تقارير

الإصلاح الاقتصادي وتوفير (قفة الملاح).. السبيل لمرحلة جديدة

ما بعد شورى الوطني

تقرير ـ هبة محمود سعيد

بدا واضحاً أن جلسات شورى حزب المؤتمر الوطني في دورة انعقادها السادسة، أشبه بالحملة الانتخابية المبكرة، بعد أن استطاعت طي صفحة الجدل حول مرشح الوطني للرئاسة، وترشيح “البشير” لدورة رئاسية جديدة في أعقاب تعديل الحزب لنظامه الأساسي، فقد تسيدت الأزمة الاقتصادية أهم الملفات التي ناقشها اجتماع الشورى، قبل أن يحدد الرئيس مدة ستة أشهر لانتهاء تلك الأزمة ويعلن انطلاقة النفير، ويقول: (لدينا قضية اقتصادية واضحة نعمل على حلها، وسنلتقي في الشورى القادمة، ونقدم لكم تقريراً وطنياً عما تم، وستشعرون أن الأزمة الاقتصادية تركناها وراءنا).
لم يخلُ حديث الرئيس خلال أيام الشورى الثلاثة التي بدأت (الخميس)، واختتمت أمس الأول، من الحديث عن المشاكل الاقتصادية والصعوبات التي يواجهها المواطن، وهو يوجه الولايات والمحليات بضبط الأسواق ويؤكد على وجود طفيليين وسماسرة، ويجزم على أن الدولار ليس حجة لارتفاع الأسعار، ويقول: (قفة الملاح ما بتجي من برة، والدولار حجة عجيبة)، ليصبح السؤال حول مدى تطبيق مخرجات شورى الوطني وإنزالها على أرض الواقع؟
}(أشعريون) لتخفيف أعباء المعيشة

قبل أن تلملم الشورى أطرافها وتعود أدراجها استعداداً لشورى 2019م، وقبل أن ينهي الرئيس حديثه عن ضرورة حل الأزمة الاقتصادية التي ظلت تعاني منها البلاد في أعقاب موازنة العام 2018م، وقطعت بإنهائها خلال ستة أشهر قادمة، حتى انطلق الإعلان عن حملة (أشعريون) لتخفيف أعباء المعيشة بولاية الخرطوم، والتي سيتم تدشينها غداً (الثلاثاء)، بأرض المعارض ببري، وتأتي الحملة كأول استجابة لتوجيهات الرئيس وإنفاذاً لقرارات مجلس الشورى، وهي تشتمل على (13) مبادرة مجتمعية تكافلية لتخفيف العبء المعيشي عن المواطن، فضلاً عن احتوائها على (20) مبادرة اقتصادية لتخفيف عبء المعيشة من منظور إنتاجي.
بعيداً عن (أشعريون) فقد خرج شورى الوطني بتوصيات عدة، تمثلت أهمها في إعادة النظر في السياسات الاقتصادية التي تسير الدولة، والبحث عن وسائل أخرى غير تلك التي اعتادت عليها الحكومة، بجانب استيعاب برامج جديدة حتى وإن استدعى الأمر إلغاء سياسة التحرير الاقتصادي ولو بصفة جزئية تتعلق ببعض المواد التي لها تأثير مباشر على حياة الناس، على أن تتولى الحكومة مسؤولية توفيرها، الأمر الذي نفاه رئيس قطاع الإعلام بالحزب الأستاذ “إبراهيم الصديق” مؤكداً لـ(المجهر)، أن التحرير الاقتصادي لم يكن من ضمن توصيات الشورى، لافتاً إلى عدم توجه الدولة لإلغاء سياسة التحرير، وقال: (كونه في نقاشات من بعض الأعضاء حول إلغاء سياسة التحرير الاقتصادي، فهذا ما معناه إنه الاتجاه السائد، دي نقاشات عابرة ليست من ضمن التوصيات).

}نفير اقتصادي وتوجيهات عاجلة

“الصديق” أكد أن توصيات الشورى تعمل ضمن منظومة جامعة هي جزء من برنامج الحكومة وجزء من برنامجها الانتخابي أيضاً، مؤكداً أن البرنامج الحالي للشورى يأتي كجزء من الالتزام السياسي، مشيراً إلى أنه تم إعلان الجهاز التنفيذي للدولة لتنفيذ هذه التوصيات عقب إعلان الرئيس نفير اقتصادي وتوجيه كل الطاقات والموارد وأجهزة الدولة لحل الأزمة، لافتاً إلى تحديد خارطة طريق قدمها القطاع الاقتصادي عبر طرحه رؤية واضحة بمستويات محددة بها كثير من الإجراءات، منها تعزيز الاتجاه نحو الإنتاج والإنتاجية واتخاذ سياسات في هذا المجال لإحداث الإصلاح الاقتصادي، وقال: لكن هناك إجراءات عاجلة قد تخفف من ما يعتري الوضع الاقتصادي الراهن خلال الأيام القادمة، وهي اتخاذ إجراءات في قضية الذهب والتعامل معه وإحكام سيطرة الدولة والولاية عليه، وتوسيع دور البنك المركزي في هذا المجال وتوسيع موارد البنوك كلها بحيث يكون فيها استثمارات وصادرات، تحقق موارد كثيرة للسودان.
رئيس قطاع الإعلام بالحزب أكد أن الآلية الأساسية لإنفاذ توصيات الشورى هي مؤسسات الدولة ومجلس الشورى نفسه من خلال متابعته، بجانب القطاعات المختلفة والحكومة التنفيذية بالإضافة للأجهزة الرقابية في الولايات والمتمثلة في المجالس التشريعية، قبل أن يؤكد على أن الضائقة في طريقها للمعالجة خلال فترة قصيرة قد لا تتجاوز أسابيع.

}التحدي الأكبر

يظل التحدي بالخروج من الضائقة الاقتصادية هو الهم الأكبر بالنسبة للمؤتمر الوطني بعد فرد الشورى حيزاً مقدراً من جلساتها لمعاش الناس، خاصة في ظل بعض التوجسات والشكوك التي سرت في أعقاب تصريح الرئيس باجتماع الشورى حول حلحلة الضائقة الاقتصادية خلال ستة أشهر قادمة، وذهاب البعض لوصفها بالوعود الانتخابية. وفي هذا السياق يؤكد الخبير الاقتصادي ووزير الدولة بالمالية الأسبق د.”عزالدين إبراهيم” أنه حال اتخاذ الإجراءات التصحيحية سوف ينتهي جزء كبير من الأزمة الاقتصادية، مثل ترشيد الصرف الحكومي والإنتاج والصادر، رافضاً في حديثه لـ(المجهر)، إلقاء اللوم على السوق والمضاربين والوسطاء والسماسرة، مؤكداً أنه لوم في غير محله، لافتاً إلى أنها نظرية متأصلة في العقلية السودانية تم تجريبها قبل وقت سابق بحد تعبيره، وقال: “الحكاية دي جربناها في أوائل التسعينيات لدرجة إعدام ثلاثة شبان تم ضبط دولار بحوزتهم”، وزاد: حل الأزمة في ترشيد الصرف الحكومي من قبل وزارة المالية بالتعاون مع بنك السودان، من شأنه أن يؤدي إلى نتائج سريعة، هناك وزراء كثر ومستشارون وترضيات، ومضى قائلاً: “الناس ما يدققوا في الستة شهور بالدقيقة والثانية، حديث الرئيس يشير إلى حل الأزمة في المدى القريب”، وأضاف: “حقو ما نجرب المجرب”.
خرجت التوصيات وبشر الرئيس بحزمة حلول وبرامج موضوعة ستساهم في حل الضائقة في غضون أسبوع، ليبقى السؤال: ما هي المعالجات المنتظرة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية