*دائماً ما يلح على ذهني تساؤل لا يكف عن إرهاقي دوماً كلما رمتني أنظاري إلى واقعنا الحالي..وهو (هل نحن بحاجة إلى ثورة اجتماعية جامحة) تزيل كثير ما علق بنظرتنا لأغلب أمورنا الحياتية؟ وهل فشلت كل مصداتنا الاجتماعية في مواجهة (غزو فكري وسلوكي وثقافي) أحالنا إلى مجرَّد مجتمع يستهلك بضاعة ثقافية وسلوكية فنخرت كثيراً في (عظم) المجتمع.
* ثنايا السؤال _الصادم_ فعلاً وقولاً بنيت على عدة افتراضات وحقائق نراها تمشى أمام أعيننا كل صباح..حتى (تغلغلت) في دمائنا فصارت واقعاً حياتياً مؤلماً.
*حقائق عن مجتمعنا السوداني _نغمض أعيننا عنها حيناً..نتناساها أحياناً..والأدهى أن بعضها صار لفرط حضوره القوي فينا نعتقده من أصل الأشياء.
*تلك الحقائق الصادمة هي في الحقيقة تتمظهر في كثير من سلوكيات أبناء هذا الجيل من الشباب..والشباب هم أصل النهضة الحضارية..ومفتاح السلوك الحضاري للدول والمجتمعات..وهم القوة النافذة والمؤثرة رياضياً واقتصادياً واجتماعياً..ولهذا فإنهم يمثلون النسبة الغالبة من فئات المجتمع والأكثر تأثيراً وتأثراً.
*وحاجتنا المحلة إلى هذه الثورة السلوكية تقودنا إلى تغيير كثير من المفاهيم الجديدة التي استوطنت في أدمغة هؤلاء الشباب فأحالتهم إلى مجرَّد أجيال تتأثر ببعضها البعض.
*لننظر دون أن نغمض أعيننا عن حال شبابنا الآن وإلى سلوكيات من هم في سن الحلم والأمل والتغيير الاجتماعي.
* الضياع هو الكلمة الصادمة والأكثر توصيفاً لحال هؤلاء الشباب.
* الشارع ..البيت..الجامعة…ثلاثية تساهم بالقدر الأكبر في تشكيل تفكير وسلوكيات الشباب.
*هذه الثلاثية فقدت كثير من قدرتها ودينامكيتها في التوجيه والرقابة والمتابعة والتربية.
*ثمة جهات غيرها باتت أكثر تأثيراً في صياغة هذه الأدوار.
* جهات عبثت بتفكير هؤلاء الشباب.. لعل أكثرها هو مواقع التواصل الاجتماعي التي جعلت من بعض الشباب يمنحونها كل عقولهم ورغباتهم وتشكِّل علاقاتهم الاجتماعية وتقرر في أمر من يصادقون ومن يحبون ومن يكرهون.
*وهذه المواقع المفتوحة والمتاحة لكل من يريد أن يدخل فيها تمتلئ بالكثير جداً من السلوكيات الصادمة..واللغة (السوقية) و(العلاقات المشبوهة) ..فيمكن لمدير (قروب) لا يملك حظاً من التعليم ولا التفكير وليس له من المؤهلات العلمية أو الأخلاقية أن يتحكَّم في سلوكيات عشرات الآلاف من الشباب الذين يمنحون تلك المواقع كل اهتمامهم ووقتهم وأموالهم.
*لا يقابل هذا التحوُّل المجتمعي الخطير رد فعل مناسب من الجهات المنوط بها صياغة وحفظ تفكير هؤلاء الشباب.. فكانت بداية الانهيار.
*وكانت النتيجة المنطقية..المؤلمة للغاية.. ما يلي:
* بعد أن كانت الفتيات يتحرَّجن من المشي يخفضن أنظارهن حياءً وتأدباً، أصبحن فتيات يتغزَّلن في الشباب على في العلن، بل وتؤسس قروبات تضم عشرات الآلاف منهن لـ(الانبراش) ومخاطبة الغرائز اللزجة..يعرضن صورهن على (قارعة) المواقع الإلكترونية..كأي بضاعة تؤرق صاحبها فيلجأ إلى عرضها في (سوق الله أكبر).
*شباب يحتفون بثقافة (الردم) و(رفض الآخر)..وتغذية نار الكراهية في تلك القروبات.
*شباب يعلن عشقه لـ(الخرشة) و(الترامادول)..ويتباهى بأصناف المخدِّرات ويبشِّر بجودة (مخدِّر) أكثر تأثيراً واختراقاً للدماغ من (مخدِّر) آخر..
*مراهقون يقضون اغلب نهارهم في التسكُّع في الشوارع وقرب الجامعات وليلهم سهر وضجر وسخط من الحال وسوء المنقلب.
*فإن كان هؤلاء أغلب شبابنا فهل يمكن أن تتقدَّم أمتنا؟.
*هذا هو واقع شبابنا…بلا رتوش ولا تجميل ولا لي لعنق الحقيقة.
*فماذا نحن فاعلون؟.
*مسامرة أخيرة
صَدّتْ الأيام …. تحُشْ
تبني لي عصفورة عُشْ
في السّواقي تشوف عزاها
لما شوقه يسوِّي .. أُشْ !!!
تملا … تزرعْ
ترعى .. تقرع
للنهار في الليل تخُشْ
عِرْفَتْ الشّقَا والشّقَاوة
إلاّ ….
ما عرفت تغُشْ
حميد