{ رغم اعتيادنا على صدمات ونكبات وفواجع ومحن هذا الزمان القاسي لكني مساء (الجمعة) الماضية،
( 28 سبتمبر- 18 محرم ) صدمت وأنا اتلقى من الزميل الصديق “عبد الباقي خالد عبيد” نبأ الرحيل المفاجئ لزميلنا الصحفي “علي همشري” الذي اختارت الأقدار أن يغادر هذه الفانية في بلاد الغربة، وما أقساه من رحيل، وبعد لحظات وقبل أن أفيق من تأثير حزني على صاحب التميز الصحفي والتألق الإبداعي (همشري) حتى أنني لم استطع أن اعدد مآثره وتميزه المهني والانساني أثناء حديثي عنه بـ(قناة النيل الأزرق) لاحقتني شقيقتي بفاجعة رحيل خالي العزيز “فتح العليم عباس حمري” ومن لحظتها دخلت في نوبة حزن مضاعفة.
{ والخال رغم معاناته المريرة مع مجموعة أمراض (القاوت وضغط الدم والجلطة ومضاعفاتها) ومع إيماننا العميق ويقينا التام بأن الموت سبيل الأولين والآخرين و(كل نفس ذائقة الموت) لكن لم يخطر ببالي رحيله بهذه السرعة حيث كنا نترقب استعادته لعافيته وعودته لبيته .
{ الخال “فتح العليم” منذ أن تفتحت مداركنا عرفناه من المتميزين بالهيبة والمهابة ودائم الأناقة والهندام في شكله العام و في المحيط العائلي ظل يمثل ( شعبتنا روح آمالنا ضو البيت الكبير وحلال العقد ورباي اليتامة ومركز الضيفان ومواصل الأرحام ورابطهم فيما بينهم على الدوام )
{ وعلى امتداد الأحياء التي سكنها بامدرمان ( العرضة والنخيل ) عرف بأنه ركازة الفريق وبين عامة الناس اشتهر بالكرم الوجود والعطاء غير المحدود وتفقد أحوال أصحاب الاحتياجات الخاصة بين الأهل والجيران والأصدقاء والمعارف .
{ أثناء فترة عمله بمؤسسة الكهرباء ( الهيئة القومية للكهرباء ) الإدارة المركزية قطاع أم درمان) عاش مثالاً للموظف المثالي والإداري الحريص على التميز والانضباط والالتزام بالضوابط المهنية وتقدير المسؤولية واحترام المواعيد وتجويد العمل وانجاز المهام على وجهها الأكمل والأجمل وظللنا من ذلك الوقت مبهورين بأسلوبه في الحياة وطريقته في العمل وتعامله الراقي الذي اكسبه حب العملاء قبل الزملاء
{ طيلة فترة خدمته وحتى بعد إحالته للمعاش مثل الخال “فتح العليم عباس” طراز نادر من رجال الخدمة المدنية المهنيين الذين لم يبخلوا بخبراتهم وتجاربهم على الآخرين حيث أفاد الكثيرين بتوجيهاته ونصائحه القيمة وأفكاره النيرة.
{ جوانب كثيرة من حياته الحافلة بالعطاء والتميز المهني والتفرد الإنساني عرفتها من زملائه في المهنة وأصدقائه وأصحابه المقربين في (مؤسسة الكهرباء) الفنان الموسيقار الراحل “السني الضوي” (فردة ثنائي العاصمة) والشاعر الرقم الراحل “محمد علي أبو قطاطي” وكذلك صديقه الدكتور الإنسان “عمر محمود خالد” امد الله في أيامه ومتعه بالصحة والعافية لمتعنا بـ(صحة وعافية ) وجميعهم اتفقوا بأنه من النبلاء القلائل في هذا الزمان الذين حملوا قيم الوفاء والإخاء والنقاء والسخاء .
{ أما ما قاله عنه جيرانه خاصة جاره الصوفي شيخ “الصافي المكاشفي” وجاره “الحردلو” وجاره المسؤول عن محطة البنزين القريبة من داره بامدرمان (حي النخيل) وغيرهم لا تسع المساحة لذكرهم ولذكر الحكايا والقصص المؤثرة التي تؤكد عظمة الخال كما تؤكد جميعها طيب المعشر والدين المعاملة .
{ يكفيه نبلا أنه كان دائم الابتسام ويقابل الجميع بأريحية واحترام وهناك الكثير من الإشارات والبشريات التي تؤكد بأن الله سبحانه وتعالى أكرمه بحسن الخاتمة ايضا لا تسع المساحة لذكرها أبرزها بجانب صبره الجميل على ويلات المرض (صلاته على النبي محمد) وقراءته لـ(آية الكرسي) قبل أن يسلم الروح إلى بارئها بالإضافة إلى قدوم ابنه “معاوية” من كندا لمرافقته في أيامه الأخيرة وليصلي على جثمانه الطاهر صلاة الجنازة ويرقده على قبره في سلاسة ويسر وسرعة وسلام تام .
{ حقا يا خال إنا لفراقك لمحزونون ولكن لا نقول إلا ما يرضي الله.
إنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
{ إلى لقاء في أعلى الجنان.