رشان أوشي
ساقتني الأقدار أمس الأول، إلى وسط الخرطوم، نواحي صينية القندول بالضبط، لاحظت اكتظاظاً كثيفاً لنسوة في أعمار مختلفة، اصطففن تحت هجير الشمس أمام احد البنوك، بدت عليهن آثار الفقر والعوز، ثيابهن بسيطة، وجوههن مرهقة بفعل الهموم وأعباء المعيشة، حاولت تجاوز الأمر، ولكن انتشارهن بهذه الكثافة جعلني أتوقف للسؤال عن الأمر، هالني ما علمته، أخبرتني إحداهن وشاركنها البعض، بأنهن كن يستفدن من دعم اجتماعي سنوي يقدمه مالك شركة “كوفتي”، لآلاف النسوة ممن لا عائل لهن، أرامل أو مطلقات..الخ، يحصلن على المنحة في الأعياد وشهر رمضان، تقضي لهن حوائج أبنائهن ورسوم المدارس، الجامعات وبعضاً من أعباء المعيشة اليومية، كن يحصلن على تلك الأموال “كاش” في ميدان كبير، يقدمها رجل البر والإحسان بنفسه، ولكن قررت الحكومة أن تحرم هؤلاء النسوة الفقيرات من عطاء الله لهن، حيث جففت السيولة من السوق، وألزمت الشركة أن تمنحهن عبر البنك والصرافات الآلية.
ظلت هؤلاء النسوة تقضين كل اليوم أمام البنوك للحصول على مبلغ مالي من المنحة السنوية، تقضين قرابة (12) ساعة يومياً أمام الصرافات الآلية والبنوك، يغبن عن بيوتهن تاركات أطفالهن فريسة للجوع والعوز وقلة الحيلة، ذرفت السيدات المنكوبات الدمع ثخيناً، حتى شاركتهن البكاء، وطرحن سؤالاً لم أجد له جواباً: لماذا تصر الحكومة على إذلالنا وتجويعنا؟ّ
أرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.
(2)
وجهت النيابة تهماً تحت المادة (126) من القانون الجنائي السوداني المتعلقة بالردة، للداعية الشاب المثير للجدل “مزمل فقيري”، على خلفية مقطع فيديو تحدث فيه فقيري عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، وزوجته السيدة صفية رضي الله عنها، ولكن في ذات الوقت لم يقل الرجل إنه ترك الإسلام، إن كانت هناك عقوبة فلتكن في سياق إساءة العقائد، وليست الردة التي أصبحت سلاحاً مصوباً لكل المخالفين سياسياً.
لم يرد ذكر حد للردة في النص القرآني، إنما عرف العلماء أن المرتد هو من تلفظ بكلام كفر أو فعل أو اعتقد اعتقادات كفرية، ولكن القرآن لم يذكر عقوبة دنيوية على ذلك.
أنظار العالم تتجه إلينا، وخاصة في مناحي حريات الاعتقاد والعقيدة، بالله عليكم ما نعيشه من أزمات يكفينا.