما نقدم مساجاً كاملاً للجسم وآخر مساج للوجه فقط، وحمام ساونا من نوعين جافة، وهي عبارة عن وضع حجارة مخصصة لهذا الغرض في جهاز حتى (تسخن)، ومن ثم تمريرها على الجسم، من أهم فوائدها أنها تطيح تماماً بـ(الرطوبة) وتعتبر العلاج الأنجع لها، أما الساونا الأخرى فهي بالبخار وينجم عنها تقشير للبشرة أو (الجلد الميت)، وتتفتح بموجبها المسامات وذلك باستخدام (ماسك) لشد البشرة.
مساج الـ(VIP)
لم أكن أتصور أن كل ذلك يفعله الرجال العاديون، ولكي أخفف من دهشتي سألت عن (العرسان)، هل يأتون إلى مثل هذه الصالونات ليلة زفافهم، لأن ذلك مُبرراً ومقبولاً إلى حد كبير، فقال لي أحد الفنيين بالصالون: نعم لدينا خدمات خاصة بالعرسان، وهي خدمات تجميلية متكاملة تجعل مظهر العريس أفضل، بل يكاد يكون مختلفاً تماماً عما كان عليه قبل دخوله (القفص الذهبي)، واستطرد: حتى أنهم يمكنهم منافسة (عروساتهم)، ومضى قائلاً: يكون تجهيز العريس كاملاً من الشعر وحتى المساج، وإذا أراد أكثر من ذلك هناك غرفة (VIP) يتم بداخلها عمل كل الأشياء المذكورة سابقاً، علاوة على أنها ذات خصوصية كاملة لذلك أسعارها مضاعفة، إلى جانب العرسان فإن كثيراً من الميسورين والمسوؤلين والمشاهير من الفنانين ولاعبي الكرة وخلافهم.
راحة واسترخاء
وفي السياق قال السيد “محمد محجوب” أحد العملاء: أنه يأتي للحلاقة وصبغ الشعر، ولكنه إذا أراد مساجاً فإنه يفضل عمله بالخارج لأن الخدمات هناك أفضل بكثير.
من جهته قال الزبون “محمد أحمد إسماعيل” إنه عميل مداوم في هذا الصالون، وأنه يشعر براحة عميقة عندما يحضر إلى هنا، وأضاف: كل الخدمات الصحية من (مساج وتدليك) والتجميلية من حلاقة وساونا وصنفرة وتقشير متوفرة وبتقنيات عالية، أنه بالفعل مكان للراحة والاسترخاء.
تركي وفرعوني وقناع شكولاتة
إذن ما الفرق بين تجميل الرجال والنساء؟ طرحت هذا السؤال على نفسي وأنا أغادر الصالونات الرجالية، لأجد الإجابة لدى نظيرتها (النسائية)، فقصدت كوفير (أورينتال) حيث مدام “كوثر” كانت في انتظاري بصالونها الأنيق، فقالت: دعيني أبدأ لك أولاً من هنا، من صالوني (أورينتال) الذي يعني (الملكة القوية)، وفي ذلك إشارة لا تخف عن أن الجمال يعطي المرأة الثقة بالنفس والقوة التي تشعرها بوجودها حد أنها تشعر وكأنها ملكة، وأضافت مدام “كوثر”: لدينا التجميل بالحمام المغربي للجسم عامة، والساونا للوجه وللجسم، وألـ(فيشيال)، وهي عملية إزالة الدهنيات من على الوجه وتنظيف آثارها، كما لدينا صالة كاملة للحناء المميزة للسودانيات، على جانب الحمام التركي والفرعوني وهو حمام بالأعشاب، ومن الأنواع الحديثة (قناع الشوكلاتة) وتنظيف بالـ(وتر ريم) للأظافر والرسم عليها، و(الأكلدك) وهو البناء على الأظافر بنوع معين من العجينة، وهي خليط من مواد تأتينا من خارج السودان. واستطردت مدام “كوثر” في إفادتها وفصلت قائلة: إن هذا العمل لا تستطيع أية عاملة أن تقوم به، إلا إذا كانت مدربة جيداً وفي الخارج، وكشفت عن أنها شخصياً اكتسبت خبرات كبيرة أثناء عملها في هذا المجال بـ(السعودية) لمدة (14) سنة، وأشارت إلى أن معظم العاملات بقطاع التجميل في (الخرطوم) أجنبيات، فهن متخصصات في الشعر وتجميل الأظافر والمساج، كما أنهن ملتزمات بالعمل والدوام وأكثر جدية، لكن هذا لا ينفِ أن العاملة السودانية تمضي قدماً في هذا المجال.
الرجال في الخط
أما عن الزبونات فقالت إحدى العاملات: تأتي النساء من كل القطاعات عاملات، ربات منازل، طالبات، كلهن يردن تحسين مظهرهن، خاصة المشهورات ومضيفات الطيران والعروسات اللاتي غالباً ما يأتين قبل شهرين من زواجهن، ويخضعن لبرنامج متكامل، يتضمن زيادة الوزن أو إنقاصه، ومضت قائلة: التجميل فيه نوع من الترويح عن النفس وليس إظهاراً للأنوثة فحسب، لذلك فإن إقبال الرجال عليه مبرر، ولا أرى عيباً في ذلك، فالرجل يريد أن يبدو وسيماً وجذاباً، وهذا يكسبه ثقة في نفسه، فيتحسن أداؤه في عمله، لكن ينبغي أن يكون الأمر في الحد المعقول والمناسب مع طبيعيته.