تقارير

علاقات السودان ومصر.. تمضي إلى الأمام قبيل القمة الرئاسية

نظرة عن قرب

الخرطوم : يوسف بشير
ظل الحذر، في فترات متقطعة، يخيم على العلاقة بين الخرطوم والقاهرة، سواء في توترها أو تحسنها، غير أن الفترة الأخيرة شهدت تقارباً ارتقى بالعلاقة إلى إلي مستوى إستراتيجي بفضل جهود رئيسي البلدين، اللذين ما أنفكا يؤكدان بين الفينة والأخرى حرصهما على متانة العلاقات كلما شابتها شابئة، ووصل الأمر بوزير الخارجية المصري إلى وصفها بـ(المقدسة)، غير أن هذا التقارب لم يفض الى حل أزمة مثلث حلايب، المتنازع عليه، فأزمة المثلث ظلت حاضرة دوماً على واجهة الأحداث المحركة للعلاقة بين الطرفين، خاصة وإن مصر دوامت على رفض إحالة الأزمة إلى التحكيم الدولي، بالرغم من تجديد السودان شكواه سنوياً، ولا يمكن للتحكيم الدولي البت في الأزمة قانونياً إلاّ في حال رضى الطرفان.
}المضي قدماً نحو التكامل..
ولم يجد مقترح جعل المنطقة منطقة تبادل للمنافع قبولاً أو رفضاً قاطعين، وهو الامر الذي راج في أواخر حقبة الرئيس الأسبق لمصر “حسني مبارك”؛ وإنما تُرك معلقاً ولم يتطرق إليه أحد. فقد لجأ الطرفان إلى مقترح بديل مقتضاه ترك الأزمة جانباً بإبعادها عن التنافر الإعلامي شريطة عدم تعرض السُّلطات المصرية للأنشطة التجارية الخاصة بالسودانيين في منطقة مثلث حلايب ،وعدم ملاحقة المواطنين بذريعة كونهم متسللين، وبمعزل عن أزمة حلايب، فقد شهدت زيارة رئيس مصر ” المشير عبد الفتاح السيسي” إلى الخرطوم، يوليو المنصرم، فتح عدد من الملفات، نُقلت إلى الوزراء لمزيد من النقاش حولها، وبالفعل، ناقش وزراء الخارجية والزراعة والصحة والنقل في البلدين، في القاهرة، يوم الثلاثاء، مجموعة من المشروعات منها التكامل في مجال الدواء وتوحيد اشتراطات سلامة الغذاء وتفعيل ربط خطوط السكة حديد والربط الكهربائي، وقد اعتمدت تلك اللقاءات (20) وثيقة للتعاون في سبعة قطاعات تنموية، إضافة لعدد من التوصيات سوف تُعرض على القمة الرئاسية التي ستُنعقد بين رئيسي البلدين في أكتوبر المقبل.
}حرص التواصل..
واحتفلت صحف الخرطوم، الصادرة صباح أمس، بتأكيد السفير المصري في الخرطوم، “أسامه شلتوت”، على إقبال السودانيين الكبير على مصر، إذ تمنح بعثات السفارة في الخرطوم وبورتسودان ووادي حلفا (1200) تأشيرة دخول يومياً إليها، وأوضح أن ذلك يأتي في إطار اتفاق الحريات الأربع، الموقع بين البلدين، والخاص بحرية التنقل والسكن والدخول والخروج. وشدد السفير على أن اتفاق الحريات قطع شوطاً كبيراً خاصة التنقل والإقامة، لا سيما بعد فتح الطرق البرية، وعلق على أن المعدل المتزايد من التأشيرات يؤكد وجود إقبال للتواصل بين الشعبين، في وقت قطع بعدم وجود أيّ تمييز واختلاف في الحقوق والواجبات في بلاده بين المواطن السوداني والمصري.
ويمكن قراءة إعلان وزير الصحة، “بحر إدريس أبو قردة”، عن منح مصر (100) فرصة علاج مجانية في الأمراض النادرة، كإعلان مجاني عن تقدم المستشفيات هناك، وبالتالي استقطاب مزيد من المرضى مما يعني عملياً فشل أو محاولة إفشال مشروع توطين العلاج بالداخل، دون إغفال إشادة المرضى السودانيين بالتعامل الطيب والسلس الذي يجدوه في مشافي مصر، مع تذمر قلة قليلة من التشخيص الخاطئ، التي تعاني منه مشافينا بحسب الأخبار المتداولة يوماً عن آخر، في هذا الصدد.
}آفاق الحل..
وعلى الرغم من هذا التقارب الكبير، إلاّ أن ثمة معضلات هامة ينبغي حلها خاصة مشكلة الحدود والحريات الأربع. وبخصوص الأولى، فثمة تسريبات إعلامية تكشف عن إعطاء أولوية في اللقاء الرئاسي بأكتوبر، لملف الحدود، ولكن بشكل مختلف بعيداً عن النزاع حول منطقة مثلث حلايب، حيث يتم البحث في عدد من الوسائل والخطط الرامية لتذليل العقبات على الحدود لتسهيل عملية التنقل بين البلدين، بما يسهم في زيادة حركة التجارة المشتركة، ويشير مراقبون للساحة السياسية إلى أن حركة التجارة المشتركة تصب في البداية لمصلحة مصر، حيث تجد بضائعها سوقاً رائجاً في السودان، أيضاً من الملفات الشائكة بين البلدين، ملف سد النهضة، إذ تتخوف مصر من نقص حصتها من مياه النيل حال اكتمال تشييد سد النهضة، في وقت، تعمل إثيوبيا على طمأنتها ، ، وينشط السودان في التوسط بينهما ، على الرغم من أنه سيكون متضرراً حال حدوث أي نقص في مياه النيل، خاصة وإن الأنظار العربية تتجه إليه ليكون سلة غذاء العالم العربي .
ويؤكد المراقبون أن القاهرة أكثر استفادة من الخرطوم، حال مضي التقارب الذي يحدث الآن إلى الأمام، ويعزز تأكيد المراقبين حرص وزير الخارجية المصري، الذي قال (الأربعاء) الماضي، إن العلاقات بين مصر والسودان إستراتيجية ومقدسة ولها خصوصية؛ نظرًا للروابط القائمة بين الشعبين، لذلك يجب العمل على الوفاء بتطلعات شعوبنا، وتحقيق الارتقاء في مختلف المجالات، وقطع بوجود حرص من الجانبين على بذل المزيد من الجهود لإزالة أي شوائب تعكر صفو العلاقات.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية