تقارير

السودان وقائمة الدول الراعية للإرهاب…

كثرة الزعازع

الخرطوم : أم زين آدم
ربع قرن من الزمان والخرطوم قابعة في قائمة الدول الراعية للإرهاب حسب تصنيف الولايات المتحدة الأمريكية، مع أربع دول أخرى ” كوريا الشمالية ، وسوريا ، وإيران وكوبا”، التي خرجت من القائمة بعد أن ظلت ضمنها زهاء(34)عاماً. وجود الخرطوم في تلك القائمة عده نائب رئيس الوزراء ووزير الاستثمار مبارك الفاضل ، عده مشوشاً للاستثمار ، والانفتاح المالي نحو العالم مما يضاعف من أزمات الخرطوم الاقتصادية .
الربيع الماضي وعلى هامش اجتماعات الربيع للبنك وصندوق النقد الدوليين ، توقع وزير المالية “محمد أحمد الركابي” رفع اسم السودان من القائمة حسب التعاطف الذي عبر عنه المسؤولون الأمريكان الذين التقاهم “الركابي”، والنقاط الايجابية التي قدمتها البنوك والخزانة الأمريكية. المركز الأفريقي لدراسات حقوق الإنسان بالسويد، توقع رفع اسم السودان من على تلك القائمة آخر العام الجاري .
الخرطوم منذ وقت مبكر توقعت رفع اسمها من القائمة ، بعد التعاون الأمني الكبير الذي قدمته لواشنطون فيما يتعلق بملف الإرهاب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر(2001)، ووضعت الخارجية الأمريكية السودان ضمن قائمة الدول الأكثر تعاوناً في ملف الحرب على الإرهاب على مستوى العالم، بيد أن السودان ظل ضمن القائمة، الأمر الذي دفع الخارجية السودانية التعبير عن دهشتها من سلوك واشنطون ، وظلت تصدر بياناً سنوياً تستهجن فيه ذلك السلوك.
أكتوبر من العام الماضي، حصلت الخرطوم على منحة مالية من الولايات المالية بقيمة (9) ملايين دولار من أجل مكافحة الإرهاب والتطرف الديني ، واعتبرت الهيئة الوطنية لمكافحة الإرهاب المنحة خطوة مهمة لرفع اسم السودان ، بيد أن العام مضى كحال سابقيه دون أن تبذل واشنطون جهوداً في الملف ، لجهة أن وضع اسم السودان في تلك القائمة تم بناء على قرار من الكونغرس ، ويحتاج إلى إصدار قرار أو قانون لإلغائه.
الإجراءات التي ترتب عليها وضع اسم السودان في القائمة ، الحرمان من التمويل المالي ، والمنح التي تقدمها المؤسسات المالية الدولية، وهذا يضيق الفرص على حل أزمة الديون الخارجية التي تجاوزت (43) مليار دولار بجانب (مليار) هي جملة السحوبات طوال (22) عاماً ، بالرغم من أن السودان استوفى الشروط الفنية لتخفيف الدين ، وأرجعت الخرطوم عدم معالجة أمر الدين موقفاً سياسياً من المجتمع الدولي … بالإضافة إلى أن وجود السودان في القائمة يحرم المصارف السودانية من الدمج في القطاع المصرفي الدولي.
ذهب مراقبون إلى أن حالة التناقض القائمة بين تعاون الخرطوم وبقاء اسم السودان في القائمة، بالرغم من موقف الخرطوم في الحرب ضد الإرهاب وإدانته وثقة واشنطون بجدية الخرطوم في معالجة ملف الإرهاب ، إلا أن واشنطون وعلى خلفية اغتيال موظف المعونة الأمريكي “جون غرانفيلد عشية” رأس السنة (2008) وهروب القتلة من السجن ، تتخوف من وجود خلايا نائمة من تنظيم القاعدة والتنظيمات التي تدمغها واشنطون بالإرهاب، مثال منظمة حماس الفلسطينية والتي يجد منسوبوها وقياداتها ترحيباً رسمياً وشعبياً من الخرطوم.
السفير “الرشيد أبو شامة” ، في حديثه لـ( المجهر) اعتبر أن حديث “مبارك” عن ربط الأزمة الاقتصادية بوجود السودان في قائمة الإرهاب ، حديثاً سياسياً ليس إلا، وقال : إن السياسيين صنعوا من تلك القائمة مشجباً لتعليق الأزمات عليه. وأفاد “أبو شامة” أن الواقع يقول: ليس لدينا إنتاج وليس لدينا عائدات من التصدير، بالإضافة إلى أن فاتورة المنصرفات الداخلية كبيرة جداً ، وحال نجحت الخرطوم في وقف الحرب بصورة نهائية ستوفر المنصرفات التي تذهب للأمن والقوات المسلحة وهي عالية جداً فـ(70%) من الميزانية العامة مرصودة للأمن بسبب الأعمال القتالية في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور .
الأمر الأخر الذي أشار إليه “أبو شامة” ، الأموال الضخمة التي تصرف على الأجهزة التشريعية والتنفيذية في الولايات ، والترضيات السياسية للقبائل والقطاعات المختلفة ، وذهب “أبو شامة” إلى أن دولة مثل روسيا واقعة تحت قبضة مقاطعة أوروبية وأمريكية إلا أنها تدبر حالها ولديها إمكانيات إنتاج وتصدير ، وعليه على الحكومة تقليل المنصرفات الداخلية والعمل على إيقاف الحرب ، وأوضح “أبو شامة: أن وجود السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب ما يفعله فقط حرمان السودان من استيراد بعض من التكنولوجيا ، وشدد على ضرورة مضي الحكومة في حربها ضد الفساد ، وأن تعود عائدات الصادر إلى الخزينة العامة ، وان تتنازل عن المصروفات ، وتمضي في ملف إنجاز السلام.
الخرطوم التي فرحت لرفع العقوبات الاقتصادية الصادرة بالأمر التنفيذي للرئيس الأمريكي “جورج بوش الابن” من العام (1979) نوفمبر لم تكتمل فرحتها، فكل ما حصلت عليه لن يمكنها إلا من الحصول على معدات زراعية وطبية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية