صورتنا
#في كل عام ينظر إلينا العام بعينه التي تروق له يتفحص ملامح وجوهنا يبعثر أوراق دفتر أحوالنا يفتش في أخلاقنا وفق رؤيته هو وبعينه ومقاسات فساتين نسائه وأحذية رجاله، وفي كل عام يجري العام علينا حكمه بشأن موقفنا من احترامنا لمقدسات أصبحت عقيدة لعالم، أنكر على نفسه عقائده القديمة في التوراة والزبور والإنجيل وحارب نصف العالم النصف الآخر بتهمة الانتماء لدين يسند الإرهاب وقتل الإنسانية.
أصبح المغضوب عليهم من الحكام العصاة والشعوب المارقة على بيت الطاعة الأمريكي وبيت الخنوع الأوروبي، يخضعون سنوياً إلى بعثرة ملابسهم الداخلية وإشانة سمعة بلدانهم، ولا منجاة من محكمة جنيف في كل عام إلا الراكعين بأبواب واشنطون أو الدول التي تدفع الفدية وهم صاغرون.
والسودان يقع في منطقة مدارية في الخارطة الأممية تضم سوريا غير المؤدبة وفنزويلا العاصية وإيران المارقة وبلاروسيا التي تهدد الأمن والسلم الدوليين وكوريا واليمن، وهناك دول أخرى ترفض أن تبيع وتشتري من دكان السيد الأمريكي، الذي يمنح دولة مثل غينيا الاستوائية حصانة خاصة من الإدانة وبهدلة الحال، لأن البترول الغيني يذهب إلى المستهلك الأمريكي بسعر زهيد مثل بترول الخليج الذي يباع في الأسواق الأمريكية بسعرين أحدهما معلن والآخر مسكوت عنه، وحتى تصبح الحكومات الدكاتورية في أفريقيا محصنة من الإدانة الغليظة، عليها أن تتبع مرشد الأصدقاء المنجي من عاقبة حساب المؤسسات الأممية.
في هذا العام تم تفتيش ملابسنا ونظر إلى عيوننا لأن بعض من لغة العيون تكشف ما تحت المعطف والجلباب.
قدر العالم أن سلوكنا قد تبدل ومواقفنا من الحرب في دولة جنوب السودان، تستحق الدعم السريع والإسناد من قبل مجلس حقوق الإنسان، والحرب التي يخوضها السودان في مواجهة سماسرة وتجار الهجرة لأوروبا ينبغي مكافئته على ذلك بالقليل من العطف والشفقة ورفع السيف المرفوع على رأسه، والسودان يحارب ما تسميه الدول الغربية (الهجرة غير الشرعية)، كل قوات الدعم السريع والشرطة على الحدود مع الدول التي تمثل منابع الهجرة في خدمة السيد الأوروبي، تقبض وتطارد مجموعات الحالمين بالخروج من أرض الجحيم إلى أرض الفردوس في أوروبا، ولا تدفع للسيد الأوروبي دولاراً واحداً نظير حمايته من أناس هم ضحاياه في اختلال التنمية بين دول تغنى كل يوم ودول تفقر كل ساعة، ومن أجل هذا وذاك رفع عنا الردع المعنوي ولم تصدر إدانة غليظة بحق السودان في جنيف هذا العام،
أنهى مجلس حقوق الإنسان ولاية الخبير المستقل في السودان بعد أن نظر المجلس في كتاب السودان عند الولايات المتحدة الأمريكية، وليس كتاب السودان في أرض الواقع ولكن مجلس حقوق الإنسان بعد اعترافه بتحسن الأوضاع وعدم الحاجة لمراقب دائم ومفتش مختص يقدم سنوياً كتاباً يحوي سوءات أعمالنا استعاض قصر الأمم وهو المبنى الذي تنعقد فيه اجتماعات مجلس حقوق الإنسان سنوياً وبصفة راتبة في الفترة من أغسطس وحتى نوفمبر استعاض عن الخبير بمكتب يتبع للمفوض السامي يتم فتحه في الخرطوم قريباً جداً، ومهمة المكتب القيام أيضا بمهام مراقب صغير ومتحصل تقارير ينظر إلينا نحن أهل السودان في عيوننا ونستحي منه ونخجل من رقبتنا ونستجيب لما يريده السيد المراقب أو المفتش.
سعدت حكومتنا بشدة وفرحت وزغردت لقرار إنهاء خدمات المراقب السابق الذي يطلق عليه اسم الدلع الخبير المستقل، ولكن نحن أهل السودان زدنا حزنا على أحزاننا لأننا أصلاً لم نرتكب جناية تجعلنا تحت الرقابة الدولية لمدة خمسة وعشرين عاما، كل جرائمنا أننا قلنا نحن على كيفنا نقص شعرنا كيف ما اتفق ونمشي الهوينا أو مسرعين نرشح “البشير” أو “كيجاب” نأكل مما تهديه إلينا كندا أو نأكل فتة ببليلة عدسية، نمنع عن مدينتنا المريسة ونحلل الشربوت، ومن أجل ذلك تمت إدانتنا وشخبطت كراساتنا، وفي غمرة فرحة حكومتنا نسأل الوزير “محمد أحمد سالم” ونسأل مندوب السودان في جنيف، الوزير السابق والدبلوماسي المحترم جداً “مصطفى عثمان إسماعيل” متى نخرج نهائياً من فصول التدابير الخاصة ونمزق فاتورة حقوق الإنسان، مثلما مزقنا فاتورة استيراد العنب والتفاح والتين والزيتون، ومتى نصبح دولة مرضى عنها وغير قابلة للإدانة في مجلس حقوق الإنسان مثل السعودية وإسرائيل، وقبل ذلك كله متى يضع السودان لنفسه وفق عقيدته وثقافته منهجاً لحقوق إنسانه، يتوافق مع شريعته وموروثاته وقيمه وتقاليده، حتى لا نضطر للبس البلوزة القصيرة والصديري بدون ملابس داخلية للرجال.