قراءة متأنية في أسباب الوداع المبكر لقمة الكرة السودانية من البطولة الأفريقية
عدم الاستقرار الفني والإداري والاعتماد على جيوب الأفراد ودعم السُلطة يعصف بالهلال والمريخ خارج صراع حلبة الأبطال
تقرير ـ أبو وائل
ودع المريخ بطولة الأندية الأفريقية (الأبطال) من دورها التمهيدي ولم ينجح الهلال في مواصلة مشواره بذات البطولة، ليتحول إلى (الكونفدرالية) لكنه بات على مرمى حجر من وداعها نتيجة خسارته لمباراته في الجولة الأولى أمام (نهضة بركان) المغربي وتعادله في ثلاث مباريات على التوالي بأم درمان أمام المصري البورسعيدي ودي سونغو الموزمبيقي قبل التعادل مع الموزمبيقي بمعقله ببيرا، فما هي الأسباب التي أدت لتواضع الهلال والمريخ؟ وهل من أمل يلوح في الأفق بعودة القمة لسابق عهدها أم أن هذا الوضع مرشح للاستمرارية في المواسم القادمة؟ وعبر المساحة التالية نجيب على تلك التساؤلات:
المريخ وعدم الاستقرار الإداري
مشاركة المريخ في البطولة الأفريقية (الأبطال) جاءت في ظل الأوضاع الإدارية المتأزمة التي يمر بها النادي نتيجة الصراعات بين المجلسين (المنتخب) و(المعيّن)، بجانب ضعف إعداد الفريق وقلة الموارد المالية التي تسببت في عدم تسلم بعض اللاعبين لمستحقاتهم المالية، إضافة للحرب الإعلامية التي مورست على المجلس المنتخب، وكان من الطبيعي أن يودع الأحمر البطولة الأفريقية، سيما وأن قرار الوزير بتعيين لجنة تسيير قبيل سويعات من مباراة الفريق الحاسمة ليؤثر ذلك بصورة مباشرة على اللاعبين، فأسهم في تشتيت أفكارهم، كما أن الصراع الإداري جعل الجمهور بين مؤيد ومعارض لينصرف عدد مقدر عن تشجيع اللاعبين للإساءة إليهم.
عناصر متميزة ومدرب قدير ولكن
ما يميز المريخ رغم المشاكل الإدارية أنه يضم مجموعة متميزة من اللاعبين بمن فيهم من تم ضمهم في التسجيلات التكميلية السابقة، كما أن المدرب التونسي”يامن الزلفاني” الذي تم التعاقد معه مؤخراً يعتبر من أفضل المدربين، وقد نجح في وضع بصمته التدريبية، ولكن تميز العناصر وكفاءة المدرب ربما لا يقودان الأحمر لاستعادة مكانته في الخارطة الأفريقية لكرة القدم، في ظل الوضع الإداري الحالي والقادم، ما لم يتم التعامل بواقعية وجدية وفقا للقوانين لا عن طريق سياسة التسويات
الهلال يدفع ثمن قبضة الرجل الواحد
حال الهلال لا يختلف كثيرا عن المريخ رغم ما يظهر من استقرار إداري لكن مشكلة الأزرق تكمن في قبضة الرجل الواحد “رئيس النادي” الذي عمل على إلغاء شخصيات أعضاء المجلس، وقيامه منفرداً بإدارة النادي من مبدأ أنه من يدفع وحده، وأسهم ذلك الوضع في اتخاذ “الكاردينال” لكثير من القرارات المتناقضة أسهمت في عدم الاستقرار الفني، ومما زاد من تعقيد الأزمة تلك القرارات غير المدروسة، ومن بينها إعفاء السفير “علي قاقرين” من رئاسة القطاع الرياضي، وتعيين المهندس “محمد عبد اللطيف هارون” والذي لا مقارنة بينه و”قاقرين”، إذ إن “هارون” لا علاقة له بالكرة من قريب أو بعيد في الوقت الذي اكتسب فيه “قاقرين” شهرة تخطت حدود الوطن وهو بشعاري الهلال والمنتخبات الوطنية.
المال يتحكم في مصير القمة
الحقيقة التي لا تقبل الجدل أن المال أضحى (عصب الحياة) وبدونه لا يمكن تنفيذ أي مشروع بغض النظر عن نوعه، وبناءً على ذلك فإن فريقي الهلال والمريخ، بحاجة لكثير من الأموال لمجابهة متطلبات الفريقين، ففي الوقت الذي يمسك فيه “الكاردينال” منفردا بملف الإدارة، فإن الأخطاء الإدارية يمكن أن تكلف الفريق الكثير، بجانب تكليفه لإداريين بأعباء لا علاقة لهم بملفاتها من قريب أو بعيد، كتكليف المهندس “هارون” برئاسة القطاع الرياضي، إضافة لعدم اهتمام الإدارة بملف الاستثمار الذي يعتبر المخرج الوحيد من هذه الأزمات بدلاً من الاعتماد على جيوب الأفراد، وبالمقابل فإن ما يمر به المريخ من أزمة مالية نتيجة اعتماده على جيوب الأفراد خلال الفترات السابقة يصعب من مهمة من يديرونه، خاصة وإن معظمهم موظفون ليس من بينهم (رجال أعمال) إلا القليل، والأخطر من ذلك اعتماد (المجلس الوفاقي) على الدعم الحكومي من ولاية الخرطوم، للصرف على احتياجات الفريق من مرتبات وتدريبات ومباريات، وفي ظل تلك الأوضاع يزداد الوضع تعقيدا مما يتطلب التفكير في وسيلة أخرى لاستقطاب الدعم بدلا من انتظار ما تجود به الولاية في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.
النظام الأساسي هل ينهي الأزمة؟
يجب اصطحاب قرار اتحاد الكرة بتحديد الثالث عشر من سبتمبر القادم موعدا لإجازة النظام الأساسي للأندية لمواكبة النظام الأساسي للاتحاد الدولي، وربما تنتهي الأزمات الإدارية بالأندية بما فيها الهلال والمريخ، ليكون ذلك مدخلا لانتخاب إدارات تكون قادرة على صنع النجاح بعيدا عن الطرق الإدارية التقليدية، فهل تحل مشكلة القمة بإجازة النظام الأساسي لأكبر ناديين بالسودان؟.