الحكومة الجديدة .. محاولة للتشكيل
ليس هناك من داعٍ لتأخير إعلان الحكومة الجديدة برئاسة السيد “معتز موسى” لأكثر من يومين ، فالوضع مختلف عن حكومة الوفاق الوطني الأولى التي شكلها الفريق أول “بكري حسن صالح” قبل عام ونيف ، فتلك كانت تستوجب مشاورات موسعة ، ومفاوضات معقدة مع كافة قوى وأحزاب الحوار الوطني للوصول للتشكيلة النهائية .
الآن .. كل المطلوب تخفيض وزراء وإلغاء وزارات تم الاتفاق على دمجها وفق دراسة فنية أعدتها لجان مختصة ، نتفق مع رؤيتها كثيراً وقد نختلف معها قليلاً .
كل المطلوب من رئيس الوزراء الجديد اختيار وزير مالية كفء وجدير بهذا المنصب ، بالإضافة إلى وزير دولة للمالية ومحافظ للبنك المركزي بمواصفات دقيقة لا تحتمل المجاملات ، كما لا تحتمل تفصيل المقاسات والخبرة والعمر بمقاس وعمر “معتز موسى” وجيله ، فهذا مما يضعف الوزارة ويعصف بمستقبلها .
بقية الوزارات .. لا أظن أن هناك مشكلةً كبيرةً فيها ، فليس مطلوباً تغيير وزير النفط .. مثلاً ، فالوزير “أزهري عبدالقادر” قدم أداءً رفيعاً خلال الفترة الوجيزة التي قاد فيها الوزارة ، ويشهد له نفط الجنوب الذي تدفق في أنابيب الشمال بعد مثابرته ودأبه لأسابيع متصلة، بينما عجز كل وزراء النفط السابقين، الذين أعقبوا فترة الدكتور “عوض الجاز” ،عن التقدم خطوة في مشروع النفط ، بل تأخروا كثيراً في إنتاج حقول الشمال ، وأقعدوا بهذا القطاع .
وزراء رئاسة الجمهورية ، الدفاع والخارجية ، هناك إجماع على حسن أدائهم ، ولأول مرة تتطابق آراؤنا كمراقبين مع رأي القيادة في ما يتعلق بهذا الثلاثي (د.فضل عبد الله ، الفريق أول عوض ابن عوف ، د.الدرديري محمد أحمد) .
وزارة الصناعة والتجارة المدمجة غالباً ستؤول لوزير الصناعة ممثل المؤتمر الشعبي الدكتور “موسى كرامة” مع إلغاء وزارة الشعبي الثانية .. التعاون الدولي ، وأظن أنه وزير مناسب ومقتدر .
السيد “مبارك الفاضل المهدي” غالباً سيبقى بالوزارة ، سواء بوزارة اقتصادية أو وزارة الداخلية حال تنازل المؤتمر الوطني عنها ، فوجود رموز سياسية وأسماء كبيرة مثل “مبارك” مهم لتصبح وزارة خبرات متزاوجة مع طاقات شباب .
وزارة الزراعة تحتاج إلى وزير جدير بأفق ممتد ورؤية مختلفة ، وأتمنى لو أن أحد رجال الأعمال من الذين مارسوا العمل الزراعي ونجحوا بالاستثمار فيه مثل السيد “وجدي ميرغني”، وافق على الانقطاع عن أعماله الخاصة لصالح الوطن الكبير ، لستة أشهر فقط يقود فيها وزارة الزراعة إلى الطريق السريع ، لإحداث ثورة زراعية تضاعف حجم صادراتنا الزراعية .
في رأيي أن دمج وزارات (الموارد المائية والكهرباء ، النفط والغاز ،التعدين) ، غير صحيح ، فالوزارة الأولى أصلا نتاج دمج وزارتي الكهرباء والري ، كما أن النفط والتعدين وزارتان لإدارة موارد الدولة وثرواتها ولا علاقة لهما بالري والكهرباء ، إلا من ناحية نظرية بحتة تركز على مفهوم الطاقة .
ولذا فإن استبقاء وزارة الكهرباء والري كوزارة بوضعها الحالي هو نعم الرأي . وفي تقديري أن أفضل وزير يمكن ترشيحه للكهرباء والري هو المهندس “مكاوي محمد عوض” ، الذي كان من أفضل مديري هيئة الكهرباء طوال تاريخها ، بينما لم يوفق كثيراً في وزارة النقل والطرق .
إذن .. المحور الأهم في التشكيلة هو اختيار وزير المالية ومحافظ البنك ، فعدد من الوزراء بالحكومة المحلولة يستحقون العودة لمواقعهم ، وقد فصلنا في ذلك آنفا .
يجب التعجل في إعلان الحكومة الجديدة لأن تأخيرها يعني اتاحة الزمن والفرصة لعمل (لوبيات المصالح) و(التكتلات الحزبية) لإدخال “زيد” وإخراج “عبيد”، ما يضعف التشكيلة المنتظرة .
إننا ندعو بالتوفيق لرئيس الوزراء الجديد السيد “معتز موسى” ، و نشد من أزره ليعيد البسمة إلى شفاه الشعب السوداني الذي طال به أمد المعاناة .