الديوان

سوق (على كيفك) بكردفان يخطف الأضواء ويحول التجارة لبورصة للتعايش والسلام

على بعد مائة كيلو متر جنوب غرب مدينة الأبيض، تحتضن ثلاثة (خيران) أو مجارٍ مائية موسمية سوقاً أضحى أكبر أسواق للإبل في السودان وثاني أكبر أسواق المحاصيل في كردفان، إنه سوق الحاجز الذي يقع في أحضان وادي (النامية) وملتقى وادي ( أبو زقرات) وخور (الإزيرق) جنوباً، وسوق الحاجز الذي يكنى بـ(على كيفك) لحرية التجارة وازدهارها، وهو متنفس ثقافي واجتماعي ومركز للقاء القادمين من الشمال والجنوب. وبينما تأثرت كل جنوب كردفان سلباً بالحرب، ازدهر سوق الحاجز بسبب موجة الهجرات من الجنوب إلى الشمال، وتنامى سوق الإبل والأبقار والضأن بعد أن (حبس) التمرد الرحل في المنطقة الشمالية بجنوب كردفان، الشيء الذي ألقى بظلال بيئية خطيرة على المنطقة.
سوق الحاجز هذا الذي أحال نشاط التجارة بقدرة قادر إلى ملتقى للتعايش والسلام وتبادل الثقافات، نشأ في عشرينيات القرن الماضي بعد الهجرة العكسية من أم درمان لغرب السودان لكل القبائل التي ساندت المهدية، ويعتبر الحاجز موطناً لقبائل المسبعات والتكارير وخزام وبني حسن وكنانة والبديرية والبرقو والفلاتة، إلا أن النظام الأهلي يجمع سكان المنطقة تحت قيادة عمودية دار شلنقو، حيث مقر محكمة العمدة حماد موسى أبوهم.
خليجيون في قلب السوق..
بات سوق الحاجز أكبر سوق للإبل في السودان بسبب الهجرات وتوسطه لكردفان، ويبلغ متوسط معروض الأبيض في يوم الجمعة من كل أسبوع الثلاثة آلاف رأس، وبذلك أصبح السوق قبلة للتجار من (أم درمان) و(الأبيض) و(كوستي) و(النهود) ومدن أخرى، وهناك سوق داخل سوق الإبل للسلالات النادرة وإبل السباق، وبات مألوفاً وجود عرب من دول مجلس التعاون الخليجي في سوق الحاجز، يبحثون عن الجمال النادرة ويبلغ سعر الحاشي من الإبل (5) آلاف جنيه، والجمل الكبير يصل سعره إلى (15) ألف جنيه، بينما تبلغ أسعار جمال البشاريين إلى (18- 20) ألف جنيه، وبجانب سوق الإبل هناك سوق خاص للماعز والأبقار والضأن، ويبلغ متوسط المعروض من الضأن في يوم الجمعة الـ (15) ألف رأس، وأشهر أنواع الضأن الحمري والضأن البلدي، كما أن الإبل يأتي بعضها من دارفور، وهناك وارد من ضأن دارفور إلى سوق الحاجز.
محكمة تقاوم الحداثة
تعتبر محكمة العمدة “حماد موسى” من أقدم المحاكم الريفية في كردفان مثل محكمة (ناظر دار حامد) الشهيرة بمنطقة كريدم، فإن وجود قاضِ بمحكمة الدبيبات التي تبعد من منطقة الحاجز نحو أربعة كيلو، وأخذت الحاجز والدبيبات في التلاقي الحميم خاصة بعد الهجرة والنزوح الكثيف من (كادوقلي) و(الدلنج) لمحلية القوز باعتبارها آمنة من التمرد حتى الآن. ويقوم العمدة “حماد موسى” بأعباء المحكمة الريفية، يصلح بين الفرقاء في النزاعات الصغيرة كالأراضي والتعدي والمشاجرات.
أشهر (10) شخصيات في الحاجز
يعتبر الراحل “التوم حامد يحيى” من أشهر رجالات سوق الحاجز لما عرف عنه من كرم وسخاء وجود، وهو من أوائل تجار السوق، واشتهر السوق أيضاً بالراحل “جبريل عبد الفضيل” الذي يصف نفسه (بأزرق كحل الشيخات)، وهو عامل بسيط يرطب المجالس بالقفشات حتى رحل عن الدنيا. وثالث المشهورين “الشيخ الطيب المهدي” و”حسن أبو شليخ” الذي رحل قبل سنوات وهو من شايقية شمال السودان والجزار “حامد النضيف” و”سعد الله” صاحب المطعم و”المهيدي البشير” شقيق “د. حامد البشير”، ومن النساء، المرحومة “خديجة البشير” والمرحومة “أم مهلين” و”أم بلول الأمين”، وهن من فضليات المجتمع.
كساد الحمير
كسد سوق الحمير في الحاجز بسبب انتشار عربات الأتوس الكورية السريعة التي تقطع الفيافي والوديان، وباتت تربية الحمير لا جدوى اقتصادية منها، لذلك انخفضت أسعارها إلى مائة جنيه للحمار، ويتم يوم الجمعة عرض مئات الحمير ولا تجد من يشتريها.
مهرجان الفرح
يعتبر يوم الجمعة في سوق الحاجز مهرجاناً للفرح، يتم شراء مستلزمات الزواج من السوق، وتضرب الفتيات (الدلوكة) في السوق، ويعرض الشباب ويتسابقون في مساعدة من يرغب في الزواج بالمساهمة في شراء الشيلة، وهو ضرب من التكافل الاجتماعي، كما أن السوق يمثل تلاقحاً ثقافياً للبقارة والأبالة والبديرية، وما تزال أغاني التراث الكردفاني حاضرة رغم تسلل ثقافات جديدة وافدة من شرق إفريقيا كالرقص على أنغام الحبش.
الأمن مستتب
يعتبر سوق الحاجز من المناطق الآمنة في جنوب كردفان، وتقوم شرطة محلية القوز بتأمينه، وبعد تعيين المعتمد “محيي الدين التوم” وهو من نفس السوق، بدأ في حل مشاكل الحياة لمدينة الدبيبات وسوق الحاجز في بادرة وجدت التقدير ورفعت أسهم المعتمد كثيراً.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية