نائب رئيس حزب الأمة القومي دكتور “إبراهيم الأمين” في حوار مع المجهر(1-2)
العمل المعارض عالي الكلفة، وعلى المعارضة ابتكار وسائل جديدة لإسقاط النظام
سيد “الصادق” قريباً سيكون بالخرطوم
الحوار الوطني شرعن لاستمرار النظام
خلافات حزب الأمة مستمرة لتعامله مع بشر لا ملائكة أو أنبياء
حوار- وليد النور
دافع نائب رئيس حزب الأمة القومي “إبراهيم الأمين” ،عن سفر الإمام “الصادق المهدي” لخارج البلاد في كل أزمة يمر بها مع النظام ، معتبراً أن الظروف المحيطة تجعل ضرورة بقاء الإمام في الخارج، وقطع بعودته في القريب العاجل .ودعا إلى ضرورة ابتكار وسائل جديدة لإسقاط النظام عبر الطرق السلمية ، مشيراً إلى أن التغيير الذي تنشده المعارضة يجب أن يكون لمصلحة البلد وليس المعارضة ، وتابع أن حزب الأمة إذا أراد حمل السلاح فلن يحتاج للتحالف مع حركات دارفور المسلحة ، لأنه سبق له حمل السلاح إبان مشاركته في التجمع الوطني، وقلل من الخلافات الداخلية للحزب، واعتبرها خلافات عادية لأن الحزب يتعامل مع بشر وليس ملائكة.
(المجهر) استنطقت نائب رئيس حزب الأمة دكتور “إبراهيم الأمين” فكان الحوار التالي :
* حزب الأمة ، خذل جماهيره والشعب السوداني في احتجاجات سبتمبر (2013م) ؟
في سبتمبر (2013) كنت الأمين العام لحزب الأمة القومي ، وكل الحراك الذي تم انطلق من دور الحزب، وكان اللاعب الأساسي فيها . بيد أن البعض يتحدث في سياق هذا السؤال وأتحدى إذا كان هنالك حزب لديه معتقلون أكثر من معتقلي حزب الأمة ، وأجزم أن (80%) من المظاهرات خرجت من مسجد السيد “عبد الرحمن” بود نوباوي ، وبالعكس حزب الأمة في 2013 هو الذي قاد كل الحراك .
* ولكن بعض الشباب الرافض لما يحدث قاطعوا الإمام في ميدان الخليفة؟
بعض الناس يقول ما يحدث داخل حزب الأمة لم يتسق مع الشيء الحاصل، وصحيح كانت هنالك بعض الأصوات المضادة ، و لكن خط حزب الأمة في تلك المرحلة كان واضحاً وهو مقاومة بل أكثر من ذلك . وود نو باوي هو أكبر حي شهد مواجهات بين المواطنين والأمن، والآن على المعارضة التي تتحدث عن إسقاط النظام ابتكار وسائل جديدة .
* ولكن ضعف المعارضة زاد من معاناة المواطنين ؟
الشعب السوداني معاناته واضحة ترى بالعين المجردة، هذه المعاناة ليست على أساس إن تضعها في إطار استقطاب واستئصال، نحن نتحدث عن تغيير جذري لمصلحة البلد وليس لمصلحة المعارضة، وهو لا يمكن أن يتم إلا برؤية واضحة والوصول إلى ديمقراطية حقيقية، ونظام لا مركزي لا مركزية سياسية ولا مركزية مالية تعطي الأقاليم فرصة لتنمية نفسها ، هذا لو منحت حقها كنا سنتجنب ما يحدث الآن من معاناة المواطن السوداني.
* حزب الأمة يسعى لجمع المعارضة وفي نفس الوقت يكون أجساماً موازيةً لها ؟
الموضوع متعلق في تكوين نداء السودان، وعندما جاءت الإنقاذ أكثر شخص كان منتبهاً لهذه النقطة هو “جون قرنق”، وقال للمعارضة أنتم لازلتم تتحدثون عن أكتوبر، والحزب الحاكم الجديد مسلح وعقائدي ولديه طلاب مدربون، فضلاً عن ارتباطه بجماعات إسلامية ومستعدة لمساعدته.
والتجمع في مرحلة من المراحل جمع كل ألوان الطيف السياسي السوداني ولأول مرة تجتمع الحركة الشعبية مع حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي ما عدا الجبهة الإسلامية ، والحديث في نداء السودان كان التعبير عن الاستئصال . لازم يحصل سلام قطعاً الإمام استغل إمكانياته لصالح نداء السودان، ولكن للأسف الشديد تم تناول الحديث بطريقة سلبية.
* الإمام لم يحسم الصراع في الحزب ، فكيف يتمكن من حلحلة الصراع داخل نداء السودان ؟
أتحدث بصراحة شديدة جداً في هذه النقطة . أولا نحن نتعامل مع بشر وليس ملائكة أو أنبياء ، بيد أن التعامل مع البشر لا تستطيع التعامل مع كل الناس بمستوى واحد ، خاصة المعارضة، لأن المعارضة ليست عملية سهلة ، على الرغم من أنها وصلت في مرحلة من المراحل فيها التكاتف ولكن الآن نجد الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والخيرين لا يستطيعون دفع تكاليفها .
* لماذا ؟
لأن البلد وصلت مرحلة اختلط فيها الفقر بالإفقار ، وأصبح أصحاب الإمكانات من رأس المال الوطني والخيرين في حالة عجز عن مساعدة الآخرين ، بجانب أن الأحزاب السياسية تم حصارها والعمل المعارض عالي الكلفة ، لذلك نجد بعض الناس لم يستطيعوا الاستمرار في المعارضة فاستوعبهم النظام وذهبوا معه، والبعض بقى موجوداً في النص وهؤلاء مجموعات كبيرة جداً ، معارضة لكن لا تستطيع أن تعارض جهراً .
*للعمل السياسي ضريبة مستحقة ، وأنت قلت المعارضة عالية الكلفة،هل دفعت المعارضة فاتورة مواقفها؟
صحيح المعارضة جزء من النظام السياسي، بل هي إنذار مبكر لتنبيه الحكومة بالخطأ قبل وقوعه ، وفي الحقيقة هي أهم من الحكومة وإذا فقدتها الحكومة ستستمر في ارتكاب الأخطاء ، واحدة من القضايا عدم إتاحة الحريات العامة ، فهامش الحرية المتاح ليس بالقدر الكافي للصحافة لتؤدى دورها وكشف بعض المستور ، وقطعاً إذا توفرت الحريات سيتراجع الفساد .
* هل غياب الإمام “الصادق المهدي” لفترات طويلة خارج البلاد أثر على أداء الحزب بالداخل ؟
حقيقة لا يوجد شك أن سيد “صادق” بمكانته ووزنه وعلاقاته هو قيمة مضافة بالنسبة للحزب، ولكن في نفس الوقت هنالك ظروف فرضت عليه أن يكون في مرحلة من المراحل خارج السودان، وهذه ليست المرة الأولى ولكن في فترات طويلة وهو يمارس العمل المعارض .
ووجوده الآن في الخارج مربوط بمهام محددة يسعى لإكمالها، وإن شاء الله سيد “صادق” عائد للبلد لأن مكانته وسنده في السودان، والمسألة مسألة وقت ، وقريباً سيكون في السودان ربما قبل عيد الأضحى المبارك .
* الحكومة لا تأبه لحزب الأمة ؟
حزب الأمة حزب له تاريخ عريق وله دوره منذ معارك المهدية ، وظل يقاوم الأنظمة الشمولية على مر الحقب ، وتنظيماته هي التي قادت المظاهرات في مرحلة الانتفاضة عندما كانت هنالك ديمقراطية حقيقية ، وهو حزب يعتمد على قواعده ومؤسساته ، سواء في وجود سيد “صادق” أو بدونه ، لأن العمل يسير بنفس القوة ومن يمسكون به ناس مميزون ومؤهلون لإدارته.
وعند قيام الإنقاذ كان لديها توجه واضح جداً، بحسب الكلام الذي قيل حينها (نحن جئنا بالقوة ومن يريد إزالتنا يشيلنا بالقوة) . ولم يكن هنالك مجال ممكن للتعايش مع الإنقاذ لأنها قامت على نفي الآخر.
* لهذا، جيشت قوى المعارضة بعضاً من شبابها ؟
هذه القناعة التي وصل إليها حزب الأمة وصلت لكل الفصائل باستثناء الجبهة الإسلامية لأنها في سدة الحكم ، واتفقت القوى السياسية على حمل السلاح وكونوا التجمع الوطني في الخارج ، ووصلوا إلى قناعة بأن السلاح هو الوسيلة الوحيدة لحسم الصراع السياسي .
* يعاب على حزب الأمة أنه دائما يخذل حلفاءه المعارضين بإبرام اتفاقيات ثنائية مع الحكومة القائمة ؟
طبعاً المصالحة التي تمت في مايو أثارت جدلاً حول هذا الموقف ولكن حزب الأمة سواء في المصالحة أو اتفاق جيبوتي يعطى فرصة للعمل السياسي بهدف أن يصل الناس عن طريق الحوار إلى معادلة تحقق السلام ولم يحدث أي تغيير في موقف حزب الأمة المبدئي أن يكون في سلام وتحول ديمقراطي، للأسف الشديد بعد المصالحة لم يتحقق التحول الديمقراطي وحزب الأمة حاول تقوية العمل المعارض السلمي وهذا ترتب عليه لاحقاً قيام الانتفاضة الشعبية في رجب أبريل (1985م) . وبعد توقيع جيبوتي كانت لغة الحزب واضحة أنه يجب ان تكون هنالك فرصة للجهاد المدني، و قطعاً هنالك أشخاص داخل حزب الأمة لديهم رأي فيما يخص العمل بهذه الصيغة ، ولكن للأسف الإنقاذ أيضاً لم تتجاوب بالصورة المقبولة التي تسمح بالتحول المقبول والرجوع للشعب، ولذلك فشلت كل الاتفاقيات التي وقعت معها .
* ومع ذلك قبلتم المشاركة في الحوار الوطني ؟
المشاركة في الحوار الوطني تحولت بصورة واضحة جداً إلى استمرارية النظام ، وحصل خلاف حتى داخل المشاركين المستمرين فيه ، وموقف حزب الأمة مبني على الوصول إلى حلول وفي المقام الأول أن تكون سلمية ما لم تكن الأسباب التي أدت لحمل السلاح موجودة ، وحتى إذا وصلت إلى نوع من التواصل والحوار والمشاركة في الحكم ، مثلما حدث مع بعض الفصائل ، ولكن طالما الأسباب الحقيقية موجودة طبعاً حمل السلاح سيحدث إذا لم يكن اليوم فغداً .
* هل فشل الحوار الوطني ؟
للأسف الحوار أدير بصورة جعلت حتى الذين شاركوا فيه لديهم رأي سالب فيه، وأهم شيء في الحوار هي الحريات وطالما أن قضية الحريات لم تخاطب بالصورة التي تمكن أي مواطن يكتسب قدرة على مجابهة كل التحديات بالصورة التي تجعله حراً في بلده، النقطة الثانية إضافة للأمن هي التنمية والأكل (لقمة العيش) ، القضية في كل حوار بين الحكومة والمعارضة أن يكون المواطن آمناً في لقمة عيشه وعلى شخصه وحياته وأولاده ومستقبله. وإذا أردنا تحصين بلدنا يجب أن نسعى لأحداث التحول السياسي لأنه السبب الذي جعل “الصادق” يتحدث مع الحركات الحاملة للسلاح بلغة واضحة جداً ، وأنا واحد من الناس الذين شاركوا في هذه العملية وقلنا لهم كلاماً واضحاً.
*هل فشل حملة السلاح في تحقيق أهدافهم ؟
إن الظروف التي تمر بها المنطقة كلها والعمل المسلح في كثير من دول العالم لم يحقق الأهداف المرجوة ، ونحن معترفون بأن لديكم مطالب مشروعة وليس مطلوباً التخلي عن مطالبكم ولا سلاحكم في هذه المرحلة ولكن أن ننتقل كمجموعة من ساحة الحرب إلى ساحة السلام على أمل الوصول لحوار يفضي إلى تحول ديمقراطي حقيقي وإلى سلام عادل وشامل لكل انحاء السودان ، إذا تحقق هذا فالحمد لله وإذا لم يتحقق تسيروا في خطكم الذي بدأتم به.
* ولكن حزبكم يدعو إلى العمل السلمي فكيف يتحالف مع حركات مسلحة ؟
ما قام به “الصادق” في هذا الإطار أنا أعتقد أنه يستحق التقدير، لأنه عمل وطني، وكثير من الناس يقول إنه ذهب لحركات مسلحة، وحزب الأمة حزب جهادي واستخدم السلاح من قبل ، وإذا أراد أن يلجأ للسلاح لا يحتاج للتعاون مع مني أو مع جبريل أو عبد الواحد، لكنه وصل إلى قناعة أنه يجب أن تحل مشاكل السودان سلمياً ، والأطراف الرافضة لحل مشكلة البلد سلمية هي التي سيترتب على موقفها الصراع الدموي الحاصل في السودان، وحتى هذه اللحظة نحن نقولها بالصوت العالي: (تحول ديمقراطي وسلام عادل ) إذا تحققا يمنحان الفرصة لمخاطبة كل القضايا التي يعاني منها الشعب السوداني، بل وتحصل تنمية وتطور لأن الدولة المؤهلة يكون لها دور إقليمي ولا توجد دولة لها إمكانيات .