رأي

الحاسة السادسة

رشان أوشي

الأرض الخراب!

كل عام.. يعيش أهالي مدينة كسلا وما جاورها أغسطس الجحيم، حيث يفيض نهر القاش الموسمي، محدثاً الأفاعيل بالأرض والبيوت والناس، كل عام تقضي مئات الأسر أياماً وليالي في العراء، بلا مأوى، ولا غذاء،لأن القاش في غضبته جرف كل ما يعوق طوفان حركته الجياشة، كل عام تعلو الأصوات المنادية بإنقاذ أهل المدينة الهادئة، وإغاثتهم من انفجار النهر، تستمر المأساة شهوراً حتى يغادر الخريف، فصل الخصب والحياة، مخلفاً أحلاماً وئدت، وقلوباً وجلة من هم ثقيل يتعلق بإعمار ما خلفه القاش، وإعادة ترتيب الأحياء المجاورة له، ثم تتفشى الأمراض، والحميات.
مدينة كسلا السياحية تفتقر لأبسط الخدمات التي تحظى بها مدن أخرى بعيدة، فمسألة توسعة مجرى القاش ليست مكلفة بالحجم الذي تعجز عنه حكومة الولاية أو المركز، فالملايين التي تنفق سنوياً في أنشطة ذات طابع سياسي، بإمكانها إعادة إعمار المدينة برمتها ناهيك عن توسعة مجرى النهر الموسمي، أو فتح قنوات منه.
أهالي كسلا جفت حلوقهم من الشكاوى التي يبثونها سنوياً للحكومة المركزية في الخرطوم، عن سوء الخدمات، وهجمات القاش التي تقضي على مدخرات السنوات التي شيدت بها البيوت، وإهمال حكومة الولاية للمنكوبين، بحيث تجعلهم عرضة لأمراض الخريف الفتاكة.
ينطبق على حكومة الولاية المثل الشعبي “لا بترحم لا بتخلي رحمة ربنا تنزل”، حيث بعث الخيرون من رجال الأعمال على رأسهم رئيس نادي الهلال د.”أشرف الكاردينال” بقافلة إغاثة، تحوي أغذية وخياماً للمنكوبين من هجمات القاش، تخيلوا معي، تحفظت عليها حكومة الولاية ومنعت المتطوعين من توزيعها على الأهالي المتضررين، في موقف أبسط ما يوصف به أنه مناف للإنسانية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية