تنمر النوع!
لطالما اختزل كثير من الناشطين والمدافعات عن حقوق النساء قضاياهن في التحرش والإقصاء، ولكن مؤخراً، هناك قضية بدأت تتضح معالمها كثيراً، ومسرحها هو وسائل التواصل الاجتماعي خصوصاً فيس بوك، باعتباره فضاء الحرية واسع الانتشار، كثرة ظاهرة الاشتباكات الإسفيرية بين الجنسين، سواء كانوا نشطين في العمل العام، أو مجرد مواطنين عاديين، فما أن طفت قضية إلى السطح بطلها سيدة تجد الناس انقسموا فريقين، مهاجمين ومدافعين، بين كم التعليقات الهائلة، تجد البعض يتقيأ صديداً ذكورياً بعيداً عن المنطق والموضوعية، تتجلى أزمته في أن موضوع القضية سيدة، يبذلون قصارى جهدهم في محاولة تبخيسها، والتقليل من جهودها، وتسويق نجاحها بأنه نتاج ماكياج صارخ، أو أنوثة طاغية، متجاهلين عقلها وفكرها ومقدراتها العلمية والعملية.
وتطورت تلك المعارك الجندرية إلى ما هو أبشع، حيث مضى بعض المتطرفين ذكورياً في تنمرهم إلى وصم كل سيدة ناجحة حققت قدراً من الشهرة وأصبحت نجمة مجتمع، بتصنيفها كمومس في ثوب مثقفة، فقط لأنها تجاوزت زعامتهم التاريخية على المجتمع، وكسرت طوق تابوهات تمجدهم صنعتها عقليات ذكورية في سابق الأزمان، اليوم كل امرأة مبدعة وناجحة ما هي إلا متطفل على مسرح أبطال مسرحياته هم الذكور، يجب طردها من مكان ليس مكانها، فكل مغنية هي سافرة، وكل مذيعة هي فارغة المحتوى تتباهى بجمالها، وكل صحفية هي مسترجلة…الخ.
إذن معارك التغيير الاجتماعي طريق صعب ملئ بالأشواك التي تدمي الأقدام، وثمنها باهظ تدفعه المؤمنات بقضاياهن حتى النهاية، معارك التحرير الفكري والمفاهيمي أشد ضراوة من غيرها، إذن يجب ألا نطلق سيوفنا في الهواء قط، يجب تصويب القوس في قلب الرجعية والذكورية المتجذرة فينا.
التحية لنساء بلادي الصامدات