دماء على الصخر (2)
الآن يشرب “عبد العزيز آدم الحلو”، من كأس العنصرية الذي تجرعه خصومه وفرقاء النضال، حينما أصبح “عبد العزيز الحلو” مطية للقوميين النوبة، الذين رفضوا أن يبقى في صفوف الحركة الشعبية، كل من يمتزج في دمائه الأعراق السودانية.. وعند القوميين النوبة الحركة الشعبية كيان عسكري وسياسي يعبر عنهم.. ويوحدهم.. والقوميون النوبة يمتد وجودهم في كل الأحزاب السودانية من المؤتمر الوطني الحاكم منهم وزراء ونواب في البرلمان وقادة في الظل.. عاكفون في محراب النادي الكاثوليكي سابقاً.. والقوميون النوبة مثلهم والقوميون الجنوبيون الذين تجمعوا تحت قبعة “سلفا كير”، يستظلون بظله ويمدون جسور الوصل مع المؤتمر الوطني، بغية الوصول لصناديق الاستفتاء، ونالوا انفصالاً مجانياً دون دفع جنيهاً واحداً من أجل أو التضحية بقطرة دم واحدة في صراع الحركة الشعبية مع الشمال.. و”عبد العزيز آدم الحلو” مثل حال الخليفة “المتوكل” الذي صار مطية في يد ضئولته الأتراك وهو في أخريات أيامه، فالجنرال “الحلو” خدعة سراب القوميين وأحلامهم الانفصالية.. ورفعوا له شعار حق تقرير المصير لشعب النوبة مستلهمين منفستو الشعوب الأصيلة الذي زرعه في مخيلة البعض القوميين البيض.. في صراعهم مع الهنود الحمر في الولايات المتحدة الأمريكية.. رفض “الحلو” أطروحات وحدة ما تبقى من السودان وركب سرج حق تقرير المصير.. وشجعته المخابرات الجنوبية لحساباتها الخاصة وهي تفتش دفاتر قديمة عن المخالفين لـ”سلفا كير” في الحركة الشعبية قديماً وحديثاً، ووجد من بينهم “ياسر عرمان”.. و”مالك عقار” كأبناء مخلصين لـ”جون قرنق”.. ثم إقصاء كل من تسري في شرايينه دماءً غير نوبية.. ولم يتذكر “عبد العزيز الحلو” بأنه في مساليت غرب دارفور.. وسيأتي يوم ينقلب فيه السحر على الساحر.. وما ذاك اليوم إلا أمس حينما جهر أبناء قومية الأجانق بالصوت العالي مطالبين “الحلو” بالإفصاح عن أسباب اغتيال الضابط الكبير “عبود الكارب” بدم بارد.. وإشاعة فاحشة انتحاره في أوساط قادة ومنسوبي الحركة الشعبية والعنصرية سلوكاً بدائياً لا حدود له.. القائد “جقود مكوار” الذي يمثل بعشيرته أكبر مكون قتالي في الحركة الشعبية تم التشكيك في ولائه لـ”الحلو”.. والمقاتلين الأشداء “كوكو إدريس” تم عزله من رتبته كضابط.. والزج به في السجن “خير الله” أصبح مصيره مصير رفقاء السجن الحالي في (تبانيا).. واندلعت شرارة التمرد ضد “عبد العزيز الحلو”.. وفاضت الأسافير بتسجيلات صوتية تقدح في كفاءة الرجل وفي ذمته وتقول لقد أحاط الرجل نفسه بأبناء جلدته المساليت لينال من بني جلدتنا نحن (الأجانق) كما أفصح بذلك “نزار حماد أبو قور”.
فهل يجد “عبد العزيز” نفسه في مقبل الأيام معزولاً مطروداً خارج جبال النوبة، كثمرة لما صنعت يداه الملوثة بدماء أبناء النوبة من المخالفين له في الرأي وفرقائه في المواقف السياسية؟ وعندما تخسر الحركة الشعبية قادة قبائل المورو والكواليب والأجانق.. لن يبقى لها إلا العنصريين الذين لا يقاتلون مثل “جقود” و”كوكو إدريس” و”عبود أندروس”.. وحينما يتم وضع اللواء “سليمان” و”جبونا” في السجن فالحركة الشعبية تسجن نفسها بين أسوار العنصرية والقبلية وقتامة الرؤية السياسية.