إلغاء مهرجان !!سائل ورسائل
منذ عامين نشطت حركة مهرجان السياحة والتسوق في الولايات تقليداً للمهرجان الذي كان ناجحاً في بورتسودان أيام أيلا.. وبعدها حاول الرجل إعادة استنساخه في الجزيرة ولكنه حقق فشلاً ذريعاً لاختلاف طبيعة المنطقتين والمناخين.. وأجواء الصراع السياسي الذي يخيم على الجزيرة منذ تعيين الوالي أيلا الذي حاول رفع العصا على رؤوس قيادات ولاية عصية على حكم الرجل الواحد، فشل مهرجان الجزيرة ونجح مهرجان البركل، إلا أن الخلافات المناطقية بالشمالية تهدد بإلغاء النسخة القادمة من المهرجان..والتقط الجنرال د. “عيسى آدم أبكر” فكرة مهرجان السياحة والتسوق في فترة حكمه بجنوب كردفان.. وجعل السلام هدفاً يسعى لتحقيقه وفي نسختين استطاع الوالي الجسور العبور بالفكرة من حيز التنظير إلى النجاح الكبير سياسياً واجتماعياً وإعلامياً وأمنياً.. ونقل مهرجان كادوقلي من دائرة الظلام إلى فضاء الضوء ، وأقبلت الشركات الزراعية على عرض منتجاتها، وأخذ المهرجان منحًى ثقافياً بمشاركة المطربين القوميين والمحليين في ليالي كادوقلي الغنائية، وحصدت الحكومة من مردود المهرجان فوائد عديدة.. وتمددت حركة التواصل بين مناطق الحكومة رغم القيود التي حاولت بعض الجهات فرضها على حركة التواصل.. في هذا العام أعلنت الحكومة عن قيام المهرجان، ولكنها حملت القطاع الخاص وحده مسؤولية الإنفاق على المهرجان، الذي تبدأ فعالياته في الثامن من أغسطس القادم، وبما أن القطاع الخاص في جنوب كردفان ضعيف جداً.. وهرب رأس المال من كادوقلي والدلنج .. وتم طرد معظم شركات التنقيب عن الذهب بسبب الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في الصيف الماضي.. فإن بوادر فشل المهرجان القادم تبدو حتمية إلا إذا تدخلت رئاسة الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء وصدرت توجيهات للولاية بالصرف على المهرجان باعتباره ضرورة أمنية وسياسية.. واعتماد أموال مركزية لمساعدة ولاية جنوب كردفان التي تعيش هذا العام أوضاعاً في غاية البؤس.. توقفت كل مشروعات التنمية مثل بقية ولايات السودان.. وبدأت حكومتها عاجزة عن توفير تقاوى الموسم الزراعي ومطلوبات المدارس وحتى فريق هلال كادوقلي الذي كان يمثل المتنفس الرياضي لأهل كادوقلي أصبح مشرداً بدون ملعب يؤدي فيه مبارياته.. وتوقف سيل الزوار وتجميد النشاط السياسي وباتت كادوقلي منطقة منسية لا يتذكرها أحداً.. وفي مثل هذه الظروف تصبح إقامة مهرجان ترفاً لا معنى له وتجديفاً في اليابسة.. وإهداراً للطاقات.. وستخرج نسخة شائهة من المهرجان لا تشبه كادوقلي مدينة التراث والفن.. وكرة القدم .. والأوضاع الاقتصادية مبررة جداً لاتخاذ قرار بتعليق نشاط المهرجان إلى العام القادم ، وحينها تتبدل الكثير من المعطيات، وربما تحسنت الأوضاع الاقتصادية أو حتى تحقيق السلام عبر التفاوض.. خاصة وأن تحقيق السلام في جنوب السودان يعتبر محفزاً لسلام المنطقتين.