نوافذ

دولة فيها نيلان .. البخلي الكهربا تقطع شنو ؟!

نضال

للطفولة ذكريات لا تطالها يد النسيان البتة…لكل منا مخبأ سري في ذاكرته يخرج من خزانته تلكم الذكريات، كما يخرج الماء من عمق الصحراء…
شخوص وأسماء تلوح من البعيد والقريب…نتذكرهم وكأنهم لم يكونوا من الماضي القصي…
بكل تفاصيلهم …
الكبيرة منها والصغيرة….
زارتني صديقتي بالأمس القريب..وأحضرت لي نوع المانجو الذي أحبه (المنقة الهندية)…تلك التي تذوب في فمك من دون أن ترهق فكيك..ولا أن تتعب أسنانك…
أحبها بشغف…
أحضرتها لي بحكم أنني لا أزال على حافة المرض…
افتكرت وأنا التهمها تلكم الطفلة الشقية…في السابعة من عمرها…
وهي تسرق (المنقة الهندية) بجهد تحسد عليه…
(طبعاً جارنا أبو القاسم كان عنده حوش ١٥٠٠متر ..مخصصه لزراعة الفايكس والليمون والمنقة الهندية واليوسفي..ونحن بيتنا الـ١٠٠٠متر مخصص منه ٣٠٠متر لزراعة الجوافة والنعناع والتمرهندي والريحان والخضروات من الطماطم إلى الجرجير مروراً بالبصل وحاجات كتار كده..يعني باختصار نأكل مما نزرع…وشخصي الضعيف…كان غير أنه ضعيف فعلاً…ضعيف قدام المنقة إياها…
وعم أبو القاسم صاحب الجنينة…ماكان حارمنا من شيء والله …لكن أبوي كان جاراً حساساً…ترتب على هذا الإحساس ضرب مبرح لأكثر من سنتين…))
كان جسمي يستعد فسيولوجياً ونفسياً ليضاعف قدرته على احتمال الضرب…كنت استمتع لأنني أتلقى الضرب بعد أن أكون قد أخذت كفايتي المؤقتة من قطع المانجو…لتمدني بالطاقة التي أحتاج لبذل نصفها في تلقي الصفعات، والنصف الآخر في محاولة جادة للحيلولة دون تلقي الصفعات الأخرى…
أذكر أنني اتفقت مع أختي لوالدي لتنفيذ مخطط الاستيلاء على حبات المانجو تلك…وكادت الخطة أن تنجح لولا أنني رأيت (صارقيل كبير)على حد معرفتي آنذاك…بحكم أنني (مربية مدينة) زي ما بتقول حبوبة بت سعيد…
كان يتلوى على الأرض وكنت أحاول الإمساك به، مما شغلني عن مراقبة الأجواء ريثما تؤدي أختي مهمتها بسلام…
أختي لوالدي كانت من مواليد قريتي…(مَرَبّيَة حَلاّل)..
جاءت لتصب جام غضبها علي، ولكنها صرخت عالياً ورمت حبات المانجو، وبدأت تجري بعيداً عني وتصيح :(الدبيييب الدبييييب)…
لم أفقه شيئاً مما قالت …غير أن هذا (الدبيب) بدأ في الزحف ناحية منزلنا..وهنالك تم قتله بعد جهد جهيد (وكوم سكاليب)…
كان ذلك اليوم آخر عهدي بجنينة عمو أبو القاسم…وكان آخر عهدي بهذا الطعم الرائع للمانجو…
الآن أنا أدين وأشجب واستنكر كل تلك المحاولات التثبيطية التي تحول دون أن ينال المرء ما يحب ما لم يغضب الله..حتى وإن لم يكن ما يحب هذا (منقة هندية)…
طيب عمو أبو القاسم سمح لينا…إنت يابا حامينا لي شنوو؟؟؟
آها يلللا جبنا الكلام ده ليييه؟؟؟
عشان سد زي مروي ارتفاعه ٦٧متراً وطوله ٩.٦كيلومتر…ينتج طاقة بقوة ١٢٥٠ ميغاواط….
عامل زي جنينة عمو أبوالقاسم مليانة لامن دافقة…
البيخلي الكهرباء تقطع بصورة يومية لأكتر من ساعة شنو وووووو!؟؟
أخير دقة أبوي…والله ١٠دقائق والموضوع ينتهي…والواحد يطلع بي قزازة بيبسي تمن تحنيس وكده…
لكن تعال شوف…
تتصل على ناس الكهرباء..يرفعوا البلاغ..وينزلوا ضغط دمك…ساعة
.ساعتين..ولاحياة لمن تنادي..
أبسط حقوقنا كمواطنين في دولة فيها نيلان وبحووور…
إننا ننعم بي موية وكهربا دايمااات…
لكن للأسف…
لاهذا ولاذاك…
المهم غايتو..
سيظل لساني عصياً على الصمت..وكلما ألقى لي كهربا قاطعة بخلي باب بوحي فااااتح…
كبرنا على تليب حيط الجناين…لكن تظل كل حيطة في مواقع التواصل الاجتماعي..أو الجرائد عموماً في متناول قلم الجميع.

مشاركة

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية