الديوان

(الوابورات) بحري .. حي عريق يرسم ملامح تطور النقل النهري

(55) عاماً على أول رحلة نيلية لباخرة سودانية

الخرطوم – رباب الأمين
في مثل هذه الأيام من العام 1963 كانت أول رحلة نيلية للباخرة السودانية (الثريا) من مدينة حلفا إلى العاصمة الخرطوم، قادها مدير مصلحة (الوابورات) وقتها السيد “عبد الرحمن الماحي” بنفسه وكانوا على موعد مع احتفال كبير في مرسى شمبات حيث خرجت الجماهير عن بكرة أبيها تستقبله.
ملامح وتاريخ خالد رسمته مصلحة النقل النهري بقيادة الراحل “عبد الرحمن الماحي” أول من سودن وظيفة مدير عام مصلحة النقل النهري، وقد تولى أيضاً مهام رئيس مجلس الإدارة، وما يزال حي الوابورات القابع بمدينة بحري شاهداً على ما تحقق من نقلة في مجال النقل النهري وهؤلاء العمال الذين قطنوا هذه الحي يرسمون ملامح النجاح تلو الآخر.
وقد احتفي عدد من الصحف بخبر تحرك أول باخرة سودانية ونقلت جانباً من الاحتفال الذي أقيم بتلك المناسبة.
شكل النقل النهري وجدان الشعب السوداني، حيث عرفت منطقة بحري (الوبورات) بأصوات المركبات النهرية التي تأتي من دنقلا.. والحي تحيطه حلة حمد من الغرب حتى كوبري المك نمر الاسم الحقيقي لها “حى النقل النهري” يقطنه عمال النقل ومنازلهم في شكل قطاطٍ وأمامها أشجار الـ(تمرهندي)، أما مسؤلو النقل النهري فمنازلهم من الخرسانة.
وسجل التاريخ بصمة الإنجليز في هذه المنطقة العريقة فقد أنشأوا مدرسة الأمريكان عام (1926م) قبل أن تسمى لاحقاً بالإنجيلية، وعقب تدشين ورشة “الحوض النهري” أصبحت تابعة إدارياً للسكة الحديد ويتبع لها الركاب والبضائع، وتم تشييد محطات على ضفتي النيل من كريمة حتى دنقلا ترسو عليها الوابورات لإنزال وتحميل الركاب والبضائع، وكان لها دور فعال في تنمية المنطقة اقتصادياً واجتماعياً، حيث تحول المزارعين من العمل بالسواقي إلى استخدام الطلمبات الرافعة للمياه ما ساعد في تحسين مستواهم وزيادة الرقعة الزراعية إذ كانت المياه المرفوعة بالسواقي قليلة.
وتم إدخال عدة بواخر للخدمة في هذا الخط، وتتم صيانتها وتشغيلها من العاملين في ورشة الحوض بكريمة.. وهذه البواخر بدأت بـ: (وتر الليل، فكتوريا، البركل، كربكان، الجلاء، الزهرة، مريدي والخرطوم).
وكان آخر مهندس إنجليزي لورشة الحوض هو مستر “ايقا” لتتم السودنة على يد المهندس “عبد الرحمن الماحي”.
{ أول باخرة تدخل البلاد
كان دخول أول باخرة نيلية إلى البلاد في عام 1875 وتم تركيبها داخل السودان، وبعد وصول الجنرال “غردون باشا” حكمداراً عاماً للسودان عمد إلى تنشيط الحركة النهرية في السودان وأنشأ ورشة لصيانة الوابورات النهرية وكان مقرها مكان وزارة الأشغال الحالية بالخرطوم، ثم نقلت إلى أم درمان عام 1898 ثم استقرت أخيراً بالخرطوم بحري عام 1902م، واستمرت إلى يومنا هذا، وتقوم هذه الورشة بصيانة الوحدات النهرية، وكانت إدارتها تابعة للجيش المصري بالسودان ثم تطورت هذه الورشة فيما بعد لتصبح مصلحة الوابورات والمراكب.
في يونيو 1972 انفصلت هيئة النقل النهري من السكة الحديد ورئاستها في الخرطوم بحري، كما أن المنطقة تتمتع بمحطة لتحلية المياه.
{ شخصيات خلدت اسمها
المهندس “عبد الرحمن أحمد الماحي” ابن شمبات كان أيضاً أول سوداني يشغل منصب مدير مصلحة الوابورات بمدينة كريمة، وكوستي، وبحري واستمر مديراً للمصلحة حتى عام 1969م.. أثناء عمله ساهم في تطوير أسطول النقل النهري ومواعين نهرية أخرى ساهمت في تسهيل وترقية أساليب التنقل النهري في معظم أنحاء مدن السودان الواقعة على ضفاف النيل، خاصة شماله وجنوبه، حيث قاد بعد إنشاء السد العالي وغمر المياه لمدينة حلفا القديمة (ميناء حلفا)، قاد أسطول النقل النهري الذي كان قابعاً هناك متخطياً العقبات المائية (الشلالات والسدود) إلى الخرطوم.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية