رشان أوشي
ظلت قضية الصراع حول ملكية الأراضي، وخاصة المملوكة لمجموعات سكانية تاريخياً، تثير غباراً كثيفاً، ومهدداً كبيراً للنسيج الاجتماعي في البلاد، وقد طالبنا من قبل في مناسبات مختلفة أن تتجه الدولة لتغيير قوانين ملكية الأرض، لتصبح جميعها ملكاً للدولة، والسكان منتفعون فقط، حتى تحسم الصراعات الدامية التي تنشب عليها.
أمس الأول استنجد أهالي قرية “البادوبة”، شمالي أم درمان، بالصحافة لتوصيل قضيتهم للجهات العليا في الحكومة، فالمنطقة التي تقع في الريف الشمالي لأم درمان، والتي تأسست كقرية سكنية في سبعينيات القرن الماضي، ويقطنها حوالي (4000) أسرة، وتتمتع بجميع الخدمات، من كهرباء، ماء، مراكز صحية، ومدارس حكومية وخاصة، ومساجد…الخ، وخضعت للتخطيط عام 2005م، قررت السُلطات المحلية في مدينة كرري إزالتها، بدون مقدمات تفاجأ أهالي “البادوبة”، بفريق من محلية كرري تحرسه قوات نظامية يضع علامات باللون الأحمر، وأسهم على جدران المنازل المشيدة بمواد بناء حديثة، اشتكى المواطنين لوالي الخرطوم الجديد الفريق “هاشم عثمان”، وقبله قاموا بذات الخطوة للوالي السابق الفريق أول “عبد الرحيم محمد حسين”، الذي أبلغهم وقتها عدم معرفته بالإجراءات التي تمت.
استفسرنا المواطنين عن الأسباب التي دفع بها معتمد كرري “الصادق”، لعملية الإزالة، ولكنهم أكدوا على لسان متحدث باسمهم “عبد الله محمد علي”، أنهم لم يجدوا جواباً شافياً، وكل ما توصلوا إليه، أن هناك مجموعة سكانية أخرى ينتمي إليها السيد المعتمد أبلغته بملكيتها التاريخية للقرية، وطالبته بإزالة الجزئين الجنوبي والشمالي وضمهما لقريتهم التي تقع شرقي شارع وادي سيدنا، والبالغ عدد (500) بيت.
المدهش في الأمر، استجابة معتمد كرري لمطالب مجموعة من مواطنيه وظلم الآخرين، أي مهنية تلك، إن صح ذلك ، وأي أخلاق؟؟!!، هل يحتاج أهالي (البادوبة) لأن ينصبوا معتمداً منهم ليضمنوا الحماية من خطر التشرد؟!!، وإزالة أراضيهم، كيف تسمح الدولة أن يعبث مسؤولوها بحياة الناس واستقرارهم ليرضوا عشيرتهم وذويهم؟!!.
إن قضية أهالي (البادوبة)، عادلة بامتياز، فلا توجد أسباب هندسية تستوجب الإزالة، فالمنطقة خضعت للتخطيط، وتم فتح الشوارع الرئيسية، يمتلك أهاليها سندات ملكية لبيوتهم من مصلحة الأراضي، ويتمتعون بكل الخدمات الأساسية، من هنا نناشد فخامة رئيس الجمهورية، ووالي الخرطوم، لإنصاف أهالي القرية من الجور الذي وقع عليهم.
