تقارير

قدر مراقبون كلفته بنحو (5) مليارات جنيه: مؤتمر الحركة الإسلاميّة .. البذخ في زمن التقشف!!

{ على مدى ثلاثة أيام بلياليها، اجتمع الإسلاميون الحركيون – الذين يمسكون بمفاصل السلطة الحاكمة –  في (قاعة الصداقة) بالخرطوم في مؤتمر الحركة الإسلامية.. وبعيداً عما تمت مناقشته في المؤتمر والتوصيات التي خرج بها، إلا أن هنالك ملاحظة مهمة جداً، لا يمكن تفاديها أو المرور بها مرور الكرام.. فقد كان ملفتاً حجم الصرف والثراء الواضح في معظم تفصيلات المؤتمر.. وهو ما يتنافى أو يصل حد التناقض مع السياسة التقشفية التي أعلنتها الدولة –  والحركة الإسلامية جزء منها – في أعقاب رفع الدعم عن المحروقات، وتقليص هيكل الدولة واتخاذ تدابير من شأنها تقليل الصرف من موارد الدولة لمواجهة التحديات الاقتصادية ومنع البلاد من الانزلاق في هاوية اقتصادية، لدرجة أن وزير المالية “علي محمود” قد طالب الدولة بعدم استضافة أي مؤتمر خارجي بسبب التكاليف العالية..
 وقد ظهرت مظاهر البذخ والثراء في المكان والملبس والمأكل والسيارات وكل متعلقات المؤتمر.. ففي الجلسة الافتتاحية – مثلاً – حرص كثير من الرجال، بمن فيهم معظم المسؤولين في الدولة، على ارتداء الجلابيب والعمامات الفخمة والأحذية المحلية المصنوعة من (جلد النمر) ذات الأسعار الغالية جداً.. فيما حرصت كثيرات من النساء على ارتداء الثياب السويسرية ووضع الأساور الذهبية في اليدين، وتراصت السيارات الحكومية والخاصة ذات الفخامة والموديلات الحديثة داخل وخارج (قاعة الصداقة) وملأت وفاض بها رصيف شارع النيل، ابتداءً من جسر توتي وحتى مشارف مسجد الشهيد بمنطقة المقرن.. كما أن نوعية الطعام والوجبات والمشروبات المقدمة للمؤتمرين – الذين يبلغ عددهم نحو (4) آلاف شخص – أيام المؤتمر، كانت فاخرة جداً، وهي – كما قال متابعون – لا تشبه نوعية الطعام العادي الذي قدم لأعضاء مؤتمر شورى المؤتمر الوطني الذي عقد قبل عدة أشهر بالخرطوم.. وفي هذا الصدد يقول “سعيد عبد الرحمن العبادي”، وهو أحد خبراء متعهدي الحفلات والمناسبات، إن كلفة المشروبات والمأكولات التي قدمت خلال المؤتمر تقدر بنحو (750) ألف جنيه، إذا أضيفت إليها كلفة الترحيل والضيافة، وقال لـ(المجهر) خلال اتصال هاتفي: (حسب خبرتي فإن مؤتمراً بهذا الحجم وبنوعية الطعام والشراب الذي قدم للمؤتمرين، فإن كلفته لن تقل عن مليار إلا ربع بأقل تقدير).
وهذا المبلغ التقديري والمخصص للطعام يقارب المبلغ الذي قالته المتحدثة باسم المؤتمر” سناء حمد” بأنه مخصص لأجل المؤتمر وهو  مليار جنيه.
وأكد الدكتور “أمين حسن عمر”، أحد القيادات المكلفة بالإعداد للمؤتمر، إن المؤتمر يتم تمويله من مساهمات الأعضاء أنفسهم، وقال لـ(المجهر) في وقت سابق: (الدولة ليست لها علاقة بتمويل المؤتمر، وكل حديث عن تمويل الدولة للمؤتمر غير صحيح). وأضاف قائلا: (الحركة الإسلامية يمولها المنتسبون إليها، سواء أكانوا أفراداً أو رجال أعمال، وهنالك استثمارات معروفة، وحتى حزب (المؤتمر الشعبي) ذهب بجزء من هذه الاستثمارات، وبالمناسبة هي ليست كثيرة، وأنا استغرب لماذا يشكك البعض في (المؤتمر الشعبي) في مصادر التمويل، وهم يعلمون كيف تسير الأمور منذ الماضي، ونقول لهم لم يتغير شيء.. وأقول لهم إذا كنتم تستحون من شيء متعلق بالتمويل الآن فهو موجود في الماضي.. وعموماً فإن مسألة التمويل معروفة، ونحن نلزم الأعضاء بزيادة مساهماتهم عندما تكون هنالك أحداث كبيرة لمقابلة الاحتياجات المطلوبة).
{ وفعلياً، وعلى أرض الواقع، يصعب التفريق بين (الحركة الإسلامية) والدولة، في هذه الفترة الزمنية، وبالتالي يصعب جداً التفريق بينهما في كل شيء.. ذلك أن المشاهدات العادية في المؤتمر تجعل التفريق بينهما صعباً، فمثلاً معظم الوزراء والولاة والدستوريين وأعضاء المجالس التشريعية جاءوا إلى مقر المؤتمر بسيارات الدولة وبحراسهم الشخصيين الذين ينالون رواتبهم من الدولة.. كما أن الضيوف الذين جاءوا من خارج السودان، وأكد القيادي في الحركة “مهدي إبراهيم”، أن عددهم وصل إلى (120) شخصاً، تم تخصيص السيارات التي تتبع لرئاسة الجمهورية في حِلهم وترحالهم خلال فترة مكوثهم بالبلاد، مع تخصيص حراس شخصيين من قبل الدولة لهم. فإذا أضيف ذلك إلى قيمة تذاكر الطيران، والفنادق ذات الخمس نجوم التي أقاموا بها، والنثريات التي دفعت لهم، فإن فاتورة المؤتمر تصل إلى أرقام كبيرة ربما تتجاوز بمراحل ما أعلنت عنها المتحدثة باسمه.
ويقول الخبير الاقتصادي الدكتور “عبد العزيز حامد”: (إن مؤتمراً بحجم مؤتمر الحركة الاسلامية يكلف الكثير من الأموال). وأضاف خلال اتصال هاتفي مع (المجهر) يوم أمس: (أعتقد أن فاتورة المؤتمر أكثر بكثير مما أعلن عنه، وهو مليار جنيه، وبحسبة بسيطة، فإن إيجار القاعة ذاتها والمنصرفات التي صرفت على الضيوف الذين أتوا من الخارج من تذاكر طيران وفنادق، بالإضافة إلى المنصرفات على الأعضاء والبالغ عددهم نحو (4) آلاف شخص.. حدث مثل هذا يمكن أن يكلف نحو (5) مليارات إذا حسبنا تذاكر الطيران ونثريات الفنادق بالدولار الأمريكي). ودعا “حامد” القائمين على أمر المؤتمر لتقديم كشف حساب دقيق ومفصل للمصروفات، وتابع قائلاً: (المؤتمر هو باسم الإسلام والحركة الإسلامية، ويجب أن تكون قدوة للناس في مثل هذه المسائل وأكثر شفافية ووضوحاً.. وشخصياً أرى أن الصرف كان يمكن أن يكون بأقل من هذا كثيراً خاصة وأن الدولة أعلنت رسمياً عن سياسة التقشف بعد أن رفعت الدعم عن المحروقات، وطالبت المواطن بالصبر).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية