.. الراحة التي بدت على وجه الرئيس “البشير” وهو يشد على يد الرئيس الصيني ويبادله الابتسام، عكست وبلا شك حجم القلق والتوتر بل والصعوبات التي عانت منها الخرطوم، منذ أن تدهورت علاقاتها قبل ما يربو عن أربع إلى خمس سنوات مع بكين، وهو التدهور الذي مثل حقيقة ماثلة بآثارها الاقتصادية، مهما كان حجم النفي حيالها أو التقليل من شأنها من قبل الحكوميين السودانيين، وبالطبع فقد كان ذلك حدثاً مفاجئاً أرجعه البعض لانهيار اقتصاد الشمال بعد انفصال الجنوب، مقروناً ذلك بالتبرير الصيني بعجز السودان عن تسديد ديونه، إلا أن هذا التبرير فيه من الغرابة وضعف المنطق ما فيه، فدولة بحجم هذا المارد الأصفر لا تتعامل مع دولة نامية كالسودان بمنطق تاجر الجملة، فهما بلغ حجم الميزان التجاري وحجم المستثمر من أموالها بالسودان فلن يعدو لها ذاك إلا قدراً ضئيلاً جداً من نشاطها التجاري والاستثماري العالمي، والسودان في هذا ليس ذَا نفع اقتصادي ربحي مباشر بالدرجة الأولى، ولكنه بيئة فاتحة لمحيط إقليمي مهم، ما كانت بكين لتبلغه على يسر ونجاح بمثل ما حدث لها خلال العقدين الماضيين، والحقيقة التي يجب أن تقال هنا إن خطئاً سياسياً ودبلوماسياً كبيراً قد حدث تسبب فيه بعض من متنطعي السياسة لدينا، الذين ظنوا أن عهداً جديداً قد حان عقب انفصال الجنوب وتقديم السودان لصورة جديدة، فحرفوا المراكب ودمروا الجسور وانتظروها من على الرصيف رياحاً غربية – عربية ما لبثت أن دارت عليهم لتقتلع رحالهم وخيامهم