{ في حديث قيم لـ”ابن القيم”- رحمة الله عليه- قال فيه: (هلكت جارية في طاعون فرآها أبوها في المنام.. فقال لها: يا بنية أخبريني عن أحوال الدار الآخرة.. فقالت: قدمنا على أمر عظيم وقد كنا نعلم ولا نعمل، والله لتسبيحة واحدة أو ركعة واحدة في صحيفة عملي أحب إليّ من الدنيا وما فيها).
{ وكان أن علق “ابن القيم” على العبارة القيمة (كنا نعلم ولا نعمل) التي قالتها الجارية لأبيها بأنها تعدّ كلاماً عظيماً ولكن كثيراً منا لم يفهم مرادها.
{ وانطلاقاً من قيمة ما قاله “ابن القيم” وما ذكرته الجارية نقول بالفعل، خاصة في زماننا هذا الذي كثرت وانتشرت فيه وسائل العلم والمعرفة، صرنا نعلم الكثير من أمور ديننا ولكننا لا نعمل بما نعلمه صغيراً كان أم كبيراً.
{ نعلم ما هو جزاء الصلوات في جماعة وفي وقتها ولا نحرص على ذلك، ونعلم الفوائد العظيمة التي يجنيها العبد خلال الاستدامة على (ذكر الله) بكل أنواعه وأشكاله (تلاوة القرآن) والتسبيح والاستغفار والحمد والشكر والثناء على النعم، ونتكاسل حتى في ذكر الكلمتين الخفيفتين على اللسان والثقيلتين في الميزان (سبحان وبحمده سبحان الله العظيم).
{ نعلم أن (الصلاة على النبي) تجمع خير الدنيا والآخرة أي تكفينا من الهموم والغموم في الدنيا وتغفر بها الذنوب والخطايا في الآخرة، ولا نهتم لذلك الخير المزدوج.
{ نعلم بأن قراءة آية الكرسي دُبر كل الصلاة تدخل قارئها الجنة مباشرة دون حساب ونتجاهلها من غير سبب وأسباب.
{ ونعلم بأن ركعتين فقط في جوف الليل خير لنا من الدنيا وما فيها، ونظل نضيع الليالي الطوال فيما لا يفيد ولا ينفع.
{ نعلم أن إفشاء السلام من أفضل الأعمال في الإسلام ومن موجبات دخول الجنّة.. وظللنا نحيي بعضنا البعض بعبارات أجنبية لا قيمة ولا معنى لها.
{ نعلم ما للصدقة من قدر كبير وفضل عظيم قد لا يصل إلى مثله غيرها من فضائل الأعمال فهي (تطفئ غضب الرحمن) و(تقي من النار) و(تطفئ الخطيئة كما تطفئ الماء النار) و(تداوي المرض) وغير ذلك حتى قال سيدنا “عمر” رضي الله عنه: (ذكر لي أن الأعمال تتباهى فتقول الصدقة: أنا أفضلكم).. ورغم ذلك كله لا نتصدق ولو بشق تمرة. ويتلف الطعام في بيوتنا بالكميات دون أن يتحول منه شيء إلى بطن جائع.
} وضوح أخير
{ نعلم ونعلم ونعلم.. ولكننا للأسف الشديد نغفل ولا نعمل!!
{ ليتنا نعمل بما نعلم، قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه الندم.