رأي

الحاسة السادسة

الحرب على الفساد!!

رشان أوشي

يبدو أن الحرب على الفساد الذي أفقر الشعب السوداني بدأت تستعر، ويبدو أيضاً أنها حرب في العلن، ما يشي ببعض الجدية من الدولة، كما أنها كشفت إلى أي مدى تم التلاعب بالمال العام طيلة السنوات الماضية، ما يوضح أن حالة الفقر التي يعيشها الشعب الآن ما هي إلا نتاج لمنظومة فساد مكتملة الأركان، محمية بالسلطة في وقت ما، وهو ما ظل يتحدث عنه الناس كثيراً ولأعوام، أن هناك من ظهر عليهم الثراء الفاحش فجأة، بعد أن كانوا معدمين، ولم ينفك ذلك الثراء من الصلة بالسلطة.
حملت صحف الخرطوم أمس الأول خبراً مهماً، يفيد بأن فرقاً كونتها الدولة لمحاربة الفساد كشفت عن وجود تباين في الأرقام بين الأموال المصدق بها لقيام عدد من مشروعات التنمية الاتحادية والأموال التي تم صرفها فعلياً، مؤكدة اكتشافها تجاوزات مالية خطيرة.. ولنزدهم من الشعر بيتاً أن غالبية مشاريع التنمية التي صادقت عليها الدولة ما هي إلا مشاريع لثراء البعض، وربما جميعها طالته التجاوزات وحالات السطو على المال العام، خاصة تلك المشاريع التي قصد بها تنمية المناطق المتأثرة بالحرب، معظمها لا يعدو كونه لافتة تحمل اسم المشروع في العراء.
قبل عامين كنت أجري تحقيقاً صحافياً حول صندوق إعمار شرق السودان، تواصلت خلاله مع مواطنين وأعيان وإدارات أهلية في ولايات الشرق الثلاث، ومنهم نواب برلمانيون قوميون وولائيون، أكدوا لي جميعهم (وقد نشرت الإفادات في التحقيق) أن كثيراً من مشاريع صندوق الإعمار لم يتم تنفيذها، وتم تسلُّم أموالها من المانحين ووزارة المالية، وذهبت تلك الأموال إلى جهات غير معلومة.
ذات التجاوزات التي صاحبت مشاريع التنمية في شرق السودان، جرت مثيلتها في دارفور، منذ إعلان السلطة الانتقالية وليدة اتفاق (أبوجا) للسلام.. إذ عندما زرت ولايات دارفور الخمس في العام 2015م، وجبت قراها ومدنها براً، وجدت أن معظم المشاريع المصادق عليها ما هي إلا لافتات في العراء، ونشرت بموجبها تحقيقاً صحافياً مصحوباً بالمستندات والأرقام وقتها.
خلاصة القول.. يجب على فريق مكافحة الفساد اقتحام هذه الأجسام الهلامية، التي اغتنى من ورائها الموظفون والإداريون وأصحاب الولاء السياسي، واستعادة أموال أهل تلك البقاع المطحونين تحت عجلة الفقر والعوز وقلة الخدمات.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية