أخبار

سمر آخر الأسبوع

{ "عاصم البنا"

رغم أن الأزمات الإنسانية عادة ما تكون مؤشراً قوياً على مقدار ما نعانيه على مستويات متفرقة في الاقتصاد والبنية التحتية وصمت الجهات الرسمية، إلا أنها في ذات الوقت يمكن أن تكشف عن معادن بعض الناس، صهرتهم تلك الظروف وأظهرت معادنهم (النفيسة) التي يزيدها الإحراق عبقاً وطيباً.
الفنان الشاب “عاصم البنا” أحد الذين أُتيح لي خلال الفترة السابقة أن أكون قريباً منه.
ورغم معرفتي الجيدة به قبل سنوات إلا أن ما تكشف لي من “عاصم” خلال الفترة السابقة أبان مقدار ما يكتنزه الرجل من شهامة وكريم أخلاق وتجاوب مع كثير من القضايا آخرها قضية مرضى “المايستوما”، كما أن “عاصم” عينه سبق أن كان أحد الفنانين الذين دعموا الناس إبان محنة السيول والأمطار التي ضربت البلاد، فقد تصدى لإحدى المبادرات ولم يذق للنوم طعماً مدة أربعة أيام كان خلالها يجوب الأصقاع بحثاً عن المتأثرين في “غرب أم درمان” وقيامه وحيداً بعملية (مسح) للمتأثرين واتصاله بالجهات الداعمة للمبادرة، بالإضافة إلى دعمه الشخصي الكبير للمبادرة التي ضاهى فيها كبرى الشركات التي قدمت تبرعاً للمبادرة.. كما أنه أعلن عن تبرعه بريع حفلاته أثناء أزمة زيادة أسعار الدواء قبل نحو عام.
أعلم أن “عاصم” قد يبدي ضجره وضيقه من هذا الحديث، لأنني أعلم تماماً أنه لا يرجو من ما فعله إلا الثواب.. ولكن الأنموذج الذي قدمه خلال الفترة السابقة جعلني لا أجرؤ على السكوت كونه يمثل حلقة من الترابط الاجتماعي ووجهاً مشرقاً للمطرب المدرك لاستحقاقات نجوميته.. ووعيه لدور الفنان الرسالي تجاه الأزمات التي تلم بخاصرة الوطن.
{ يسطع في ذهن بعض المغنين الجدد الذين سلّطت عليهم الأضواء الإعلامية بكثافة مؤخراً أنهم قد وصلوا إلى أعلى درجات (النجومية).. ويخالون أنهم بلغوا منتهى ما يصله مغنٍ بعد أن أطلق الإعلام السائب في بعض الأحيان على بعضهم صفة (نجم) و(فنان)، فانتشى كثيرون بذلك وباتت خياشيمهم تتنفس عبق الشهرة أو القبول دون أن يدروا للحظة أن كثافة الأضواء يمكن أن تعمي أبصارهم عن رؤية مواقع أقدامهم.. فيدبون بها بغير هدى.. ما يجعلهم عرضة للانزلاق في أية لحظة وتهشيم (عظامهم) الفنية بما لا تجدي معه أية (جبيرة) لترميم تلك الكسور.
{ كثيرون استمرأوا ذلك الطريق.. ويسيرون فيه الآن.. تعمي تلك الأضواء بصيرتهم.. هؤلاء لم يتعظوا بتجارب من سبقوهم الذين شغلوا الناس كثيراً لكنهم لم يكونوا يملكون مشروعاً غنائياً واضحاً فانتهوا إلى مجاهيل النسيان.
{ أين هم الآن، مطربون أمثال “شريف الفحيل” و”خالد حسن” و”نايل” و”أمجد شاكر” وغيرهم ممن ساند الناس موهبتهم، وشغلوهم لكنهم تلاشوا سريعاً لأنهم لم يكونوا يملكون ما يقدمونه.
{ إذا تداعت مشاريع من سبقوكما.. فتبينا خطواتكما يا “مأمون سوار الدهب” و”أحمد فتح الله”.
} مسامرة أخيرة
{ نشر صديقي الذي كان يتأهب للسفر خارج البلاد بعد أن قضى معظم عمره محشوراً بدماغه في بطون الكتب الإعلان الآتي:
للبيع.. بغرض السفر.. وتجديد الدماغ
كتب ومراجع وبحوث في: (الفلسفة الخايبة، الاشتراكية المسكينة، التاريخ والعلوم، الديمقراطية البائسة.
السعر: بضع من سنوات العمر.
العيوب: ليس بها من عيوب سوى أنها ستكون حبيسة الورق.
ولكن قبل الشراء نحذّر من إنو اتغشينا بيها زمان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية