*السودانيون في مصر يسمعون “أم كلثوم” والشيخ “عبد الباسط” ويعشقون (الكُشري)
المجهر_ وكالات
تستغرق الرحلة بالأتوبيس بين القاهرة والخرطوم حوالي (30) ساعة، وتعتبر هذه الوسيلة هي المفضلة لدى السودانيين في التنقل بين البلدين الشقيقين مصر والسودان.
وعلى محطة الأتوبيس المتجهة للخرطوم، حدثنا “تيجاني حسين” عن زيارته للقاهرة قائلا: «أعمل في التجارة بالاشتراك مع تجار مصريين، وأقوم بنقل الأغنام السودانية عن طريق حلايب وصولاً إلى القاهرة ليستلمها التاجر المصري، ويقوم بتوزيعها والآن عائد إلى السودان لتجهيز شحنة جديدة مع اقتراب عيد الأضحى».
وأضاف: «أفضل العيش في مصر، ولولا أسرتي وتجارتي لكنت قضيت باقي عمري هنا فجميع أصدقائي من القاهرة، نحن يربطنا نهر النيل وثقافة ولغة واحدة، ومصاهرة بين العائلات السودانية والمصرية، يطربنا صوت “أم كلثوم”، وخشوع “عبد الباسط عبد الصمد” في ترتيل القرآن، وأضاف ضاحكا وتملأ بطوننا وجبة (الكشري).
يجلس “فوزي جاد الرب” مرتدياً جلباباً أبيضاً تعلوها سترة سودانية، ممسكاً بيده جريدة مصرية انتهى من تصفحها، يحكي عن عشقه لمصر قائلاً: «أقيم في القاهرة منذ أكثر من (20) سنة، وحضرت للاتجار في أواني الطعام، ومع مرور الزمن أصبحت مصر جزءاً مني وأنا جزء منها، صمت للحظة واتكأ برأسه على مسند الكرسي الذي يجلس عليه منتظراً تحرك الأتوبيس ليعود بذاكرته إلى الوراء: «كنت أتجمع مع أصدقائى للاستماع إلى “أم كلثوم” فالسودان عن بكرة أبيه يتشوق إلى سماع الست، وأنا كنت من المحظوظين اللي سمعوها وشافوها وهي بتغني في حفل لها بالسودان» .
«لم أعشق سوى مصر ولا أشعر بالأمان سوى في شوارعها وسط أهلها الطيبين، وفي حالة حدوث مشكلة أخويا المصري بيقف جنبي وبيدعمني، وحبي للمصريين كبير ويكفي أننا بنشرب من مية واحدة».. هكذا بدأ “فتحي أحمد” حديثه، مضيف قائلاً: «أعيش في مصر منذ (30) عاماً، وعندما أذهب للقاء الأسرة في السودان لم اتحمل الجلوس هناك أكتر من (10) أيام وأعود مسرعاً إلى مصر، نظراً لارتباطي الشديد بها وحبي لكافة شوارعها وأهلها الذين أصبحوا أهلي بعد إقامتي تلك المدة في مصر، وولد أبنائي هنا ولم يغادروا إلى السودان.. سافرت للعديد من الدول، ولكن لم أشعر بالأمان إلا في مصر، وقال: «أصبحت اتحدث بالعامية المصرية مثل المصريين وبحب مزاحهم اللي بيخليني أموت على نفسي من الضحك، وعمري ما حسيت بغربة وأنا وسطهم».
ويقول “حمدي خالدون”: «حضرت إلى القاهرة منذ شهرين مع زوجتي ونجلي بغرض العلاج والحمد لله تحسنت حالتي على يد الأطباء المصريين، كنت أتجول في الطرقات والأسواق والعيادات والجميع كان يعاملنا باحترام وتعامل راق، عشنا مع سكان (حي الزمالك) كأننا منهم نشتري ونستقل مواصلات مثلهم.. المصريون شعب جميل، ورغم أنها كانت الزيارة الأولى لي لكنني سوف أكررها عدة مرات».
داخل حارة صغيرة في وسط القاهرة ترى وجوها سمراء تملأ المنطقة وأمام إحدى شركات الرحلات تجمع عدد من السودانيين لحجز أتوبيس العودة لبلادهم، وبعد أن تخللنا المسافرين شاهدنا مكتباً صغيراً يجلس عليه رجل خمسيني ذو بشرة سمراء يتحدث بلهجة سودانية قائل:« أنا نصفي مصري والثاني سوداني».. هكذا بدأ الحاج “سيد حسين” رئيس الجمعية المصرية السودانية حديثه قائلا: «أنا من أب وأم مصريين وإنما أنا أعشق السودان وتربطني بها علاقة حُب منذ الصغر، ورحلات السودانيين إلى مصر لم تتوقف وخاصة في فصل الصيف حيث يحب السودانيون قضاء الإجازة بالقاهرة، وخلال الثلاثة أشهر الماضية دخل مصر(2) مليون سوداني، حيث يخرج يوميا (27) أتوبيسا يستقلها حوالي (1350) مسافراً من الخرطوم للقاهرة، وتستغرق الرحلة (30) ساعة بالأتوبيس، وتتكلف من (550 إلى 650) جنيه مصري، والإجازة تكون للعلاج والسياحة وقضاء شهر رمضان والعيد».
وفي (ميدان عابدين) يقف “أشرف السويسي”، مدير إحدى شركات الرحلات، ينظم حركة الركاب المسافرين إلى الخرطوم، ويقول: «رغم أن الرحلة تستغرق من القاهرة للخرطوم أكثر من (30) ساعة، إلا أن السودانيين يفضلون العيش في مصر وأعرف الكثير منهم يعود في نفس الأتوبيس بعد وصوله للخرطوم بيومين فقط، والرحلات منتظمة يومياً بين مصر والسودان».