{ مثل غيري من المستمعين الذين أدمنوا الاستماع والاستمتاع بروائع الأمس الجميل من شتى ضروب الإبداعات البرامجية ، التي ظلت تبثها لنا ( إذاعة ذاكرة الأمة ) ، تعجبت للغياب المفاجئ لصوت هذه المحطة الإذاعية التحفة ( ذاكرة الأمة).
{ وإذا عُرف السبب بطل العجب، وبعد جولة من التقصي والتحري الصحفي ومن داخل (الحوش ) جاءني الخبر اليقين يؤكد ( صدور قرار من المدير العام للهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون يعلن عن إيقاف (ذاكرة الأمة ) كمحطة إذاعية منفصلة ودمجها للموجة العامة بالإذاعة القومية أم درمان ..
{ والسؤال الذي يطرح نفسه هنا بقوة: ماهي الأسباب والدواعي التي أدت إلى اتخاذ هذا القرار المفاجئ ؟ وفي هذا التوقيت بالتحديد بعد أن وصلت الإذاعة بصوتها إلى جمهور عريض يتشكل من جميع الفئات العمرية يجمعهم الحنين إلى ماضي الذكريات الصادقة ليعيشوا بعضاً من اللحظات الجميلة في حضرة عمالقة ورموز ونجوم شكلوا وجداننا بكل ألوان وأشكال التميز الإبداعي الذي ربط كل الأجيال الحالية بماضي أمتنا التليد.
{ وفي وقت انتشرت فيه ( اف امات ) الفارغة والمقدودة كنا في قمة السعادة والاحتفاء بـ(ذاكرة الأمة ) التي كانت تأخذنا على بساط الأثير المثير وتعرج بنا إلى سموات إبداعية خالية من شوائب الفوضى والعشوائية البرامجية وكذلك تحمينا بدرر الأغنية السودانية من صدمات أغنيات الهبوط والسقوط وموسيقى الضجة والإزعاج و(الزنق والخنق) .
{ بالمناسبة من الخدمات العظيمة التي ظلت تقدمها (محطة ذاكرة الأمة ) التذكير بتواريخ الأحداث التاريخية والمناسبات القومية الوطنية، وتعيدنا لنعيش تلك الأحداث بأحاسيس لحظاتها، بالإضافة إلى تنبيهنا بتواريخ ذكرى رحيل كوكبة من العظماء والأفذاذ في مختلف المجالات، هذا بخلاف الكثير من الفوائد والقيم التاريخية .
{ الآن، وبعد أن تحولت الذاكرة من محطة فاعلة إلى مكتبة صامتة. يا تُرى كم هي مساحة البرمجة التي سوف يحددها القائمون على الأمر لبث البرامج والأحداث والأغنيات وغيرها من إبداعات الأمس التي تدعو للدهشة والتأمل . بكل تأكيد لن تأتي المساحة الزمنية كافية بالقدر الذي كنا نجده في فضاء ذاكرة الأمة المحطة .
{ نحن في انتظار إجابة تفسر وتوضح لنا أسباب هذا الحرمان الأثيري المفاجئ .؟! خاصة أننا ظللنا طيلة اليومين الماضيين ( متقريفين ) لمزاج الاستماع والاستمتاع بكل ما كانت تقدمه ( ذاكرة الأمة ) .!!
( لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه)