أخبار

خربشات

(1)
وسائل التواصل الاجتماعي تعلف من أقوال الصحف، وترضع من أفواه المسؤولين.. وتعيش على أخطاء السياسيين، وفي الأيام الماضية اتخذت الوسائط الإعلامية من أحاديث والي غرب كردفان الجديدة مادة للترويج والسخرية.. والطعن في كبد المؤتمر الوطني الذي بشع به رئيسه الوالي “عجب الفيا”.. ورماه بالسارق لقوت الشعب.. ونجح الوالي فيما فشل فيه “إبراهيم الشيخ” ، رئيس حزب المؤتمر الوطني المعارض، في تعرية الوطني وتجريده من ملابسه الخارجية والداخلية، وجعله يمشي عارياً حاسر الرأس.. مثل رجل في الخمسين من العمر قبض عليه متلبساً في جريمة أخلاقية.. الوالي قال: إن قيادياً في الحزب الذي يرأسه تم القبض عليه متلبساً بسرقة إغاثة أهالي النهود المنكوبين، ولم يحدد الوالي اسم السارق ولا وظيفته!! وترك للرأي العام وضع الطاقية في الرأس المناسبة!! هل القيادي السارق عضو في المكتب القيادي المركزي؟؟ أم عضو بالشورى المركزية؟؟ أم رئيس قطاع بولاية غرب كردفان؟؟ أم هو شخص عادي يتولى رئاسة منطقة تنظيمية (حلة صغيرة) تقع في محلية نائية؟؟ لو حدد الوالي مستوى القيادي لذهبت عنه تهمة محاولة تجميل نفسه على حساب حزبه، ولكنه لم يفعل ذلك؟؟ والوالي عجب الفيا” قيل إنه اتخذ قرارات تصحيحية عديدة منذ وصوله.. وكسب قاعدة عريضة من المناصرين والمناصرات، ولكنه يتحدث (بالطايبه ليهو) ، قال: إن حكومته (لمبتها ولعت) ، وقال: بعد الستين لا يسرق الرجل المال العام؟؟ وقال: إنه يملك سلطة قضائية بسجن المتهم بسرقة الإغاثة، وصرف الوالي للقيادي السارق ستة شهور سجن وبعد إكمالها ستة شهور أخرى، (أبو الزفت).. طبعاً من حق مولانا د.”حيدر دفع الله” الاحتجاج لرئيس الجمهورية لإيقاف تمدد سلطات “عجب الفيا” وتغوله على القضاء وتنصيب نفسه منفذاً للقانون بالقبض على السارق بنفسه، وتغوله على القضاء بتحديد العقوبة.. وبعد انقضائها تجدد مرة أخرى!! والأستاذ “عبد الماجد عبد الحميد” في زاويته المقروءة بأخيرة مصادر، يسأل أهل غرب كردفان: من أين أتيتم بهذا الوالي؟؟ السيد “عبد الماجد” يعرف، ولكنه يحرف ويهرف أن أهل غرب كردفان مسيرون لا مخيرون، ويتنزل عليهم الولاة من أعلى حكاماً عليهم وهم مثل غيرهم يطالبون.. في صمت ويتمنون يوماً يرفع فيه المركز وصايته على الولايات ويصبح حكام الولايات (منا) نختارهم شعبياً بكامل إرادتنا ونحاسبهم على أفعالهم وأقوالهم.. ولكن تلك أمنية بعيدة وليست مستحيلة.. و”عبد الماجد عبد الحميد” يسأل : من أين جاء الوالي “عجب الفيا”؟.. وللشاعر “إسحق الحلنقي” أغنية ذائعة الصيت تغنت بها رائعات الزمان القديم البلال.. تقول بعض كلماتها:
اللي بسأل ما بتوه دارنا نحن قريبة ليك
أنت ما مجبور علينا نحن مجبورين عليك
الوالي “الفيا” يستحق التكريم من رواد الأسافير، وهو يقدم خدمات ممتازة في طعن كبد المؤتمر الوطني في عز الخريف، ولكن “عبد الماجد” يعلم من عين الوالي ولماذا؟؟
(2)
تعيش ولاية القضارف محنة فتنة لم تعهدها من قبل، وقد سالت دماء الأبرياء جداول في أحداث الصراع الأخير.. وتبدت محنة القضارف في تهديد الأحداث لتماسك المجتمع التاريخي.. وتمازج أطراف السودان في مطمورة الغلال.. وقد حاولت الحركة الشعبية من قبل اللعب على التباين الإثني والتعدد العرقي.. لكن القضارف كانت عصية عليها.. رفضت الانتحار علناً.. وحصنت نفسها من أمراض القبلية التي أوردت دارفور المهالك.. وسقتها الدماء والدموع.. ولكن ما فشلت فيه الحركة الشعبية في الزمان البعيد.. نجحت فيه فئة شيطانية مزقت أحشاء منطقة (الحمرا) بصراع قبلي غير مبرر أخلاقياً.. لتمتحن سلطة الوالي المهندس المهذب “ميرغني صالح” في قدرتها في كبح جماح التفلت.. وبسط سلطة القانون.. وردع المتفلتين من الجماعتين المتصارعتين على أشلاء القرى (التعيسة).. القضارف تاريخياً منطقة تمازج لثلاثة أو أربعة مكونات البدو من الرعاة وغالب هؤلاء من الشكرية اللحويين.. والتجار القادمين من الشمالية.. ونهر النيل.. والمزارعين القادمين من دارفور.. ولاجئين من دول الجوار.. تلاقحت هذه المكونات.. وتصاهرت.. وتعايشت و(تثافت) بتعبير المثقفاتية.. وأنجب كل ذلك إنساناً معافى من أمراض القبلية والجهوية.. فأصبحت القضارف قبيلة للجميع.. ولكن شيطان الفتنة أطل برأسه في الأحداث الأخيرة.. ونشب الصراع والقتل على أساس الهوية.. وحتى أمس استطاعت حكومة القضارف وأجهزة الأمن والشرطة احتواء النزاع والقبض على أكثر من مائة متهم وذلك يمثل نجاحاً مؤقتاً في كبح جماح الأحداث، بيد أن الطريق طويل وشاق لردم الشقوق التي تعرض له جسد المجتمع.. وثمة حاجة لجهود إدارية وسياسية.. واجتماعية ودور للإدارة الأهلية لنزع العنف من النفوس والتصافي والتصالح.. والنظر للأسباب التي أدت للنزاع بعين الطبيب المداويا.
وإذا كان الصراع على الموارد يشكل واحداً من مهددات الأمن القومي، فإن ولاية القضارف مطالبة بمراجعة كثير من القرارات التي اتخذت في الفترة الماضية، وأدت لهذا التقهقر الذي ينذر بفساد كبير في الأرض التي أطعمت السودان بيدها.. المنتجة وأطعمت الدول الصديقة بعرقها.. ولكنها اليوم تتعرض لامتحان عسير وشاق جداً.
(3)
السفير “خالد موسى” كاتب أنيق العبارة.. ومثقف وسط التنظيميين، في حديثه الأخير وصف مشروع الحركة الإسلامية بأنه فشل لاعتماده على الثورات، وليس التطور المتدرج وإمعاناً في الإثارة و(شخصنة) الأشياء، قال: مشروع “الترابي” فشل!! ، ولا يجرؤ من قبل تلميذاً أو حواراً من الخلوة إطلاق الأحكام على مشروع ثقافي وفكري وسياسي، مثلما فعل السفير “خالد موسى” في حديثه الموجع لكثير من المراقبين والمنشور في صحيفة الأخبار (الخميس) الماضي.. السفير “خالد” عاد بالأيام لسنوات انصرمت حينما كانت (الإساءة) للشيخ “الترابي” شهادة وفاء وتأكيد، ولا لعسكر القصر الرئاسي!! ولكن الرئيس “البشير” في موقف تاريخي.. يذكره له المنصفون قدم أياديه للوفاق والتصالح مع رائد مشروع الدولة السودانية الحديثة قبل رحيله.. والسفير “خالد موسى” في أيام الفتنة والصراع لم يجرؤ على قول مرسل بإهمال في حق “الترابي” مثلما قال الأسبوع الماضي.. وعلى ذات الدرب سار يوماً النائب البرلماني “حمدي سليمان” وهو يتجمل ويتبرأ من الشيخ “علي عثمان محمد طه” ويقول: لن نكرر أخطاء “علي عثمان” في اتفاقية نيفاشا.. ولو كان “حمدي سليمان” يعلم أن أخطاء نيفاشا المزعومة يتحملها الرئيس “البشير” قبل “علي عثمان” الذي أصبح أسمه يذكر حافياً لما قال ما قال.. ليت السفير “خالد موسى” الذي كتب مرثية رائعة تنزف دماً ودموعاً يوم رحيل “الترابي” جلس في مكتبه وتذكر الماضي القريب والبعيد.. وفضل “الترابي” في خصوبة مشروع الدولة السودانية قبل أن يضربها الجفاف.. ويهددها التصحر.. ويصبح قادتها يتجرأون على شيخهم ميتاً بالحديث الفسل!! وكل جمعة والجميع بخير.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية