إهمال!!
انتقلت أربع سيدات إلى الرفيق الأعلى أثناء عمليات توليدهن بمستشفى ود مدني حسب ما نشرت الصحف، أمس.. هؤلاء النسوة فارقن الحياة خلال (24) ساعة، أي خلال يوم واحد، ولم يحرك الأمر البرك الساكنة في وزارة الصحة، ومرّ مرور الكرام وكأنهن خراف نفقت.
قبل شهر انتشرت على وسائط التواصل الاجتماعي صورة لجثة على السرير الأبيض داخل مستشفى بحري، والمرضى من حولها يتلقون علاجهم وكأنه لم يحدث شيء.. وعندما انتشر الخبر والصور كالنار في الهشيم انصرفت إدارة المستشفى ووزارة الصحة إلى معركة جانبية، وهي مقاضاة المواطن الذي قام بتصوير الجثة، وانحرفت القضية عن مسارها الحقيقي، واتجهت لمعاقبة المواطن بدلاً عن مساءلة إدارة المستشفى ووزارة الصحة الولائية.. قضية كهذه في دولة متقدمة كانت كافية لإقالة الوزير وطاقمه ومعاقبتهم بلا هوادة.
أمس.. نشرت سيدة “استيتس” على موقع (فيسبوك)، تدعو فيه على مشفى شهير، وطبيب أشهر، وتتهمه بإهمال والدها الذي يتلقى العلاج لديهم حتى فارق الحياة، موضحة أنهم أنفقوا كل ما يملكون من مال لعلاجه، وفي النهاية توفي بسبب الإهمال والأخطاء التي لازمت مسيرة الطب في البلاد خلال السنوات الأخيرة.
قبل أيام شكا مرضى الفشل الكلوي ممن يتلقون علاجهم عبر جلسات الغسيل بمستشفيات العاصمة والولايات من انعدام الأمصال، وتوقُّف معظم أجهزة غسيل الكلى لعدم صيانتها.. هؤلاء البشر أرواحهم على المحك، والإهمال فيها بمثابة الإبادة الجماعية.
كل ذلك والصمت يخيم على رؤوس الجميع.. لم تتحرك جهة عليا لمحاسبة وزير الصحة، ولا حتى فش غليل المواطنين المكلومين وإقالة حتى مدير إدارة، وكأن أرواح الناس لا قيمة لها، وحياتهم لا جدوى منها.. ولا يقتصر الأمر على هذا فقط، بل يزيدون غبننا بتصريحات مستفزة وقاتلة على شاكلة: (الدولة تصرف على مرضى السرطان وفي الآخر يفارقون الحياة).
وفاة سيدات مستشفى ود مدني تعدّ جريمة شنيعة، يجب أن تُواجَه بمحاسبة القائمين على أمر العلاج في البلاد ابتداءً من وزارة الصحة، مروراً بإدارة المستشفى.