سوق (6) بالحاج يوسف.. تناقضات الحياة السودانية في (بقعة جغرافية محدودة) بلا تزاحم أو تنافر
"الكَوَل" و"الكجيك"و"البفرا" و"الجراد ومحاضرات أنصار السُنة والمصارعة..
الخرطوم ـ عبد الله أبو وائل
يعود تاريخ إنشاء سوق (6) بحي الوحدة بالحاج يوسف إلى العام (1970)، وسُمي بهذا الاسم لوقوعه بمربع (6) بحي الوحدة، وكانت البضائع تعرض في “رواكيب” أول الأمر قبل أن تتحول إلى أكشاك “زنكي” ومن ثم دكاكين مبنية بالطوب الأحمر، ويُعد سوق (6) من أشهر الأسواق بمحلية شرق النيل وولاية الخرطوم، بل من أشهر أسواق السودان لخصوصية ما يُعرض من بضائع يندر وجودها بالأسواق الأخرى، كما يُعد من أكبر الأسواق من حيث المساحة، فهو إلى جانب الدكاكين الثابتة التي تعرض الأزياء والأقمشة والأحذية والكريمات والعطور إضافة لأسواق “الموبايلات” واستوديوهات التصوير والإكسسوارات، وغيرها من البضائع والسلع، فإن السوق يمتد نحو الميادين ليتم عرض الكثير من الأشياء الأخرى، وكل هذه التناقضات تجدها في سوق (6) بالحاج يوسف دون أن تناحر أو تزاحم.
{ سوق (الجمعة) “الدلالة”
يعدّ سوق الجمعة من أشهر الأسواق وأكبرها، نسبة لتنوع ما يعرض من سلع وبضائع أسهمت في رفع عدد مرتاديه من الزبائن والزوار الذين يأتون إليه من مختلف ولايات السودان، واشتهر السوق باسم “الدلالة” نسبة لما يعرض فيه من بضائع جديدة وقديمة وبأسعار زهيدة، ويُعد “الميدان” الذي يقع شرق السوق مكاناً لعرض مختلف الأشياء مثل الأثاثات الخشبية كالدواليب والأسرّة والترابيز والأثاثات الحديدية كالأبواب والشبابيك، وأيضا الأواني المنزلية ومواد البناء والدراجات البخارية والعجلات، إضافة لأسواق الخضر والفاكهة واللحوم البيضاء والحمراء وسوق للملابس وآخر للأحذية، بجانب سوق العطور وآخر لبيع حطب “الطلح”.
{ سلع وبضائع قومية
يشتهر سوق (6) ببيع سلع وبضائع قومية تأتي من ولايات السودان المختلفة، وبعضها يأتي من دولة جنوب السودان ومن أشهرها “الكَوَل” الذي يأتي من غرب السودان، وأيضاً “المرس” إضافة لـ”الكجيك” و”البفرا” من جنوب السودان.. كما يباع بالسوق “الجراد” الذي يعدّ من الوجبات المفضلة لعدد من القبائل، وغيره من السلع.
{ سوق البصل
في الجزء الشمالي من سوق (6) يقع سوق “البصل” والذي يرتاده كثير من الزبائن نسبة لجودة المعروض وزهد ثمنه مقارنة بغيره، والبعض يشتري البصل بـ”الجملة” ويبيعه بأسواق أخرى.
{ المشاتل تمنح المكان ألقاً
في الجزء الغربي من السوق توجد مشاتل لبيع الشتول والزهور، وتجد إقبالاً من المهتمين بهذا المجال.
{ حلاقة على الهواء
يفضل كثير من الشباب ارتياد سوق (6) بغرض حلاقة شعر رؤوسهم “على الهواء” إذ إن الحلاقين يتخذون من الفضاء مكاناً لممارسة المهنة دون التقيد بـ”الصوالين” المخصصة لذلك، وهم يجدون متعة كبيرة في ذلك خاصة أن الشباب يفضلون ذلك المكان الذي لا يقيدهم من الانشغال بهواتفهم النقالة أثناء الحلاقة.
{ تأجير السيارات
المساحات الشاسعة للسوق يوم (الجمعة) جعلت من بعض المكان مساحة لتأجير السيارات وتعلم القيادة، ويجد هذا العرض إقبالاً من الكثيرين خاصة الشباب الذين يحرصون على إشباع رغباتهم بممارسة “التفحيط” بالسيارات.
{ الندوات والرُقية الشرعية
من أبرز ما يحرص عليه مرتادو السوق حضور الندوات الإسلامية التي يقدمها عدد من الشيوخ سواء من الصوفية أو “أنصار السُنّة”، وأيضاً هنالك حلقات الذكر وأخرى للرُقية الشرعية.
{ المصارعة حاضرة
شغف إنسان “الوحدة” بالمصارعة الشعبية قاد الدولة لإنشاء إستاد لممارسة تلك اللعبة التي يحرص الكثيرون على متابعتها ومشاهدتها، خاصة يوم (الجمعة) الذي يعدّ بمثابة يوم ترفيهي يقضيه البعض بهذا السوق الكبير. وتحمل أسماء وألقاب بعض المصارعين في الحاج يوسف بعض الدلالات السياسية والمجتمعية مثل (النهب المسلح) و(الدفاع الشعبي) و(الطلقة النارية) و(المُهمش)، كما أن كثيراً من السياسيين والتنفيذيين بدأوا يتابعون أخبار المصارعة مؤخراً وأصبحت برنامجاً ثابتاً في بعض القنوات الفضائية.
{ الفنون الشعبية تنال الرضا
ويشتمل السوق على مساحة للفنون الشعبية والرقص لعدد من الفرق الشعبية، حيث يتابعها الناس، ويقطعون المسافات من أماكن متفرقة من ولاية الخرطوم لإمتاع أنفسهم بمشاهدة هذا النوع من الفن.
{ الأعشاب والمنجمون
في جزء من سوق (6) يجلس بعض “العشابين” وهم يعرضون “الأدوية البلدية” المصنعة من الأعشاب المعالجة لكثير من الأمراض كالبواسير والحصوة وألم الأسنان وغيرها من أمراض هذا العصر، بل هنالك من يدعي علاج “السرطان” والايدز.. وأيضاً يجلس بأماكن متفرقة عدد ممن يدّعون معرفة “المستقبل” سواء بضرب الرمل أو رمي الودع أو غيرها من الوسائل، ويحرص كثيرون على الجلوس إلى هؤلاء رغم حديث الرسول “صلى الله عليه وسلم”: (كذب المنجمون ولو صدقوا).
{ “الركشة” و”الكارو” لترحيل المشتريات
اللافت لنظر من يرتادون سوق (6) أن مشتريات هذا السوق يتم ترحيلها إلى المنازل أو الأسواق الأخرى بواسطة “الكارو” أو “الركشة” وذلك لقلة التكلفة مقارنة بوسائل الترحيل الأخرى مثل “البوكس” و”الأمجاد”، ويستمتع “الراكب” بسماع الأغاني السودانية طوال زمن “الرحلة” نسبة لوجود “سماعات” كبيرة لتشغيل “أجهزة التسجيل” سواء الـ”أم بي ثري” أو “الكاسيت”.