تقارير

ما بين (مطبخ) الرئيس ومؤسسات الوطني.. من يصنع القرار؟

الشيخ "علي عثمان محمد طه" يفك الطلاسم

الخرطوم : طلال إسماعيل
حينما جلس النائب الأول الأسبق لرئيس الجمهورية، الشيخ “علي عثمان محمد طه” يحكي لـ(5) من رؤساء التحرير قبل ساعات من وداعه للمنصب، لم يكن في الحسبان أن والي شمال كردفان الحالي مولانا “أحمد هارون” سيدخل إلى مكتب الشيخ “علي” وهو لا يكاد يصدق أن قراراً كبيراً بخروج الحرس القديم من المؤتمر الوطني والحكومة سيصدر، فمن يصنع القرار في البلاد؟
يرى أكاديميون أنه قبل صدور الـقـرار تسبقه عملية الدراسة والاستشارة أو بعبارة أدق البحث عن الخيار الأنسب، ويقوم بذلك الخبراء والاستشاريون من داخل المؤسسة أو خارجها، لأن أصحاب القرار لا خبرة لهم في الموضوع أولاً يمتلكون الوقت لذلك، وذلك لتشخيص المشكلة وتحليلها، وتحليل بدائل الحل، تحديد بدائل الحل الممكنة ومقارنتها واختيار البديل المناسب ومن ثم رفع خلاصة ونتائج ذلك إلى أصحاب القرار محصورة في عدة خيارات، ويقوم بالبحث عن الـقـرار أيضاً جماعات الضغط وأصحاب المصالح والنفوذ من جهة ثانية، الوسائل الإعلامية من جهة ثالثة، ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب من جهة رابعة، وتقوم كل جهة من هذه الجهات بتسويق ما تراه خياراً مناسباً إلى أصحاب القرار بحسب دورها ورسالتها ورؤيتها وأهدافها.
وقال الأمين السياسي السابق للمؤتمر الشعبي وعضو المجلس الوطني، “كمال عمر” في حديثه لـ(المجهر) أمس (الإثنين) :”في كل القرارات التي صدرت، ليس هنالك مؤسسة في المؤتمر الوطني تقوم بذلك، لجهة أن حزب المؤتمر الوطني، حزب سُلطة، وليس لديه مؤسسات لصناعة القرار والدليل آخر قرار صدر حول تقليص وتعيين الوزراء ووزراء الدولة، حصر رئيس الجمهورية لاجتماع المكتب القيادي للمؤتمر الوطني، من بعد مشاركته في اجتماع اللجنة التنسيقية العليا للحوار بالقصر الجمهوري وهو ممسك بكل تفاصيل التغيير في الجهاز التنفيذي ودخل لاجتماع المكتب القيادي.”
وأضاف “كمال” :”الآن في تقديري أن كل القرارات عند رئيس الجمهورية وليس هنالك مؤسسة ولا مؤتمر وطني ولا أحزاب حوار يمكنها أن تصدر قرارات، يوجد (مطبخ خاص) بالقرارات التي يصدرها رئيس الجمهورية لا يعرفه المؤتمر الوطني ولا تعرفه أحزاب الحوار الوطني، وكل المواقف السياسية تصدر من المطبخ الخاص ولا أريد أن اسمي من هم؟”
لكن أحد قيادات الإعلام بالمؤتمر الوطني – طلب عدم ذكر اسمه – أشار إلى أن هنالك مؤسسات تنظيمية بالحزب تصدر عنها القرارات بما في ذلك عملية التعديل الوزاري الأخيرة، واستدل بالقول إن الجميع ينتظر اجتماع المكتب القيادي للمؤتمر الوطني، لاعتماد التعديلات وإصدار السياسات العامة، كما استدل باجتماع مجلس الشورى الأخير للمؤتمر الوطني وصدور بيانه الختامي. ورفض القيادي بالمؤتمر الوطني الحديث حول وجود شلة محددة أو مطبخ يقوم بتسيير أجهزة الدولة أو مؤسسات المؤتمر الوطني. وقال لـ(المجهر):” لدينا سياسة حول التصريح لوسائل الإعلام وضبطها من خلال موجهات محددة ستظهر خلال أيام.”
وفي ندوة سياسية بثتها قناة النيل الأزرق، اعتبر رئيس حزب التحرير والعدالة ووزير وزارة العمل والإصلاح الإداري والتنمية البشرية، “بحر إدريس أبو قردة” أن التقليص بداية مهمة لتقليص آخر على مستوى الولايات والمحليات وابدى اعتراضه على مصطلح (محاصصة) مبيناً أنه مضلل وأن ما يتم عبارة عن مشاركة ناتجة بعد حوار وطني أنقذ السودان من أزمات سياسية استمرت منذ الاستقلال، ولو تم مبكراً لما وقعت الحرب، وقال إن مجلس الوزراء الجديد يضم وزراء أصحاب كفاءة في أعمار قادرة على العمل، منوهاً إلى أن القيادة السياسية والإدارية للوزارات لا يشترط فيها التخصص، وأن الناجح أكاديمياً قد لا ينجح في قيادة الوزارة، داعياً إلى إعطاء الحكومة الجديدة فرصة زمنية قبل الحكم عليها، مشيراً إلى أنه يرى فيها الأمل بالرغم من التحديات الماثلة.

وذهب في ذات الاتجاه رئيس حزب الأمة ووزير التعليم العالي د. “الصادق الهادي” بأن الحوار الوطني أحدث تحولاً إيجابياً كبيراً في السودان، وقال إن مخرجاته وافقت عليها معظم القوى السياسية والمعارضة والحركات المسلحة، عدا قلة مبيناً أن الترهل في حكومة الوفاق الأولى جاء بسبب المشاركة الواسعة من قوى وطنية تحاورت لأول مرة في تاريخ السودان بجرأة وشجاعة حول قضايا السودان السبع، وقال إنه متفاءل جداً بحكومة الوفاق الثانية ويرى فيها العزيمة والمثابرة والسعي نحو النهضة، موضحاً أنها تعمل وفق فترة زمنية وبرنامج محدد.”
ويواصل أحد الحاضرين لجلسة النائب الأول الأسبق الشيخ “علي عثمان محمد طه”، مع رؤساء التحرير، أن الشيخ “علي” تفاجأ بحديث رئيس تحرير (الرأي العام) الأستاذ “كمال حسن بخيت”، حينما أشار له أن بعض الوزراء يتوجهون إلى منطقة معروفة قبل إعلان التشكيل الوزاري، فرد عليه الشيخ “علي” بأن الملك لله. وضرب لهم مثلاً بأنه اقترح على رئيس الجمهورية، “عمر البشير” تعيين “السموأل خلف الله” في وزارة الإعلام والثقافة والشباب والرياضة، فوافق الرئيس لكن عندما عرضت على اجتماع المكتب القيادي للمؤتمر الوطني، وزعت الوزارات الثلاث بعد فصلها ودون أن ينال “السموأل خلف الله” أي مقعد وزاري. ويقول لـ(المجهر) إن نهج إعلان الوزراء قبل إخطارهم هو نهج معمول به منذ بدايات ثورة الإنقاذ، وليس نهجاً جديداً، وهنالك قصص وحكاوى.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية