خربشات
(1)
ما الذي أمسى لدينا
في خوابي البيت غير المسغبة
ليس في البيت جدار
ولا ولا في البيت زيت أو حطب
تذكرت هذه الأبيات الأنيقات، التي خطها شاعر من بلدة القرير في أقاصي الشمال وهو “علي عبد القيوم” في سنوات خلت.. سنوات بعيدة كان الناس في السودان يأكلون طيب الطعام ويلبسون فاخر الثياب.. ويكتبون للأمهات والآباء بالبريد الذي تحمله عربات قطارات الشرق والغرب والشمال وحتى الجنوب، الذي كان يقاتل بلسان ويقرأ بلسان.. وما كان السودان قد ضاقت بأهله الضوائق وتوالت عليه النوائب.. وغشيته أزمات الخبز.. وشح المال.. واندثار الطبقات الثلاث.. الفقراء المعدمين.. والموظفين متوسطي الحال.. والأثرياء.. لم يعد في مدينتنا شيء من الطبقة الوسطى.. والأثرياء إما قطط سمان تطاردهم السلطات برفق.. وتطاردهم اللعنات بقسوة.. وإما أثرياء لا يمكن الوصول إليهم.. من يصدق بأن سودانيين من تراب سنكات وعجاج أم ضريوة وتمباك طويلة.. قد شيدوا القصور في أغلى بقعة من الأرض الأوربية.. وبالقرب من بحيرة البجع في سويسرا هناك قصور لسودانيين، بعضهم حتى عهد قريب كانوا موظفي دولة.. بين بيوت عاصمة الدنيا الجديدة جنيف، أثرياء الرياض.. وأثرياء الكنغو الديمقراطية الذين نهبوا الماس والنحاس.. أما السودانيون فما نهبوا إلا كراسات الأطفال.. ومال الزكاة.. وحصائل عائدات النفط التي راحت بين أهل الثقة.. وأهل الحق المقدس.. هناك من يجادل بأن أوضاع بلادنا الاقتصادية أفضل من بلدان أخرى!! وأن حالنا في(1989م)، كانت أسوأ من حالنا اليوم وبالطبع الإجابة : نعم، لكن حالنا في(2009م)، أفضل من اليوم.. وفي كل ساعة تنحدر بلادنا إلى أسفل ننتج ونفشل في تسويق ما ننتج من الذرة والفول، وتمارس دولتنا ظلماً وحيفاً.. واختلالاً في منهج دعم المنتجين.. كل جوال من القمح ينال نصيباً من الدعم المركزي وكل جوال من الذرة تضاف إليه رسوم تثقل حركته.. وبالأمس أعلنت الدولة وهي تزهو فرحاً بأن السعر التركيزي لجوال القمح ألف وثمانمائة جنيه.. ولا سعر تركيزي لأسعار الذرة والسمسم والصمغ العربي، والمنتجات الثلاثة تدعم الصادر والفجوة الشهرية ما بين الإنتاج والاستيراد نحو (10) ملايين دولار، فكيف لا تصبح الحياة قاسية بل مستحيلة ورواتب العاملين في الدولة لا تكفي حتى حليب الأطفال والخبز الحاف.. فكيف يعيش (السواد) الأعظم من الشعب وبنظرية رئيس زمبابوي المخلوع “روبرت موغابي”، لماذا يتم وصف الشعب بالسواد ولا يسمى بالبياض أو الصفار حتى لو كان صفار بيض (الجداد).
(2)
“ميادة سوار الذهب” شخصية عامة.. دخلت الملعب السياسي بعطائها وشجاعتها في التصدي لما رأته خطأ في الانقساميين الشيوعيين من رفقاء (حق)، واختارت ميادة سوار الذهب زوجاً أو اختارها “حامد ممتاز” زوجة، أو ائتلفت أرواحهما على العيش معاً مثل سائر الزيجات.. وأثارت تلك الزيجة غباراً كثيفاً في الأيام الأولى.. لظلال انتماء كليهما لمدرسته التي تربى في أحضانها.. وأثبتت زيجة ممتاز” و”ميادة” أن الانتماء الفكري لا يحجب التعايش الإنساني والتلاقي الوجداني.. وأخلاقياً أصبحت ميادة سوار الذهب شخصية خاصة في زواجها وبيتها، وشخصية عامة في أدائها وأفعالها وأقوالها.. ولكن بعض الصحافة والصحافيين اتخذوا من الخاص شأناً عاماً.. ولم تحترم إنسانية “ميادة” ولا خصوصية “حامد ممتاز” وانهالت بعض الأقلام تنهش فيما ينبغي تحصينه بالأخلاق والقيم.. وتنحر بعض الأقلام في جسد “ميادة” التي (تخلقت) بسمو المثقف ووعي المنتمي وتسامت فوق الهمز والغمز.. وانصرف “حامد ممتاز” الوزير الكبير عن تجاوزات بحقه كزوج وإنسان، وبعض الصحف لم تنظر إلى خطاب الرئيس ولا انفعالات النواب.. وتحليل مضمون ما جاء على لسان “البشير” ، ولكنها اهتمت بثياب “ميادة”.. ونظرات “حامد” الوزير، وهو يحدق في البرلمان وحركة النواب.. وفي ذلك أيما انصراف عن الحقيقة.. والاهتمام بما لا يلزم.. وتوظيف الأحبار في غير ما ينبغي أن تكون عليه وسائط إعلامنا.. الذي يتشبه في كثير من الأحيان بأعلام آخر .. وقد اندثرت قيم.. وأهدرت حقوق مثل حق “ميادة” في الاختيار، وحق “حامد ممتاز” في صون خصوصياته وحماية أسرته، وتداعت للمخيلة أبيات أبو نواس:
عاج الشقي على رسم يسائله
وعجت أسأل خمارة البلد..
ما ورد في صفحة التيار يوم (الأربعاء) الماضي بحق “ميادة” الإنسان، و”حامد ممتاز” مما لا لزوم له حتى لو كان ذلك دعاية أو ظلالاً أخرى كما ذهبت مصادر.
(3)
حسناً بات مريخ الفاشر القابض على قيادة كأس الدوري وهو الذي يقرر أين يذهب للعرضة شمال أو العرضة جنوب، في مثل هذه الأيام من العام الماضي ترنح مريخ السلاطين وكاد أن يسقط من قطار الممتاز.. ولكن أهل الفاشر كانت لهم وقفة.. ويد ممدودة.. واختارت القيادة السياسية للفاشر والياً رياضياً وسياسياً واجتماعياً أنفق على الرياضة كما ينفق على المحليات والسياسة والأنشطة الأخرى.. جاء “الشريف عباد” إلى شمال دارفور برؤية ورغبة في العطاء.. لم يمسك دعمه عن الهلال الفاشر الذي اقترب من العودة للممتاز.. وشجع فرسان مريخ السلاطين.. وجاء أفضل مدرب سوداني “شرف الدين أحمد موسى” من كادقلي للفاشر عبر محطة قصيرة، ووجد “شرف الدين أحمد موسى” أولاده الذين هربوا من جحيم كادقلي “مشرف زكريا” و”جيمي أولاغو” أفضل محترف أجنبي في السودان الآن.. وصنع “شرف الدين” من رماد الهزيمة انتصاراً.. وأشاع الضياء في ملعب النقعة وهزم المريخ في موقعة (الأربعاء) وبداية أكتوبر.. وينتظر مباراة أخرى في مواجهة الهلال الأسبوع القادم ليصبح كأس البطولة يقرر فيه مريخ السلاطين، وبقدر فرصتنا بمريخ الفاشر.. حزنا على حال أسود الجبال التي عجزت عن الزئير.. واقتربت من وداع الممتاز بسبب حكومات كادقلي التي رفضت الإنفاق على أفضل فريق في الممتاز في عهد مولانا “أحمد هارون” ، ولكن بعد ذلك أطلت سنوات القحط والجفاف وكاد الهلال أن يسقط في عهد “آدم الفكي”.. والآن في عهد مفضل الأسود تحتضر.. وتمرض.. والحسرة تتمدد على ما نحن فيه من هم وغم وحزن على فريقنا الذي ضاع في متاهات جنرالات د.”فيصل حسن إبراهيم” ، الذين قتلوا الأسود بالجوع والإهمال وسوء الإدارة والتقدير.. وكل جمعة والجميع بخير.