أخبار

هل تشعرون!!

الظروف الاقتصادية الصعبة.. وتردي الأوضاع الاجتماعية.. وتفشي الغلاء في الأسواق دفعت الأسر الفقيرة.. في الأحياء الشعبية لا بالمدن إلى البحث عن بدائل جديدة، وتفتقت عبقرية الجوعى عن وجبات زهيدة الثمن ، وبعد أن أصبح الفول المصري وجبة أغنياء، لجأ الناس إلى العدسية واللوبيا كبدائل بقولية غنية بعناصر الحديد والكالسيوم، وفي السابق كان الفقراء يتناولون (السليقة) في الغداء، والآن استعصى شراء اللحوم وباتت (مرقة ماجي) هي البديل.. وبعد أن كانت النساء تشتري ربع كيلو اللحمة لليوم الواحد شاهدت الجمعة الماضي بسوق (خليفة)، الذي أصر عباقرة الإنقاذ في أيامها الأولى على تحريف اسم السوق إلى (حلايب)، ولكن الشعب السوداني وفاءً للشيخ (خليفة) صاحب أول دكان في تلك المنطقة، قاوموا الاسم الحكومي المفروض بأمر السلطات، في هذا السوق كنت شاهداً على وقائع اقتسام امرأتين لربع كيلو لحمة بعد أن طلبتا من الجزار ذلك.. في مشهد يثير الشفقة والحزن لما هو قادم من (ضيق) قبل أن تمطر السماء حلولاً لمشكلات اقتصادنا الذي ينحدر كل يومٍ إلى أسفل.. في الأخبار المنشورة بصحف أمس الأول وصل الخرطوم وفد يمثل المجتمع بولاية القضارف، إحدى أغنى ولايات السودان وأكثرها إنتاجاً للسمسم والذرة.. والوفد الذي يضم المجلس التشريعي والمزارعين الذين (فقدوا) الاتحادات التي كانت تتصدى لمشكلاتهم وقضاياهم وضاقت الحكومة بأصوات الاتحادات المهنية.. فألغتها بضربة لازب.. وتركت المزارعين في (السهلة)، جاء هؤلاء بحثاً عن حل لمشكلات الموسم الزراعي الذي يهدد الإنتاج الوفير من السمسم والفول والغلال، ثلاث مشاكل أولها نقص السيولة الحاد والبلاد مقبلة على فترة حصاد السمسم والفول وكلاهما من المحاصيل النقدية للصادر، لا تنتظر سلحفائية القرار الحكومي وعجزه عن توفير السيولة للمزارعين لمجابهة أهم مرحلة في مراحل الزراعة، ألا وهي حصاد الزرع بعد موسم أمطار جيد جداً.. من حيث التوزيع ومعدلات هطول الأمطار، وإذا لم يحصل الوفد القادم من القضارف على (ضمانات) وقرارات بتوفير السيولة في غضون أسبوعين لحصاد السمسم، فإن ملايين الدولارات ستفقدها البلاد بسبب عجز القادرين عن الفعل..!!
المشكلة الثانية التي تواجه البلاد والمزارعين والاقتصاد تتمثل في البحث عن أسواق لصادر السودان الكبير من الذرة والسمسم لهذا العام.. ولن يتحقق ذلك إلا بجهد مضنٍ ورؤية ثاقبة لوزارة التجارة والصناعة وسياسات جديدة مع دول الجوار الأفريقي الذي تستهلك منتجات السودان من الذرة بصفة خاصة كغذاء للإنسان، ولو قدرت وفكرت النخبة السياسية في بلادنا (لباعت) إنتاجنا من الذرة للجنوب وأثيوبيا ولمنظمات الأمم المتحدة قبل أن تبحث الحكومة عن حلول للمشكلة الثالثة وهي قضية مواعين التخزين، والسودان هو الدولة الوحيدة التي تنتج وتعجز عن تخزين وتسويق إنتاجها ، و(تضطر) لحفر الأرض ودفن الإنتاج بطريقة بدائية متخلفة عن العصر الحديث.. فهل يشعر مجلس الوزراء وصناع القرار بما يشعر به المواطنون؟؟ أم هم في وادٍ والشعب في عالم آخر..؟؟

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية